غيبوك أخي سراج ولتحلق أفكارك.. فصبرٌ جميل والله المستعان

غيبوك أخي سراج ولتحلق أفكارك.. فصبرٌ جميل والله المستعان

أ.د. فتحي أبوزخار

باحث بمركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية

يحاولون إطفاء شعاع فكرك الهادئ، رحمك الله، ويعولون على إسكات حديثك الأهدى أخي الشهيد سراج وجنابكم تتحاور مع ثلة من المفكرين وهم يحملون هم ليبيا للجميع.  فلن يفلحوا من كادوا لك وإنهم سيجرون أذيال الخيبة ويعضوا أصابع الندم. تعمدوا اتهامك زوراً وبهتاناً حين غيبوك في غياهب سجونهم المظلمة الملعونة، ولكن لن يجرؤوا على مسح خربشاتك وكتابات الباقية المنقوشة، فقد فشلوا في زعزعة رصانة أفكارك المنشورة.

استلمت مقالتك الأخيرة أخونا الشهيد العضو الفاعل في مركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية والكاتب والناشط بعنوان: “أحزان درنة تجمع الوطن” المنشورة على صفحات بوابة الوسط بتاريخ 17 سبتمبر 2023م وتلتها هذه المقالة الندوة التي اهتمت بالشأن الليبي العام وبحضور الأستاذة/ هناء شلوف منسقة شؤون المرأة بفرع المركز ببنغازي، والتي من الواضح أنها لم تستوعب النقاش فعرضته في تقرير مشوش، يبدو أنه كيدي لجهاز الأمن الداخلي، والذي تلقفه بلهف بعد أن رأى فيه أسماء ثلة من المفكرين والنشطاء السياسيين صيداَ سميناً يشبع رغباتهم في قمع حريات الفكر والسياسة المنصوص عليها في الإعلان الدستوري لانتفاضة فبراير  2011م.

نشر المرحوم سراج في يونيو 2023م على صفحات القدس العربي مقالة بعنوان: “نحو تجديد بنية النظام الدولي القائم” وسبقها بشهر أبريل مقالة بعنوان: “قراءة في المتغيرات الدولية ومدى انعكاسها على ليبيا” فهو متابع جيد جداً لحركة النظام الدولي ولما له من أثار على الوضع في ليبيا.

أفتتح فرع المركز – بنغازي في يونيو 2023م وفي يوليو 2023م كان ملتقى النخب الليبية حضره حزب الكرامة، وحزب ليبيا للجميع، والحزب المدني الديمقراطي، والاتحاد الوطني وشخصيات من الجنوب ليتحول الحدث عوضاً عن قيمة مضافة لرصيد ليبيا الفكري والسياسي إلى إجراءات قمعية كارثية، وفاجعة تحاول أن تشل الفكر السياسي الليبي.

الشعب الليبي يطالب بإسقاط أجسام سياسية:

خرجت بالعديد من المدن الليبي جموع من الجماهير تطالب بإسقاط الأجسام السياسية تعبيراً عن عدم رضاها ورغبتها في أن يتم تحسين أدائها وخدمتها للمجتمع الليبي، وعلى حد قول الأستاذ/ رمضان العمامي القانوني والناشط الحقوقي فإن منطق الأمن الداخلي بتجريم من يطالب بإصلاحات سياسية والتظاهر ضدها سلمياً والمطالبة بإسقاطها بعد أن تجاوزت مدة صلاحية انتخابها، يتطلب أن يبني سوراً حول ليبيا ليكون سجناً كبيراً لغالبية الشعب الليبي!

تساؤلات مشروعة؟!؟!

مع أن تصريحات رئيس حزب ليبيا للجميع د. عاشور شوال في 30 أكتوبر 2023م ببرنامج تغطية خاصة بقناة الوسط بأن “التحقيقات التي أجراها الأمن الداخلي مع البعجة والبشاري ودغمان أثبت “عدم صحة كل ما أدعت به المعنية” والمقصود هنا السيدة/ هناء شلوف التي تقدمت بشكوى “وشاية” ضدهم للأمن الخارجي.

يدعي الأمن الداخلي بأنه قد أحيل الأستاذ/ سراج رحمه الله بأمر من عضو النيابة، بعد اجتماعات بالمركز تضمنت إسقاط أجسام سياسية والمؤسسة العسكرية المتمثلة في القيادة العامة للقوات المسلحة. الأسئلة المطروحة بخصوص توجيه التهمة:

يتساءل عبر قناة الوسط الأستاذ/ رمضان العمامي كيف توجه هذه التهمة “الفكر يناقش بالفكر والسياسة بالسياسة”!.

مع أدعاء الأمن الداخلي بإحالة المرحوم السراج “بأمر من عضو النيابة” إلا أن هناك ما يشكك في ذلك الادعاء حيث يوجد تأكيد لبوابة الوسط، منشور على موقعها 31 أكتوبر 2023م، بتاريخ 5 أكتوبر 2023م من مصدر قضائي بأن النيابة العامة لا علاقة لها بواقعة الاحتجاز. والسؤال هل ادعاء الأمن الداخلي مقبولاً أم لا؟!  وإلى متى يستمر الحجز دون محاكمة؟!

