في 2017 يعصر الناس ويغاثون في ليبيا وسوريا واليمن والعراق

في 2017 يعصر الناس ويغاثون في ليبيا وسوريا واليمن والعراق

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

بنهاية العام 2016 نكون قد طوينا 6 سنوات حزينة كئيبة، من عمر ما سمي جزافا ربيعا عربيا! وهو لم يكن في الواقع الا صيفا قائظا وخريفا شاحبا اتى على الأخضر واليابس، فحوّل ثلاثة بلدان عربية الى صحراء قاحلة حتى من القيم والأخلاق وشيم الإنسانية! ناهيك عن تجريدها تخريبا ودمارا بائنا حتى من الخضرة والنماء!، 6 سنوات من فوضى مسلحة اشعلت حروبا ضروسا اكلت بلهيبها كل ما هو حي من البشر والشجر، واتت حتى على صلد الصخر! 6 سنوات بلغ فيها الفجور السياسي والتطرف الديني والعبث البشري حدودا لا مثيل لها!

ان ما أكلته تلك السنون الست العجاف، كان ولا شك ثمنا باهظا دفعته شعوب تلك الدول بشريا وماديا، وسيصعب تعويضه في فترات قريبة، لكن إرادة الشعوب الحية حين تنطلق، تكسر المستحيل وتنهض من تحت أنقاض الرماد تنفض عنها غبار الخراب والدمار لتعانق في خيلاء، شموخ الواثقين من عزة الله وجبروته، في ان تستمر الحياة وينطلق المارد ليعيد صياغة تضاريسها ويمسح عن وجه أبنائها غشاوة من حزن قديم جديد!، فيتبدد الظلام بنور الابتسامات التي طالما كبتت حزنا وألما، من شفاه تورمت معاناة وبؤسا.

حين اشعر بشحنة من التفاؤل تملأ مراح أمالي ، وتنثر عبق الازهار في بستان خيالي ، تغمرني قوة ايمانية بأنه مع العسر يسرا ، وما بعد الشدة الا الفرج، وان لكل أمر مقدار مقتدر، اشعر ان ليل الاحزان قد شارف على الانتهاء، وان الصبح قريب الانبلاج، وان في الأفق القريب غيوم سيروينا مطرها المنهمر، فيا سماء ليبيا وسوريا واليمن والعراق استعدي، وليزأر رعدك وينفجر، واستعدي يا ارض لتهتزي غيثا نافعا يسقي ضمأ النبات والطير والبشر ، فبقدر تفاؤلي المنبثق من قرائتي للواقع الليبي والعربي استطيع القول ان عام 2017 سيكون بحول الله موعدا لنهاية رحلة الاحزان الكئيبة وستتجاوز فيه البلدان الاربعة ازمتها وتنطلق في رحلة بناء جديدة رغم كل الصعاب واثار الحرب المدمرة.

** في بلدي ليبيا سيقهر أصحاب العقل والحكمة شرذمة الشر وتجار الحروب، وسيتلاحم الشرق مع الغرب ومع الجنوب، في رحلة أمل جديد أساسها الاتفاق والتوافق ، سيجلس الجميع ويتفقون على حكومة واحدة تكون نواة للعمل الموحد بعد هذا الانقسام والتشرذم،  وسيباركها الليبيون لإنجاز استحقاق انتقالي لمدة سنة، تبدأ ببداية عام 2017 وتنتهي بانتهائه، سنة ستكون كفيلة بإنجاز استحقاقات الدستور واستكمال كل الهيئات المطلوبة لإجراء الانتخابات البرلمانية الدستورية الجديدة، سيلتحم أبناء الجيش في الشرق مع أبناء الجيش في الجنوب ثم الغرب ليحسم  الوضع الأمني ويتم القضاء على عبث وفوضى انتشار السلاح لدى الميليشيات الغير منضبطة، أتوقع ان يحدث ذلك بين شهري مارس ويونيو لتعود للدولة هيبتها وتفرض سلطتها على كل أجزاء التراب الليبي ، ثم لتبدأ في النصف الثاني من هذا العام مرحلة التخطيط لإعادة الاعمار والبناء والتي ستنطلق بحول الله مع نهاية 2017 وبداية 2018.

** في سوريا سيتم تفعيل الاتفاق الأخير الموقع بين الجيش السوري ومجموعة الفصائل المسلحة المعارضة برعاية روسية وتركية وسينشأ عن ذلك هدنة طويلة تفضي الى اتفاق شامل سياسي يقضي بمرحلة انتقالية قد تستغرق عامين كاملين لتنطلق بعدها عملية سياسية جديدة دائمة تنظم فيها انتخابات رئاسية وبرلمانية سيضمن الاتفاق سواء في المرحلة الانتقالية او الدائمة كافة الحقوق السياسية لكل الكتل السياسية سواء من المعارضة او النظام الحاكم وتستمر الحياة.

** في اليمن ستجد السعودية نفسها محرجة بعد مضي قرابة عامين من انطلاق معركة الحزم!، وعدم قدرتها على الحسم هي وحلفائها ما يدفعهم الى إعادة التفكير في مخرج وقد يكون بإعادة الاتصال بالرئيس السابق وادخاله في اللعبة السياسية الجديدة، سيؤدي ذلك الى بعض التنازلات من الجميع ويتم التوصل الى اتفاق سياسي شامل يضم كل الأطراف ويخلق حالة توافق يمني يمني تؤدي بالنتيجة الى قيام الدولة اليمنية الجديدة الموحدة بما يضمن حقوق الجميع.

** وفي العراق بعد 13 سنة كئيبة سيلتف العراقيون حول بعضهم بعضا بعد ان يتخلصوا من تنظيم داعش وتعود الموصل الى حضن العراق الدافئ فتعود معها روح التسامح والتصالح بين كل أطياف الشعب العراقي ليعلن عن نهاية حقبة من الانقسام الطائفي والعشائري والجهوي أنهكت العراق اقتصادا وبشرا، سيستعيد الجيش العراقي أنفاسه من جديد وسيعمل على تعزيز الامن والسلم داخل القطر العراقي وسيلتقي الاخوة الأعداء حول خارطة طريق وطنية تعيد للعراق هيبة الدولة وروح العمل المؤسساتي المشترك الخالي من دسائس الطائفية المقيتة.

إذا بحول الله تعالى أتمنى ان تكون العام 2017 هي العام التي يعصر فيه الناس ويغاثون في أربعة بلدان عربية عانت ولازالت صنوفا من المعاناة استحكمت دوائرها فأصابت الجميع!  فهل بحول الله ستتجاوز الدول مجتمعة أزمتها خلال هذا العام وتنتصر إرادة شعوبها؟!، لدي شعور بان ذلك هو الممكن الآتي…عاشت ليبيا وسوريا واليمن والعراق، وحيا الله ابطالها وكل عام والجميع بخير.

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً