عبد المنعم الحر لـ«عين ليبيا»: سقوط طائرة الحداد يحيطه غموض أمني خطير

قال أستاذ العلوم السياسية ورئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان في ليبيا عبد المنعم الحر، إن حادثة سقوط الطائرة الخاصة التي كانت تقل رئيس الأركان الليبي الفريق محمد الحداد وعددًا من مرافقيه في العاصمة التركية أنقرة، والتي أدت لاستشهادهم، تثير جملة من التساؤلات الدقيقة والمعقدة، خاصةً في ظل التوقيت الحرج إقليميًا ودوليًا، والموقع الحساس للحدث قرب أحد أهم مطارات دولة عضو في حلف الناتو.

وأوضح الحر لشبكة عين ليبيا، أن ملابسات الحادث ومسار الشك يبدآن من الموقع والتوقيت، حيث إن سقوط الطائرة على مقربة من مطار أنقرة داخل المجال الجوي الخاضع لأعلى درجات المراقبة العسكرية والمدنية، وفي دولة تتمتع بإحدى أقوى أنظمة الدفاع والرصد في العالم، يجعل من فرضية “الخلل الفني البسيط” محل تشكيك وريبة.

وأشار إلى أن اعتذار ألمانيا عن فحص الصندوق الأسود رغم قدراتها التقنية، ورفضها استقبال الصندوق الأسود بدعوى “نقص الإمكانيات الفنية”، يفتح الباب لاحتمال وجود معلومات أمنية حساسة لا ترغب في الانخراط بتحليلها خشية التورط أو كشف ملفات مرتبطة بتحالفات إقليمية ودولية.

وفي تحليله للروايات المحتملة، استبعد الحر وجود خلاف بين الجانب التركي والفريق محمد الحداد، معتبرًا أنه من غير المنطقي أن يُستقبل الفريق الحداد في أنقرة لو كانت هناك أزمة ثقة أو خلاف حاد مع الجانب التركي، كما أنه لن يخاطر هو وفريقه بالذهاب إلى تركيا حتى لو تلقى تطمينات، مؤكدًا كذلك أنه لا يُعقل أن تنفذ تركيا عملية اغتيال بهذه الطريقة الساذجة وعلى أرضها، لما لذلك من ضرر مباشر بسمعتها وحلفها الاستراتيجي في الغرب الليبي.

وأضاف أن الفريق الحداد، رغم كونه أحد أبرز الوجوه العسكرية في غرب ليبيا، إلا أن تأثيره أصبح رمزيًا أكثر منه ميدانيًا في ظل تفتيت المشهد العسكري، ما يضعف فرضية استهدافه بوصفه “قوة مانعة” لمصالح كبرى.

وتابع الحر أن هناك مؤشرات لوجود طرف خارجي استخدم هذه الحادثة لتوريط تركيا وتفجير أزمة ثقة بينها وبين حلفائها الليبيين، خصوصًا في ظل تنافس قوى متعددة داخل الأراضي الليبية، من بينها روسيا وفرنسا والإمارات وقطر ومصر وغيرهم، حيث إن لكل طرف مصلحة في خلط الأوراق.

وفي الربط الدولي واتساع رقعة الصراع، أشار رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان إلى أن توقيت حادثة استهداف ناقلة نفط روسية بمسيّرات أوكرانية في المياه الليبية، وسقوط الطائرة في تركيا، قد يشير إلى تصاعد صراع الظل بين القوى الدولية على الأرض الليبية.

واعتبر أن إسقاط الطائرة في تركيا يمثل نقلة نوعية في رقعة الشطرنج، مؤكدًا أن ما يحدث ليس فقط تصفيات محلية، بل يبدو كجزء من حرب مواقع جديدة بين روسيا وحلف الناتو، حيث أصبحت ليبيا واحدة من المسارح غير التقليدية لهذا الصراع.

ولفت إلى وجود بصمة للمنفذ تشبه سقوط طائرة الرئيس الإيراني في 19 مايو 2024 بمنطقة ورزقان، باستخدام تعطيل الرادارات وشاشات قيادة الطائرة، وهي الحادثة التي اتهمت فيها إسرائيل لامتلاكها تقنية متقدمة في إسقاط المسيّرات، أو احتمال أن تكون قد باعت هذه التقنية لأحد اللاعبين في المنطقة.

وحول المستفيدين من الحادث، عدد الحر قوى إقليمية تسعى لإضعاف نفوذ تركيا في غرب ليبيا، وقوى دولية تريد زعزعة استقرار التفاهمات الأمنية والعسكرية في الحزام الجنوبي للناتو، إضافة إلى جهات ليبية داخلية تسعى لإعادة تشكيل التوازن العسكري لصالحها.

وأشار إلى استبعاد أن تكون أطراف ليبية قد قامت بذلك بشكل مباشر، مع بقاء الاشتباه بوجود معلومات استخباراتية مسبقة لدى بعض الأطراف أو موافقة ضمنية، مما يُبقي الجميع داخل دائرة الشك.

وختم عبد المنعم الحر بالقول إن حادثة سقوط الطائرة ليست حادثًا عرضيًا، بل هي جزء من لعبة جيوسياسية معقدة تتداخل فيها خيوط الصراع الليبي الداخلي مع الصراعات الدولية الكبرى، مؤكدًا في تنويه أن المنظمة العربية لحقوق الإنسان ضد أي تواجد عسكري، سواء كان عربيًا أو أجنبيًا، ولا تبرر بقاء الوجود التركي أو الروسي أو الإيطالي أو حتى الأمريكي أو العربي، والذي فرضه توازن القوى والصراع على المصالح.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً