عيوب ومخاطر القانون رقم 6 لسنة 2025

عيوب ومخاطر القانون رقم 6 لسنة 2025

د. محمود الزروق الشاوش

خبير مالي وأستاذ جامعي

علينا قبل أن نبدأ بدراسة أحكامه لنقف على ما يترتب عنها من مخاطر وأضرار تلحق بالمواطن وبالاقتصاد الوطني، يجب أن نتحقق أولاً من أن الدين العام محل هذا القانون “ديناً عاماً” وذلك من خلال التأكد من توافر شروط إضفاء صفة الدين العام في هذا الدين فإذا تبين توافر تلك الشروط عندئذ يمكننا أن نقيم أحكام هذا القانون وبيان الآثار السلبية التي تترتب على تطبيقه، أما إذا تبين عدم توافر تلك الشروط فان ذلك يؤدي إلى الحكم ببطلانه وبالتالي اعتبار جميع أحكامه في حكم العدم.

انطلاقاً من الحرص على سلامة البناء المالي للدولة وصون المال العام وضمان الالتزام بالمفاهيم القانونية والمالية المستقرة ، تأتي هذا المقالد لبيان عدد من الملاحظات الجوهرية على القانون رقم 6 لسنة 2025 بشأن سداد الدين العام القائم على الخزانة العامة وذلك من حيث التكييف القانوني لما ورد وصفه بالدين العام وما يترتب على هذا الوصف من آثار سلبية مالية واقتصادية ومؤسسية بالغة الخطورة وفقاً لما يلي:

الإطار المفاهيمي للدين العام:
1 – تعريف الدين العام من الجهتين الفقهية والمالية:

“يقصد بالدين العام المبالغ التي تقترضها الدولة أو أحد أشخاصها الاعتبارية العامة بإرادتها، ووفق سند قانوني صريح من دائنين مستقلين، مع الالتزام بسدادها في آجال محددة، باعتبارها أداة من أدوات السياسة المالية”.


2 – الشروط الواجب توافرها لاعتبار الدين “ديناً عاماً”
أ – أن ينشأ الدين عن اقتراض إرادي منظم
ب – أن يستند إلى سند قانوني ، أو أداة دين محددة
ج – أن تكون الجهة الدائنة مستقلة عن الخزانة العامة
د – أن يستخدم الدين في تمويل نفقات عامة مستقبلية
هـ – أن يدرج ضمن السياسة المالية العامة وبمعايير الاستدامة

الخلل في التكييف القانوني لما ورد بالقانون رقم 6:
1 – عدم توافر صفة الاقتراض
إن الالتزامات التي لم تنشأ عن عمل اقتراضي ، ولم تقم على توافق إرادتي الدولة والدائن ، لا يمكن تكييفها قانونياً كدين عام ولو ترتب سدادها على الخزانة العامة
2 – غياب أدوات الدين
يخلو الواقع محل التنظيم من وجود أدوات دين معتمدة (سندات، صكوك، أذونات الخزانة) قبل اعتبار الدين أنه “دين عام” مما يُفقد الدين صفة ” دين عام ” الذي يُعد أحد أركانه الجوهرية
3 – طبيعة الجهات الدائنة
إن المديونيات المتبادلة بين مؤسسات الدولة، أو الكيانات التابعة لها لا تُعد ديناً عاماً، بل التزامات داخلية، أو قيوداً محاسبية لا يجوز تحميلها وصف “الدين العام”.

التمييز بين الدين العام والالتزامات المالية الأخرى:

فيما يلي جدول أو نص تحليلي يميز بين:

  • الدين العام
  • المتأخرات المالية
  • الالتزامات التشغيلية
  • المطالبات القضائية
  • التسويات المحاسبية
    ولا يجوز الجمع بينها تحت مسمى واحد لما يترتب على ذلك من تشويه للحقيقة المالية للدولة

المخاطر المترتبة على التوسع غير المنضبط في مفهوم الدين العام:

1 – مخاطر مالية

  • تضخيم حجم الدين العام
  • الإضرار بمؤشرات الاستدامة المالية
  • إضعاف الموقف الائتماني للدولة
  • 2 – مخاطر اقتصادية
  • تحميل الأجيال القادمة أعباء لم توافق عليها
  • تقليص الحيز المالي للتنمية والاستثمار
    3 – مخاطر مؤسسية
  • تكريس ضعف الانضباط المالي
  • تشجيع تراكم الالتزامات دون مساءلة
  • إضفاء الشرعية على ممارسات مالية سابقة غير منضبطة

الخاتمة والتوصيات:

تأسيساً على ما تقدم نوصي بضرورة:

1 – إعادة النظر في التكييف القانوني للالتزامات محل القانون رقم (6) لسنة 2025
2 – الفصل بين الدين العام الحقيقي وبقية الالتزامات المالية
3 – إخضاع أي اقتراض مستقبلي لإطار تشريعي واضح ومعايير مستدامة
4 – تعزيز الإفصاح والشفافية والمساءلة في إدارة المال العام حفاظاً على سلامة المالية العامة ، وصوناً لحقوق الأجيال القادمة
5 – عند إصدار أي تشريع مالي يجب مراعاة الآثار السلبية الناتجة عنه التي قد تقع على المواطن ومحاربة الإنفاق غير المرشد

ومما أثار دهشتي أن المادة الخامسة من هذا القانون تنص على: “يعمل بهذا القانون من تاريخ صدوره، ويلغى كل حكم يخالفه، وينشر في الجريدة الرسمية” في حين أن هذا القانون لم يرد به تاريخ صدوره.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. محمود الزروق الشاوش

خبير مالي وأستاذ جامعي

اترك تعليقاً