حتى تعود ليبيا المختفية

حتى تعود ليبيا المختفية

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

article1_17-7-2016 (1)

ليبيا تختفي شيئا فشيئا وان تختفي تماما ما علينا الا الانتظار حتى يؤدي الزمن حركة اختفاء وغياب ليبيا ودلائل ذلك هي مدركة وواضحة لكل متتبع لشأن ليبيا، فليبيا اختفت كدولة سياسية واقتصادية ولم يبق فيها الا بعض شعب بعضه مهجر وبعضه نازح وبعضه الباقي في ليبيا في حالة من التهيئة من بعد تعذيبه معيشيا ليهاجر هو الاخر ببعضه من ليبيا او يقبل او يطلب بان يكون من رعايا دولا اخرى ويرجع ذلك لعدم وجود قوة وطنية.. لعدم وجود عقيدة وطنية في ليبيا.

حتى تعود ليبيا المختفية، لابد من ترسيخ العقيدة الوطنية ونبذ العقائد السياسية والعقائد الاجتماعية فالسياسية كعقيدتي فبراير وسبتمبر والعقائد الاجتماعية كعقيدتي القبيلة و العرق الوطني والنظر لبعضنا كأبناء وطن واحد  وليس ابناء عقائد سياسية أو أبناء عقائد اجتماعية فهذه بنوة غير شرعية لا اصل لها والبنوة الشرعية هي البنوة الوطنية ولا يجوز التعلق ببنوة غير شرعية مثل أبناء فبراير او ابناء سبتمبر او ابناء القبيلة تلك او ابناء الامازيغ أو أبناء التوارق او التبو، إنما الصحيح هو التعلق ببنوة الشعب الليبي اي ابناء الشعب الليبي، ابناء ليبيا ومن يتعلق ببنوة غير بنوة الشعب الليبي وهى البنوة الوطنية الجامعة فهو ناكر لأصله الوطني ومتعلق بأصل غير وطني ومع ترسيخ العقيدة الوطنية لابد من ترسيخ العقيدة الدينية الوطنية المعتدلة المتمثلة في المذهب المالكي السني السلفي ونبذ العقائد الدينية الوافدة من مناهج الانحراف كالسلفية السعودية والقاعدة وتنظيم الدولة والتشيع وغيرها وذلك سيؤمن ليبيا من الحروب والانتقام والثأر ويعيد الاصل الوطني الذي اختفى بسبب هذه العقائد وسيؤمن ليبيا من الحروب والصراعات.

ومتى أمنت ليبيا من الحروب والصراعات الدينية ستظهر لكم دعائم قيام وطنكم المختفي بين هذه العقائد الضالة المضلة وستقبضون على المحن والازمات والمشاكل من أعناقها حتى تتجاوزوها بيسر، من ترسيخ العقيدة الوطنية ونبذ العقائد السياسية والاجتماعية والدينية وترسيخ العقيدة الدينية الوطنية المعتدلة تبدأ عودة ليبيا المختفية وتترسخ دعائم دولتكم الضائعة فاغلب العواصف التي غيبت وأخفت ليبيا هي قائمة على اساس حكومات غير وطنية، حكومات عقائدها سياسية انانية او اجتماعية متخلفة او دينية منحرفة.

قام المؤتمر الوطني العام البائس على اساس عقيدة سياسية وهى عقيدة فبراير وعقائد دينية منحرفة كالسلفية الجهادية والاخوان المسلمين وغيرهما وليس عقيدة وطنية وقد بدأ ذلك واضحا من انتماء أفراده لجماعات دينية وسياسية يعمل لأجلها ولا يعمل لأجل ليبيا بالمطلق وقامت الحكومات المفرزة منه على اساس عقيدة سياسية وعقائد دينية منحرفة وليس عقيدة وطنية وبدأ ذلك واضحا من انتماء اعضاء الحكومات والوزراء للقاعدة والسلفية الجهادية والدعوية والاخوان المسلمين ولفبراير فكانت حكومات داعمة عاملة لأجل هذه العقائد وليس لأجل ليبيا بالمطلق وقام مجلس النواب التعيس على أساس عقيدة اجتماعية متخلفة وهى عقيدة القبيلة والانتماء الاجتماعي فرشحت القبائل نواب غير وطنيين اي قبليين يقدسون عمائم شيوخ القبائل ولا يقدسون وطنا ورشحت المناطق نواب غير وطنيين لا تتجاوز تطلعاتهم حدود مناطقهم الى الحدود العامة لليبيا فكان مجلس النواب مجلس قبائل ومناطق وليس مجلس نواب وطني وكان الامر جليا واضحا في تعطيل اعمال مجلس النواب وتعطيل اي بادرة وطنية عامة لأجل مناطقهم وقبائلهم ونسف المساعي المنقذة لليبيا لأجل قبائل ومناطق وجليا وواضحا في الحكومة المؤقتة المفرزة من مجلس النواب والتي تأتمر بشيوخ القبائل على حساب المصلحة العليا لليبيا والتي تقدم خدماتها لمناطق بعينها دون مناطق وقامت حكومة الوفاق على جمع عناصر تنتمي الى عقائد سياسية واجتماعية ودينية في محاولة توافقية ائتلافية فاشلة فصارت حكومة عاجزة لان كل عنصر من المجلس الرئاسي يسعى نحو فائدة عقيدته وليس نحو الفائدة الوطنية.

وقامت لجنة الدستور هي الاخرى على العقيدة الاجتماعية المتخلفة كعقيدة العرق الوطني وعقيدة القبيلة والمنطقة فكان السعي لفائدة العرق الوطني او القبيلة او المنطقة في صياغة الدستور دون السعي الى الفائدة الوطنية العامة فغضت الطرف على الثوابت الوطنية ووجهت مقصد دستورها الى الثوابت القبلية والعرقية عبر افراد في لجنة يفترض ان يكونوا لجنة صياغة فحسب وليس لجنة واضعة للدستور فأصبح دستورا يعطله الهرج والمرج والثرثرة والشجار، هذه البنية المقرفة التي قامت عليها فبراير لن تبني وطنا ولن توحد شعبا الا ان تهدمه.. الا ان تفرقه، فلا يجوز تقديم العقيدة السياسية الانانية او الدينية المنحرفة او الاجتماعية المتخلفة عن العقيدة الوطنية الجامعة لمن يريد وطنا وكل من يقدم ذلك هو يسعى لتخريب الوطن فلا يتحمل الوطن الواحد حشوه بمقاصد متفرقة خاصة سياسية او اجتماعية او دينية الا ان يتفتت من بعد حشوه  وهناك مقاصد عامة وثوابت وطنية للكل وعلى الكل وهى مذهب أساسي في بناء الاوطان لا يجوز تلافيه والذهاب الى مذاهب ثانوية مفتتة لليبيا سياسية او اجتماعية او دينية كما هي مذاهب فبراير وسبتمبر ومذاهب الأحزاب السياسية ومذاهب الاعراق الوطنية ومذاهب القبائل ومذاهب الجماعات الدينية المنحرفة كالسلفية الجهادية والدعوية والقاعدة والاخوان المسلمين وغيرهم.

[su_note note_color=”#cdf4f6″]هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن عين ليبيا[/su_note]

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

اترك تعليقاً