شهد الذهب خلال عام 2025 صعوداً غير مسبوق، محققاً أكبر قفزة منذ أزمة النفط عام 1979، حيث ارتفع بنسبة 64%، وسط زيادة الطلب عليه كملاذ آمن في ظل التقلبات الاقتصادية والسياسية العالمية.
ويعود هذا الارتفاع إلى مجموعة من العوامل، أبرزها المخاوف من السياسات الأمريكية، الحرب في أوكرانيا، زيادة طلب البنوك المركزية والمستثمرين، إضافة إلى دوره كتحوط ضد التضخم وانخفاض قيمة العملات.
وأشار الاستراتيجي في بنك “أوف أمريكا”، مايكل ويدمر، إلى أن موجة شراء الذهب الحالية مدفوعة بتوقعات تحقيق المزيد من المكاسب، إلى جانب رغبة المستثمرين في تنويع محافظهم الاستثمارية، خصوصاً مع العجز المالي الأمريكي المتزايد ودعم عجز الحساب الجاري والسياسات النقدية المتساهلة للدولار.
ويتوقع محللون أن يستمر الذهب في الاتجاه التصاعدي خلال 2026، رغم اختلاف التقديرات حول حجم الارتفاع. فقد توقع “مورغان ستانلي” أن يصل سعر الأونصة إلى 4500 دولار بحلول منتصف العام المقبل، بينما رجح “جي بي مورغان” أن يتجاوز متوسط الأسعار 4600 دولار في الربع الثاني ويصل إلى أكثر من 5000 دولار في الربع الرابع.
أما “ميتال فوكس”، فقد أشارت إلى أن سعر الذهب قد يصل إلى 5000 دولار للأونصة، مستندة إلى المخاوف بشأن استقلالية الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، النزاعات الجمركية، والتوترات الجيوسياسية المتصاعدة.
في المقابل، اعتمد بعض الاقتصاديين توقعات أكثر تحفظاً، حيث قدرت “ماكواري” أن يكون معدل صعود الذهب أبطأ، ليصل متوسط الأسعار إلى نحو 4225 دولاراً للأونصة، ما يعكس تباطؤ مشتريات البنوك المركزية وتدفقات الأموال نحو صناديق الاستثمار المتداولة في الذهب خلال العام المقبل.
وفي سياق متصل، أشار بنك التسويات الدولية إلى أن ارتفاع الذهب هذا العام تزامن مع ارتفاع أسواق الأسهم، وهو ما لم يحدث منذ نصف قرن.
ويثير هذا التزامن عدة تساؤلات حول المستقبل، إذ اعتُبر شراء الذهب تحوطاً ضد الانخفاضات الحادة المحتملة في سوق الأسهم، إلا أن محللين يحذرون من استمرار المخاطر، حيث غالباً ما تضطر التصحيحات الحادة للأسهم إلى بيع أصول الملاذ الآمن مثل الذهب.
هذا ولطالما اعتُبر الذهب معياراً للاستقرار الاقتصادي وحصناً ضد الأزمات المالية والسياسية. ومع زيادة تقلبات الأسواق العالمية، وتحولات السياسات النقدية، واستمرار النزاعات الدولية، أصبح الطلب على الذهب أكثر قوة من أي وقت مضى.
وتشير التحليلات إلى أن المستثمرين سيستمرون في الاعتماد على الذهب ليس فقط كملاذ آمن، بل كأداة استثمارية استراتيجية في المحافظ المالية على المدى الطويل.






اترك تعليقاً