العمالة المهاجرة.. الرقم الصعب بالاقتصاد البريطاني

وكالات

تجددت تحذيرات المؤسسات الاقتصادية من أن فاتورة الخروج من الاتحاد الأوروبي ستكون مكلّفة جدا إذا حاول الساسة البريطانيون تجاهل أو إغفال الحقائق الاقتصادية، واللهاث وراء تحقيق هدف الخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي أصبح بعضهم ينظر إليه أنه مترهل ومتحجر بل وقد عفى عليه الزمن.

وجاء ذلك قبل أسابيع قليلة من حلول التاريخ أو الموعد الذي قطعته رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على نفسها لتفعيل المادة 50 من معاهدة لشبونة، التي تسمح لها بإطلاق المفاوضات رسميا مع الاتحاد الأوروبي وإخراج بريطانيا منه في غضون عامين أو أكثر.

فقد نشرت مؤسسة “نيو إيكونوميكس” أو الاقتصادات الجديدة دراسة أظهرت أن الاقتصاد البريطاني سيخسر 328 مليون جنيه إسترليني لو توقف المهاجرون عن العمل لمدة 24 ساعة فقط، وأوضحت نتائج الدراسة أن قطاعات اقتصادية كثيرة ستصاب بما يشبه الشلل لو حصل ذلك، وفي مقدمتها قطاع الصحة وخدمات الفنادق والصناعات الغذائية.

وقالت الدراسة إن العمال المهاجرين يمثلون ما يزيد على 10% من مجموع العمالة النشيطة في الاقتصاد البريطاني، وأنهم يساهمون بما مجموعه 4% من الدخل القومي العام.

وتبلغ نسب مساهماتهم الاقتصادية وفق الدراسة، 31% في قطاع التنظيف، و30% في خدمات الفندقة والصناعة الغذائية، بينما تصل نسبة مساهمتهم في قطاع الصحة إلى نحو 26%.

الهجرة والاقتصاد
وتأتي هذه الدراسة لتؤكد ما ذهبت إليه دراسات سابقة، من أنه لا يمكن لبريطانيا الاستغناء عن اليد العاملة الأجنبية أو المهاجرة لمدة قد تزيد على عشر سنوات، وذلك في حالة أن الحكومة البريطانية استطاعت وضع خطة محكمة لتغطية العجز في الفراغ الذي قد تتركه اليد العاملة الأجنبية بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي.

فبعض القطاعات الاقتصادية يستنكف المواطنون البريطانيون الأصليون العمل بها ويعتبرونها متدنية مثل أعمال التنظيف والزراعات الموسمية والمطاعم، إضافة إلى بعض التخصصات الأخرى كالممرضين في قطاع المنظومة الصحية العامة.

ورغم أن الحكومة البريطانية لم تنف بتاتا حاجتها إلى العمالة الأجنبية أو المهاجرة بعد الخروج من الاتحاد الأوروبي، فإنها تتحدث عن أنه سيكون بإمكانها التحكم في الهجرة بالطريقة التي تراها مناسبة لحاجتها وتضع حدا للتدفق الهائل للمواطنين الأوروبيين على مرافقها الاجتماعية والصحية.

وقال مارك ستيرز رئيس مؤسسة “نيو إيكونوميكس” إن بريطانيا لديها تقليد طويل من الانفتاح تفتخر به تجاه الأشخاص الذين يأتون من وراء البحار، مضيفا أن نتيجة البحث أظهرت أن المهاجرين يقدّمون أكثر مما يتقاضونه، وأن مستقبل بريطانيا يتوقف على العطاء الاقتصادي والاجتماعي والثقافي الذي يقدمه المهاجرون.

وأضاف ستيرز أنه في الوقت الذي تتجه فيه دول حول العالم نحو الخضوع لنداء الشعبوية، ينبغي لنا أن نتذكر مساهمات المهاجرين ونحتفي بها.

دور فاعل
وقد تزامن بحث مؤسسة “نيو إيكونيميكس” مع فعاليات واعتصامات أقامها مهاجرون ورعايا أوروبيون مقيمون في بريطانيا في مدن بريطانية عديدة تحت شعار “يوم واحد من دوننا” لإثبات عطائهم للمجتمع البريطاني ومدى أهميتهم في سوق العمالة البريطانية.

وقال كلايف -وهو أحد البريطانيين المتعاطفين مع المهاجرين والأوروبيين العاملين في بريطانيا- إن العمال المهاجرين من الاتحاد الأوروبي ودول العالم الآخر يساهمون في الاقتصاد البريطاني أكثر مما يأخذون، وبريطانيا في أشد الحاجة إليهم في كثير من القطاعات، لا سيما قطاع الصحة، على حد تعبيره.

من جهته، يقول روديغر، -وهو مواطن ألماني- إن القلق الأساسي الذي يساوره حاليا هو عدم الاستقرار وعدم الوضوح، مضيفا أنه عاش في بريطانيا ثلاث سنوات ونصف السنة، ولم يحصل بعد على الإقامة الدائمة، وكل ما يريده أن توضح الحكومة البريطانية له هل هو مرحب به للإقامة في بريطانيا أم لا.

وأمثال روديغر كثيرون في بريطانيا، خصوصا من ذوي الجنسيات البولندية وما كان يعرف سابقا بدول أوروبا الشرقية، فهم يقدمون خدمات كبيرة للمجتمع البريطاني، لكنهم يتهمون من اليمين المتشدد وأنصاره بأنهم عالة على المجتمع البريطاني ومؤسساته ومرافقه الاجتماعية.

وبينما يقوم مجلس اللوردات في البرلمان البريطاني بمناقشة وتمحيص مشروع قانون الخروج من الاتحاد الأوروبي، الذي أقره نواب مجلس العموم قبل نحو أسبوع، يأمل الرعايا الأوربيون والعمال المهاجرون ألا يؤدي ذلك إلى إغفال أوضاعهم والتأكيد على أن يكون أولوية في المحادثات ستبدأها الحكومة البريطانية مع النظراء الأوروبيين في أواخر شهر مارس/آذار المقبل.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً