الكراهية

الكراهية

الكراهية هي مشاعر نفور وعداوة واشمئزاز من فرد لآخر أو لجماعة أو لظاهرة معينة تتحول تدريجيا إلى رغبة في القضاء على الشيء أو الفرد أو الجماعة المكروهة باستخدام شتى الوسائل والطرق وعادة ما يوقع هذا الكره صاحبه بالنظر للفرد أو الجماعة التي يكرهها نظرة سلبية ملؤها الحقد فلا يرى للمحقود عليه حسنة ولا عملا مقبولا أبدا فلا يقبل منه فكرة ولا رأيا ولا شيئا مهما كان جيدا فهو دائما يناصب العداء لمن يكره، إنه عمى البصيرة….

إن الكره يدمر حياة صاحبه دون أن يشعر فتراه يعاني من الاضطرابات والقلق وتراه يتصيد أخطاء الآخرين ويسفه أعمالهم ولا يعترف بتفوقهم ونجاحهم يتسبب في كثير من الأحيان في غضب الآخرين فلا مراعاة للشعور والأحاسيس ولا احتراما لآراء الآخرين. إن هذه النظرة في التقييم والحكم والتعامل مع الآخرين لهي نظرة غير سوية يشوبها النقص، فالتعامل السوي مع الناس بجوانبه العقلية والاجتماعية والنفسية يتحتم على الإنسان مراعاة تلك الجوانب في التعامل مع الآخرين وكمجتمع يملك من الرصيد والتوجيه الإلهي ما لا يملك أي مجتمع آخر يكون العبء أكبر وأسهل ولكننا تخلينا على هذه الأصول الراسخة وأصبحنا نتّبع ما دون ذلك من البشر اللعّانين والذين اتخذوا تتبع عورات الآخرين منهجا وسبيلا فصرنا أمة يلعن بعضنا بعضا!؟

وتعالوا بنا نستعرض بعضا من خزائننا في التعامل الحسن ونبذ الكراهية وتخير الألفاظ، يقول الله تعالى: “وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً” البقرة 83، ويقول جل جلاله: “وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْزَغُ بَيْنَهُمْ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلْإِنْسَانِ عَدُوّاً مُبِيناً” الإسراء:533، لقد أمرنا سبحانه وتعالى أن ندفع ونبتعد عن الألفاظ الغليظة وأن نتخير الألفاظ الرقيقة ونقدمها بأسلوب حسن يُسرُّ له سامعه فتنتشر بذلك الرحمة والمودة بين الناس ويزداد التآلف والمحبة بين أفراد المجتمع، أما تتبع عورات وهفوات الناس واستخدام الوسائل المتاحة وإشاعتها بين الناس لهو عمل مدمّر من أعمال الشيطان يجب أن نجتنبه.

وانظر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقول: “إن الله ليبغض الفاحش البذيء”. ويقول أيضا: “لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا”. فعلينا أن نسأل أنفسنا هل كراهية الناس أفرادا وجماعات وتتبع عوراتهم ونشرها في وسائل الاتصال هي من حسن الخلق أو سوئه؟؟؟ والإجابة حتما إنها من سوء الخلق فعلينا ترك هذه العادة أو هذا السلوك الخاطئ لأن أكثر ما يثقل الميزان هو حسن الخلق في التعامل مع الناس أجمعين…. يقول يحيى بن معاذ: “ليكن حظ المؤمن منك ثلاث خصال لتكون من المحسنين، إحداها: إن لم تنفعه فلا تضره، والثانية: إن لم تسره فلا تغمه، والثالثة: إن لم تمدحه فلا تذمه”.

إن انتشار الكراهية في المجتمع له تأثير سلبي على توافق الناس وانسجامهم وتعاونهم وعلى انتشار خصال حميدة مثل التسامح والحب فينقلب المجتمع إلى مجتمع متباغض فيما بينه متحاسد تعلوه الكراهية والحقد. إن مجتمع ينتشر ويعلوا فيه الحقد والكراهية لهو مجتمع حري أن يراجع نفسه وقيمه وطرق ومناهج التربية التي يتبعها في مؤسساته التربوية أو في المساجد أو في الأسرة أو في غيرها من المؤسسات ذات العلاقة. إن انتشار الكراهية لابد له من وقفة تحليلية وتطبيقية جادة لمحاولة تخطي هذا الداء فإن لم نفعل ذلك لا شك أن الأضرار ستكون جسيمة على الأفراد والمجتمع ينشأ فيها أفرادا لا يحملون في قلوبهم إلا كره الآخرين من حولهم ليتحول المجتمع إلى مجتمع متفكك.

في مجتمعاتنا نحرم الآخرين حتى من حرية التعبير عن آرائهم بسبب الكراهية وضيق الأفق لأننا نكره مذهبهم وفكرهم وتوجههم ونكرههم وغيرها من الأوهام التي نعيشها، هكذا نحن!!! أخذنا ذلك حتى من بعض من يدّعي الفهم منا لكنك تجده سبّابّا لعّانا!!! أين نحن من القول الحسن؟ أين نحن من لا تباغضوا ولا تحاسدوا؟ أين نحن من أن المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده؟ علينا أن نراجع ما نقوم به تجاه أنفسنا وتجاه الآخرين لنستقيم ويستقيم.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

نوري الرزيقي

كاتب ليبي

اترك تعليقاً