أسفرت هجمات شنتها قوات “الدعم السريع” على قرى شمال مدينة النهود في ولاية غرب كردفان عن مقتل 27 شخصاً وإصابة 43 آخرين، بحسب ما أفادت به شبكة “أطباء السودان” في بيان نقلته صحيفة سودان تربيون.
ودعت الشبكة إلى تحرك دولي عاجل لوقف ما وصفته بـ”الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون”، والمطالبة بفتح ممرات إنسانية لإنقاذ المهجرين قسرًا.
وتأتي هذه التطورات الدامية وسط تصاعد حدة المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في غرب كردفان، إحدى أكثر مناطق السودان اشتعالًا منذ اندلاع الحرب في أبريل 2023، حيث تحتدم المعارك حول مناطق استراتيجية تضم غالبية الحقول النفطية، مثل هجليج، أبو جابرة، وبليلة.
وتشير التقارير إلى سيطرة قوات “الدعم السريع” على معظم أجزاء الولاية، بما في ذلك مدينة الفولة، عاصمة غرب كردفان، بينما يحتفظ الجيش بالسيطرة على بابنوسة وبعض حقول النفط الحيوية.
وفي ظل تصاعد العنف وتفاقم الأزمة الإنسانية، أكد الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، الخميس، أن بلاده “تدعم بقوة الوقف الفوري للحرب الأهلية في السودان”، مشددًا على أن الإمارات تعمل بشكل فعّال مع شركاء إقليميين ودوليين لإحلال السلام.
وكتب قرقاش عبر منصة “إكس”: “ربما يتم تحريف رسالتنا أو لا يتم سماعها بوضوح، لذا سنكون واضحين: تدعم دولة الإمارات العربية المتحدة بشدة الوقف الفوري للحرب الأهلية في السودان”، مؤكدًا دعم بلاده لحكومة مدنية مستقلة تمثل تطلعات الشعب السوداني.
وتأتي هذه التصريحات في وقت تشهد فيه العلاقات بين الإمارات والسلطات السودانية توترًا غير مسبوق، إذ سبق أن أعلن مجلس الأمن والدفاع في السودان، في مايو 2025، قطع العلاقات الدبلوماسية مع الإمارات، متهمًا أبوظبي بدعم “ميليشيات تهدد الأمن القومي”، وسحب السفير السوداني من الإمارات، وإغلاق السفارة والقنصلية واستدعاء الأطقم الدبلوماسية.
وردّت وزارة الخارجية الإماراتية آنذاك بأن “البيان الصادر عن سلطة بورتسودان لا يمثل الحكومة الشرعية للسودان”، مؤكدة أن “العلاقات بين الشعبين ستبقى راسخة”، ونافية في الوقت ذاته أي تزويد لأطراف الصراع السوداني بالأسلحة.
الأمم المتحدة: تدهور خطير في الوضع الإنساني بالسودان وسط تصاعد العنف وانهيار سلاسل الإمداد
أعربت الأمم المتحدة عن قلقها العميق إزاء التدهور المتسارع في الأوضاع الإنسانية في السودان، في ظل استمرار الاشتباكات وتصاعد القيود المفروضة على وصول المساعدات، خصوصاً في ولايات كردفان ودارفور التي تشهد أوضاعاً كارثية.
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، إن مدينة كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان شهدت الثلاثاء اشتباكات عنيفة، ترافقت مع محاولات مسلحين الاستيلاء على مواد غذائية من الأسواق المحلية، وسط انهيار شبه تام للأمن.
وأوضح المتحدث باسم الأمين العام، ستيفان دوجاريك، أن كادوقلي أصبحت “معزولة بالكامل”، بعد إغلاق آخر طريق إمداد رئيسي يربطها بولاية شمال كردفان، محذراً من أن هذه العزلة قد تؤدي إلى تفاقم أزمة الجوع وندرة الإمدادات الإنسانية الأساسية.
وفي إقليم دارفور، تفاقمت الأوضاع الإنسانية بسبب الفيضانات والأمطار الغزيرة التي أدت إلى قطع الطرق بين مدينة الجنينة ومناطق مورني وزالنجي، ما ينذر بانقطاع الإمدادات عن آلاف النازحين في وسط وجنوب دارفور، حيث تتزايد الاحتياجات العاجلة للمياه والغذاء والمأوى.
وأكدت الأمم المتحدة أن الوضع الإنساني في السودان بلغ مستوى “كارثي”، مع تعثر جهود الإغاثة، وتوسع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما يهدد حياة ملايين المدنيين، ويقوض فرص الوصول إلى أي حل سلمي للأزمة الممتدة منذ أكثر من عام.
هذا ويستمر النزاع في السودان للعام الثالث على التوالي بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”، وسط فشل متكرر للوساطات العربية والأفريقية والدولية في التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار. وقد أدى النزاع إلى انهيار واسع في الخدمات الصحية والمرافق الحيوية، إلى جانب كارثة إنسانية تمثلت في نزوح ملايين المدنيين داخليًا وخارجيًا، وسط تحذيرات أممية من اتساع رقعة المجاعة وانتشار الأوبئة.
عودة “الإسلاميين” إلى واجهة المشهد السوداني بدعم عسكري وتطلعات سياسية بعد الحرب
كشف قياديون في “الحركة الإسلامية” السودانية عن استعدادهم لدعم استمرار الجيش في الحكم، في وقت تسعى فيه الحركة إلى استعادة نفوذها السياسي، مستفيدة من مشاركتها في القتال الدائر في البلاد.
وفي أول ظهور إعلامي له منذ سنوات، قال أحمد هارون، القيادي البارز في نظام البشير والمطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، إن الجيش قد يبقى في السلطة بعد انتهاء الحرب، معتبراً أن الانتخابات المقبلة قد تتيح لحزبه “المؤتمر الوطني” والحركة الإسلامية فرصة العودة للحكم، دون المشاركة في أي حكومة انتقالية غير منتخبة.
وأكد هارون، في مقابلة مع وكالة “رويترز”، أن الجيش يجب أن يحتفظ بدور سيادي دائم، “نظراً للهشاشة الأمنية والتدخلات الخارجية”، مقترحاً استفتاءً شعبياً على من يقدمه الجيش لرئاسة الحكومة.
ورغم نفي قيادة الجيش أي تحالف سياسي، نقلت “رويترز” عن سبعة من أعضاء الحركة وستة مصادر عسكرية وحكومية تأكيدهم تنامي نفوذ الإسلاميين داخل المؤسسة العسكرية، وتحدثت وثيقة حصلت عليها الوكالة عن مشاركة آلاف المقاتلين المرتبطين بالحركة في العمليات العسكرية، وتشكيل وحدات قتالية خاصة مثل “كتيبة البراء بن مالك” التي خاضت معارك شرسة بالعاصمة.
وتعزز هذه التحركات المخاوف من “الردة” على الانتفاضة التي أسقطت نظام البشير عام 2019، وسط تحذيرات من منظمات حقوقية من انتهاكات ترتكبها وحدات مرتبطة بالإسلاميين، في ظل إنكار رسمي وتأكيد من الجيش على أن لا علاقة تنظيمية تربطه بأي حزب سياسي.
في المقابل، اتهمت قوات الدعم السريع “الإسلاميين” بإشعال الحرب سعياً للعودة إلى السلطة، معتبرة أنهم يسيطرون فعلياً على قرار الجيش، فيما يحاول قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، بحسب مصادر عسكرية، تحقيق توازن بين حاجته إلى دعم الإسلاميين ورفضه العلني لتحالفات سياسية.






اترك تعليقاً