لنفترض رواية الأمن الداخلي حقيقية وحاول الأستاذ/سراج دغمان، رحمه الله، الهروب فالسؤال المباشر: من يتحمل مسؤولية سلامة المحتجز، على حد تعبير م. أسامة الصيد رئيس المركز، وأمنه إن لم يكن الأمن الداخلي؟ والسؤال الذي يلحقه هل من السهل الوصول إلى النوافذ والأبواب؟ وهل مقرات الاحتجاز بنوافذ غير محصنة ومحمية؟! ولو افتراضنا أنها غير محمية كيف من ينزل على مواسير الصرف الصحي يقع على رأسه ولا ينزل على رجليه؟!

تضارب الروايات بشأن استشهاد الأستاذ/ سراج دغمان:

تتفق جميع الروايات بأن المغدور به الأستاذ/ سراج الدين فخرالدين دغمان قد تم اعتقاله، من قبل الأمن الداخلي، قبل حوالي سبعة أشهر صحبة زميله د. فتحي البعجة والأستاذ/ طارق البشاري والأستاذ/ ناصر الدعيسي، والأستاذ/ سالم بعيص، وحسب روايته: “بشهادة أهله (؟) ومن قام بزيارته قام المعني بالهروب من نافذة  دورة المياه متسلقاً مواسير الصرف الصحي مما أدى إلى سقوطه على رأسه من مكان مرتقع ووفاته وبناءً على ذلك اتخذت الإجراءات القانونية بخصوص هذه الواقعة” “وبحضور عائلته الذين شهدوا على إجراءات تحديد أسباب الوفاة” (؟) وهذه رواية الأمن الداخلي بأن المغدور حاول الهرب.

على الطرف الأخر فإنه منشور على وسائل التواصل الاجتماعي بأن رئيس فرع الأمن الداخلي ببنغازي اللواء حميد الرعيض يقول بأن: “الموقوف سراج دغمان توفى بشكل طبيعي نتيجة نوبة قلبية مفاجأة”.

الواضح هناك تخبط وهذا قد يجعل من الروايتين غير صحيحتين!

هل الأمن الداخلي طرف؟

يطرح الأستاذ/ صلاح المرغني وزير العدل السابق بأن حالة الوفاة تتطلب أن يشملها تحقيق من جهة محايدة لأن جهاز الأمن الداخلي طرف في القضية، والمرحوم كان مقيداً لديهم” ويجب أن يسمح لأسرة المرحوم  بتوكيل محامي يطلع عن التحقيق وبحضوره وكذلك يجب أن يسمح  للمنظمات الحقوقية الحضور و الاطلاع.

لماذا أخونا السيد سراج في المعتقل؟ حسب رواية جهاز الأمن بأن السبب سياسي بحت ولم يكن للحضور من رفاقه في الندوة أي دعوات للعنف أو القتل ..  فهذا النشاط له، على حد تعبير الأستاذ/ صلاح المرغني وزير العدل السابق،  البعد الشرعي والدستوري والأخلاقي والاجتماعي.  فمن هنا الاتهام باطل.

سقوط رواية الأمن الداخلي في غياهب الظنون:

تضارب رواية الأمن الداخلي بين الانتحار وأن المحروم بخير! تطرح عدة تساؤلات: هل صحيح المرحوم أستاذ سراج عند الأمن الداخلي أم في مكان أخر كالرجمة مثلاً؟ وهل من معه لاقوا نفس المصير وخاصة بعد أن ذكرت صفحة بنغازينو بأنه توجد حراسة مشددة بمركز بنغازي الطبي قسم العظام حيث “تواجد الدكتور “فتحي البعجة” في العناية المشددة نتيجة لتعرضه لكسور أثناء محاولة الهروب من نافذة الحمام مع المرحوم “سراج دغمان”.

في نظر الكاتب أن جميع الروايات ومحاولات الأجهزة الأمنية في تسريب معلومات بشأن وفاة المرحوم سراج فخري دغمان غير صحيحة ومتضاربة، فكيف لم يظهر أسم د. فتحي البعجه في محاولة الهروب إلا بعد أن طرحت عدة تساؤلات واستفسارات عن الروايات المتضاربة وغير المنطقية؟ بل هذا يقود إلى الشك في المكان الذي ربما يكون بالرجمة وتحت الأشراف المباشر للمشير خليفة حفتر، وتظل هذه تخمينات قائمة.

رواية الأمن الداخلي سقطت في غياهب الظنون، وينتابها الشك ومن الصعوبة بمكان أن يعتمد عليها، والأيام القادمة ستعري كل ما هو مستور، والله المستعان.

يا الله تغمد برحمتك روح أخونا سراج الدين الطاهرة واسكنه فسيح جناتك.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

أ.د. فتحي أبوزخار

باحث بمركز ليبيا للدراسات الاستراتيجية والمستقبلية

اترك تعليقاً