في مشهد استفزازي جديد يهدد بإشعال المنطقة، اقتحم وزير الأمن القومي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير صباح اليوم الأربعاء المسجد الأقصى المبارك، برفقة عشرات المستوطنين، تحت حماية مشددة من قوات الاحتلال، في خطوة أثارت غضباً واسعاً لدى الفلسطينيين وموجة تحذيرات من انفجار أمني مرتقب.
ووفقاً لوكالة وفا، فإن بن غفير قاد مجموعات من المستوطنين على شكل دفعات متتالية عبر باب المغاربة، وقاموا بجولات استفزازية داخل باحات المسجد، وسط أداء طقوس تلمودية علنية، في تحدٍّ صارخٍ لمشاعر المسلمين وانتهاك فاضح للوضع القائم في الحرم القدسي الشريف.
ويأتي هذا الاقتحام في وقت بالغ الحساسية، حيث يشهد المسجد الأقصى توتراً مستمراً نتيجة تصاعد الاقتحامات والاعتداءات المتكررة على المصلين والمرافق الدينية.
وسبق لبن غفير أن صرّح مراراً بنيّته تغيير “الوضع القائم”، في إشارة إلى المساس بالصلاحيات الحصرية للأوقاف الإسلامية في إدارة المسجد.
في موازاة الاقتحام، شنّت قوات الاحتلال الإسرائيلي فجر اليوم حملة اعتقالات ومداهمات واسعة في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، شملت الخليل، بيت لحم، ورام الله، حيث أفادت مصادر محلية بأن جنود الاحتلال اعتقلوا عدداً من المواطنين بعد اقتحام منازلهم والعبث بمحتوياتها، خصوصاً في قرية حوسان غرب بيت لحم.
كما نصبت القوات الإسرائيلية حواجز عسكرية مكثفة عند مداخل محافظة الخليل، وأغلقت طرقاً رئيسية وفرعية باستخدام المكعبات الإسمنتية والسواتر الترابية، مما أدى إلى عرقلة حركة السكان، وسط أجواء من التوتر والقلق.
وأكدت مصادر ميدانية أن قوات الاحتلال استخدمت الكلاب البوليسية وفرق تفتيش خاصة خلال اقتحام المنازل، واعتقلت شباناً يشتبه بمشاركتهم في أنشطة مناهضة للاحتلال، دون تقديم لوائح اتهام واضحة.
ويرى مراقبون أن هذه التحركات الإسرائيلية، لا سيما اقتحام الأقصى من قبل مسؤول حكومي رفيع، تمثل تصعيداً سياسياً وأمنياً خطيراً، في وقت يتزايد فيه الاحتقان في القدس والضفة الغربية على حد سواء، وسط تحذيرات من انتفاضة شعبية جديدة.
وتُعد خطوات بن غفير جزءاً من سياسة أكثر تطرفاً تتبناها الحكومة الإسرائيلية الحالية، التي تضم شخصيات من اليمين القومي والديني المتشدد، مما يثير القلق الإقليمي والدولي من احتمال انهيار الوضع الأمني بشكل شامل، خصوصاً في ظل الصمت أو التراخي الدولي تجاه ما يجري في الأراضي الفلسطينية.
وتطالب مؤسسات فلسطينية ودولية بضرورة تحرك عاجل لوقف الاعتداءات على المقدسات الإسلامية، ووقف سياسة الاعتقالات العشوائية والحصار الأمني المفروض على السكان.
نابلس تنزف… عدوان إسرائيلي جديد يخلّف قتلى وجرحى
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية، عن مقتل فلسطينيين اثنين وإصابة العشرات بجروح مختلفة، جراء إطلاق قوات الجيش الإسرائيلي النار خلال اقتحامها البلدة القديمة في مدينة نابلس بالضفة الغربية.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا) أن الشقيقين نضال وخالد مهدي أحمد عميرة (40 و35 عاماً) قتلا برصاص الجيش، فيما احتجزت القوات الإسرائيلية جثمانيهما ورفضت السماح لفرق الإسعاف بالوصول إليهما، مما أدى إلى وفاتهما في مكان الحادث.
كما أصيب عدد من المواطنين الفلسطينيين بشظايا الرصاص الحي وبحالات اختناق نتيجة استنشاق الغاز المسيل للدموع الذي أطلقته القوات الإسرائيلية، في إطار حملة مداهمات وعمليات تفتيش مستمرة تشهدها نابلس.
وفي تطور آخر، أدانت وزارة الخارجية الفلسطينية بشدة عمليات هدم المنازل التي تنفذها السلطات الإسرائيلية في مخيمي جنين وطولكرم.
وأكدت الخارجية أن قوات الاحتلال أبلغت عن نيتها هدم أكثر من 100 منزل في مخيم جنين خلال 72 ساعة من صدور القرار، في وقت شهد المخيم خلال الأشهر الخمسة الماضية دماراً جزئياً أو كلياً في نحو 600 منزل ومنشأة بسبب العدوان الإسرائيلي المتواصل.
وجاء هذا التصعيد في ظل تصريحات مثيرة من وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش الذي أكد في السادس من يونيو أن تل أبيب تملك خطة تصعيدية في الضفة الغربية، تشمل فرض سيادة إسرائيل على مناطق “ج” وتهجير سكان الخان الأحمر، وتعطيل النظام المصرفي الفلسطيني، بالإضافة إلى المصادقة على إنشاء 22 مستوطنة جديدة في الضفة، تشمل مستوطنات تم إخلاؤها خلال خطة “فك الارتباط” عن غزة عام 2005، وإضافة نحو ألف وحدة سكنية للمستوطنين.
وتأتي هذه التطورات وسط استمرار التوترات الشديدة في الضفة الغربية، التي تظل محور الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حيث تعتبر معظم دول العالم المنطقة أراضي محتلة بموجب القانون الدولي، وتعد المستوطنات الإسرائيلية فيها غير شرعية، وهو ما أكدته محكمة العدل الدولية في قرارها الصادر في يوليو 2024.
وتثير هذه الأحداث القلق إقليمياً ودولياً مع تصاعد العنف والتهديدات المستمرة، حيث تطالب الجهات الفلسطينية المجتمع الدولي بالتدخل العاجل لوقف ما وصفته بسياسة الاحتلال التي تهدف إلى تفجير الأوضاع وإشعال المزيد من الصراعات في الضفة الغربية.






اترك تعليقاً