14 % نسبة الفقر في الأردن

بحسب تقرير حالة الفقر في الأردن للعام 2010، ارتفعت نسبة الفقر إلى 14.4 بالمئة، وكان مقدرًا أن ترتفع إلى 17 بالمئة لولا الانفاق الحكومي لدعم الأسر الفقيرة. لكن هذا الدعم لم يحول الأسر إلى أسر منتجة، فبقيت نوعية الحياة على تدهورها.

أصدر المجلس الاجتماعي الاقتصادي ووزارة التخطيط والتعاون الدولي الاردنية تقريري “حالة الفقر في الاردن للعام 2010” و”نوعية الحياة في الاردن 2002-2010″، بهدف وضع المعطيات الجديدة أمام صنّاع السياسيات الاقتصادية في الاردن، للعمل على وقف الاستنزاف المتواصل في موارد الدولة لمصلحة ارتفاع معدلات الفقر والبطالة في المجتمع الاردني.

ارتفاع نسبة الفقراء

أظهر تقرير “حالة الفقر في الاردن للعام 2010” أن الإنفاق على المسكن وملحقاته سجل أعلى متوسط إنفاق سنوي للأسر الفقيرة ليحتل المرتبة الاولى، فيما تراجع الإنفاق السنوي على التعليم ليحتل المرتبة الخامسة.

ووفقًا للتقرير، بلغت نسبة الفقر في الأردن بين الأفراد 14.4 بالمئة في العام 2010، مقارنة بنحو 13.3 بالمئة في آخر دراسة للعام 2008، ما يعني زيادة نسبة الفقراء عن آخر مسح بنحو 0.1 بالمئة فقط، وهي نسبة يضعها المراقبون الاقتصاديون ضمن معدلات الخطأ في الدراسة.

وتضمن التقرير تحليلًا موسعًا ومتكاملًا لمؤشرات الفقر، بالاستناد إلى بيانات مسح نفقات ودخل الأسرة للعام 2010 في المملكة، حيث بلغ خط الفقر المدقع للأسرة (خط فقر الغذاء) ما قيمته 151.2 دينار شهريًا، علمًا بأن خط فقر الغذاء قد بلغ 336 دينارًا للفرد سنويًا، أي 28 دينارًا للفرد شهريًا.

ارتفاع الانفاق

ونوه التقرير بأن اعتبار الفرد فقيرًا بحسب هذه المنهجية يرتبط بخط الفقر العام للمملكة، أما نسبة الفقر المدقع فقد بلغت أقل من نقطة مئوية واحدة وأقل من القيمة المستهدفة 3.3 بالمئة بحلول العام 2015، بحسب الأهداف الإنمائية للألفية.

وبالنسبة إلى إنفاق الأسرة، أظهرت الدراسة ارتفاع متوسط إنفاقها في العام 2010 على السلع الغذائية بأسعار 2010 بنسبة ثلاثة بالمئة عن العام 2008، وعلى السلع غير الغذائية بنسبة 9.6 بالمئة.

وبيّن التقرير التحسن في عدالة توزيع الدخل في الأردن، وذلك لإنخفاض معامل جيني بما نسبته 4.5 بالمئة بين العامين 2008 و2010 حيث انخفض من 0.393 إلى 0.376 نقطة. ويعكس معامل جيني عدالة توزيع الدخل للأفراد، وتكون العدالة أكبر كلما اقتربت قيمته من الصفر.

أثر الدعم الحكومي

تناول التقرير تحليلًا لأثر التدخلات الحكومية المباشرة بالأسعار الجارية خلال العام 2010 وانعكاسه على ظاهرة الفقر، وتبين أنه في حال استثناء تحويلات صندوق المعونة الوطنية فقط من إجمالي دخل وإنفاق الأسر، فإن نسبة الفقر كانت ستبلغ 15.8 بالمئة، بدلًا من نسبة الفقر الفعلية التي تبلغ 14.4 بالمئة.

وعند إستبعاد كل أشكال الدعم الحكومي المباشر من دخل وإنفاق الأسر، ويشمل صندوق المعونة الوطنية والإعانات من جهات حكومية اخرى وزيادات الرواتب للموظفين والمتقاعدين والعسكريين في القطاع العام وطرود الخير الهاشمية وقيم المعونات النقدية والعينية المقدمة من وزارة الأوقاف وصندوق الزكاة والتحويلات الحكومية الأخرى، فإن نسبة الفقر كانت ستبلغ 17 بالمئة. وعليه، فإن إجمالي التدخلات الحكومية قد ساهم في الحد من إرتفاع نسبة الفقر.

نوعية الحياة لأول مرة

نشرت الوزارة تقرير “نوعية الحياة في الأردن 2002-2010″، الذي تم إعداده لأول مرة في الأردن، بعدما كان الأردن يعتمد في قياس الفقر آليه احتساب القيمة النقدية والسعرات الحرارية المستهلكة، وهي الطريقة المتبعة لدى البنك الدولي والمعتمدة رسميًا لدى معظم دول العالم في قياس الفقر.

تقوم المنهجية المعتمدة في هذا التقرير على تصميم دليل نوعية الحياة، لتقييم نوعية حياة الاسر استنادًا إلى مجموعة من المؤشرات الاقتصادية والاجتماعية، التي تعبر عن نوعية حياة الاسرة وأفرادها.

وتم بناء مؤشرات الدليل بالاعتماد على مسح نفقات ودخل الاسرة للعامين 2002-2010، وذلك لأغراض المقارنة ومعرفة مدى التغيير في مستويات نوعية الحياة، إذ اقتصر الدليل المقارن على ميادين التعليم والمسكن والوضع الاقتصادي، وتمت الاشارة إلى المؤشرات بحسب المحافظات، والحضر والريف، وحجم الاسرة، ونسبة الاطفال في الاسرة، المصدر الرئيسي للدخل، والخصائص الرئيسية لرب الاسرة مفصلة في ما اذا كان رب الاسرة رجل او امراة، ووضع العمل، وقطاع العمل والمهنة والمستوى التعليمي والعمر.

وأظهرت الدراسة اتساع الفجوة بين الريف والحضر في توافر خدمات البنية التحتية من مياه وصرف صحي وكهرباء، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات الالتحاق بالتعليم والخدمات الصحية وغيرها من مؤشرات التنمية البشرية في الحضر عنها في الريف.

ثلث الدخل تحرقه السجائر

اعتبرت الدراسة أن سلة السلع الغذائية على اختلاف أنواعها سواء من حيث توفيرها أو توزيعها أو استهلاكها تشكل إحدى أهم قضايا الحياة اليومية، سواء على مستوى الفرد أو الأسرة أو المجتمع، أو حتى على مستوى التكتلات الدولية، فيما احتلت اللحوم والدواجن المجموعة الأولى من حيث الإنفاق الاستهلاكي الأسري السنوي، من بين مجموعات الإنفاق الغذائية الأخرى.

وبيّن تحليل الإنفاق الاستهلاكي للأسر أهمية مجموعة التبغ والسجائر في سلة المستهلك الأردني، إذ احتلت مرتبة متقدمة في الإنفاق على السلع الغذائية للعام 2010، وكان ترتيبها الثالث بسبب انتشار ظاهرة التدخين في المملكة، خصوصًا بين فئة الشباب.

ويشير التقرير إلى أن متوسط إنفاق الأسر الاردنية على مجموعة التبغ والسجائر يعد أكبر مما تنفقه الأسرة على أي من المجموعات الغذائية الأخرى، باستثناء مجموعتي اللحوم والدواجن والحبوب ومنتجاتها، إذ بلغ متوسط الإنفاق السنوي على التبغ 312.4 دينار.

كما تشير البيانات إلى وجود علاقة وثيقة بين التعليم والفقر. فكلما ارتفع المستوى التعليمي لرب الأسرة كلما انخفض مستوى الفقر وتحسن مستواها المعيشي، بالاضافة إلى علاقة قوية بين المستوى التعليمي للذكور والإناث والفقر إذ أن أرباب الأسر الفقيرة هم من حملة المؤهلات التعليمية المنخفضة.

إنفاق بلا جدوى

قال الخبير الاقتصادي الدكتور ابراهيم سيف لـ”إيلاف”:  “اعتقد أن السياسيات الحكومية والاستراتيجيات الاقتصادية، وبناء على الأرقام التي تشير إلى استقرار نسبة الفقر في المملكة بحوالي 14.4 بالمئة تعني أن هذا الاستراتيجيات تسير في الطريق الخاطئ، كونها لم تغير شيئًا من معدلات الفقر وبالبطالة”.

وأكد سيف ضرورة أن تعمل الحكومات الاردنية، وبشكل سريع، على مراجعة برامج الانفاق الوطنية، وخصوصًا دعم الأسر الفقيرة ومتدنيي الدخل، التي يقدمها صندوق المعونة الوطنية، داعيًا للبحث عن بديل لها، “لأن الملايين التي انفقتها الحكومات الاردنية لم تنجح لغاية الآن في خفض نسبة الفقر والبطالة، فالدعم الذي تقدمه الحكومة يمثل سياسية استمرارية الدعم للاسر الفقيرة من دون العمل على ربطها بسوق العمل، ومراجعة من هي العائلات الفقيرة التي يمكن أن تصبح منتجة اقتصاديًا، وبالتالي لا تستمر في الحصول على دعم مباشر من الدولة”.

حماية الطبقة الوسطى

أوضح سيف لـ”إيلاف” أن لا وجود لحلول سحرية وفورية لمشكلتي الفقر والبطالة، “إنما المطلوب هو وضع استراتيجية اقتصادية دقيقة تنفذ خلال 3 إلى 5 سنوات، وتعمل على حماية الطبقة دون الوسطى، ونستبها في المجتمع الاردني هي الاعلى، والتي تعد مهددة بان تدمج في الطبقة الفقيرة، في ظل احتمالات ارتفاع معدل التضخم خلال العام القادم بنسبة 5 بالمئة تقريبًا”.

وأشار سيف إلى أن السياسات الحكومية الاقتصادية في ما يتعلق بتحقيق تنمية مستدامة افرزت نتائج عكسية، إذ أصبح الدعم الذي تقدمه البرامج الانفاقية سياسة دائمة غير مبنية على قاعدة إنتاجية لخلق فرص عمل، وبالتالي محاربة الفقر والبطالة، وليس إدامتهما في المجتمع الاردني كما يحدث حاليًا.

وحول ما إذا كانت نتائج تقرير الفقر ونوعية الحياة واقعية، كونها تتحدث عن العام 2010 أي قبل هبوب رياح الربيع العربي على المنطقة، قال سيف: “لا بد من الاخذ في الحسبان المتغيرات الاقليمية، خصوصًا مع تدفق أكثر من ربع مليون لاجئ سوري إلى الأردن، بالرغم من انها لن تغير الكثير على المديين المتوسط والبعيد”.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً