لمحات عن تعذيب الأطفال في ليبيا

لمحات عن تعذيب الأطفال في ليبيا

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

من طبيعة التكوين العام للاطفال هو الضعف والوهن والضعف والوهن ليس ضعف ووهن الجسم فقط بل ضعف ووهن التكوين النفسي الذي لايقوى الا بعد اكتمال النمو والذي يبدأ في ترسيخ اكتماله بعد سن المراهقة المعروفة وينتهي مكتملا في سن الأربعين في الغالب وكل مايتعرض له الطفل من سوء لايقع على بدن الطفل  او على جسمه فقط بل يمتد الى تكوينه النفسي حيث يترسب ليتحول الى حالة نفسية سلوكية غير سوية او حالة نفسية مرضية  في تكوينه النفسي ومن اخطر المجتمعات على حياة الاطفال هو المجتمع الليبي الذي اصبح معقلا كبيرا لتعذيب الاطفال  وذلك بالاتي:

– معاقل تعذيب الاطفال في ليبيا

المدرسة قد تكون عذاب دنيوي للاطفال اشبه بعذاب جهنم بمقارنة حساسية الاطفال وضعفهم مع اي عقاب او وضع شاذ يقع عليهم في المدرسة، المدارس الليبية هى اشبه بمعاقل لتعذيب الاطفال لانها تتميز بأساليب عقاب وحشية عرفت حدتها في السنتين الاخيرتين ومن أساليب التعذيب التي عرفت في بعض المدارس هى جلد ظهور او أفخاذ الاطفال بأنابيب من اللدائن اللين (طبو المياه) والضرب على الايادي  في أوقات الشتاء البارد والتى تضيق فيها الشعيرات الدموية والأعصاب الطرفية في ايادي الاطفال مما يكون الضرب مؤلمًا ويسبب تهتكا في أنسجتها وسحب اذان الاطفال والطرق ببراجم الاصابع على روؤس الاطفال من الجلادين المعلمين وشتم الاطفال بأوصاف مهينة تهبط بالاطفال الى حالة من الشعور بالدونية امام أقرانهم وإيقاف الاطفال لفترة طويلة تحت الشمس اللاهبة الحارقة عند طابور المساء دون تقدير لحساسية اجسام الاطفال الذين يتعرضون لأضرار من وقوفهم تحت الشمس فالتقدير الاول في هذه المعاقل هو للنشيد وتحية العلم ولاتقدير لأنسانية الاطفال، يزيد على ذلك بترسيخ حالة من التمييز بين اطفال المدارس مما يشعرهم بالظلم وذلك من المعلمات اللائي يدرسن أطفالهن في نفس المدرسة التى فيها يعملن فلايجدن غضاضة او حرج او حياء في تحويل الاطفال من الصف الاول في الفصل ووضع أطفالهن في الصفوف الاولى او ادخال أطفالهن الى حمام خاص امام اعين الاطفال الذين يدخلون الى حمامات المدرسة الاخرى ذات الحالة السيئة او ضرب الاطفال الذين يتعرضون لأطفالهن حتى لو كان التعدي من أطفالهن، معاقل التعذيب هذه تكون اضطرابات نفسية عديدة في شخوص الاطفال منها عدم الشعور بالثقة الذاتية وضعف الإرادة وتكوين شخصيات احتيالية او شخصيات منقادة او شخصيات عدوانية بسبب القمع النفسي الذي يقع في صورالضرب والشتم والتحقير والتمييز. كل هذه الأمور وغيرها ستجدونها في افواه اطفالكم وستجدونها في مقال من كتاباتي سابق عنوانه (معاقل تعذيب الاطفال في ليبيا).

– جرائم خطف الأطفال

من الجرائم المروعة التى تعدت في حدوثها اي معدل او قياس دولي هى جرائم خطف الاطفال وهى جرائم لايعقل السكوت عليها وأغلبها غير مسجل عند الأجهزة الأمنية الخاملة وغير مسجل عند مؤسسات الدولة البليدة وغير مسجل عند المؤسسات الأهلية الكسولة وتحدث الجريمة بين الخاطفين الذين يرتكبونها للفدية وأهالي الاطفال الذين يتلهفون لارجاع اطفالهم وبعض جرائم الخطف قد يعود بعدها الاطفال الى اهاليهم  وبعضها لايعودون البتة وهو مايرجح التجارة بالاطفال او التجارة بأعضائهم البشرية وجريمة خطف الطفل تسبب صدمة نفسية عنيفة لانه ينفصل عن الام والأب وعن حياته النفسية المعتادة وتفقد الطفل الإحساس بالامان عند عودته حتى وهو بين امه وأباه وتسود مشاعر ارتباط الطفل بالام والأب ومشاعر ارتباطه بحياته التى اعتادها مشاعر من الاضطراب والقلق لتوقع تكرار صدمة الخطف وانفصاله من جديد عن هذه الارتباطات لان صدمة الخطف تؤسس في كيان الطفل مكون نفسي من الاضطراب والقلق يحيط ارتباطاته الإدراكية الاساسية وهى الام والأب وحياته المعتادة التى يعبر فيها عن سلوكه اليومي.

– الإعتداء الجنسي على الأطفال

يحدث في ليبيا اعتداءات جنسية منها الصامت الذي يتم في الخفاء ويتعدى الى غيره دون رادع ومنها الصارخ الذي يبوح به الطفل او تكتشف حالته والصامت من هذه الاعتداءات والتى تتم باستغلال حاجات الطفل او حرمانه وقد ظهرت في كثير من مدن ليبيا في الآونة الاخيرة وتكتشف فيما بعد باعتياد الطفل واباحة الاعتداء عليه لتحصيل حاجات كان محروما منها ومنها اعتداءات من اصحاب المحلات من الأجانب واعتداءات من أخريين تسبقها اغراء الطفل بالمال استغلالا لحاجة الطفل للحلوى او الاغذية السكرية التى يشتهيها بسبب الوضع المعيشي لعائلة الطفل الذي يجعله محروما من حاجته للحلوى والأغذية السكرية ولايستطيع الاباء توفيرها للاطفال لاوضاع ليبيا المعيشية والصارخ من هذه الاعتداءات التي يبوح بها الطفل او يكتشفها اهله فانها تحدث في المدارس او من الأقرباء او الجيران او الغرباء لعدم دراية الطفل بالوضع ولان ارادة الطفل ضعيفة فيسلم نفسه لاي شخص وقد يبوح بها الطفل بعد حدوثها لشعوره بوقوع  حادث غير مألوف عليه وقد لايبوح بها الطفل وتظهر في افعال سلوكية ومنها تمثيل حادثة الاعتداء اثناء اللعب او الرسم وتظهر عليه افعال غير معتادة كالتركيز على مواضع الأعضاء التناسلية لمن يحيطون به وهذا عندما يكون الاعتداء غير عنيف اما الاعتداء العنيف فتظهر اثاره على بدن الطفل وعلى سلوك مستجد يتمثل في الانطواء والشرود الذهني عند ذكر مكان حادثة الاعتداء كذكر المدرسة مثلا ويحصل الاعتداء في مواضع متعددة من بدن الطفل ومنها الفم والعضو التناسلي والدبر وتبقى الاثار النفسية لحوادث الاعتداء حتى البلوغ وتنشأ عنها اضطرابات نفسية عديدة منها الخوف من الجماع والبرود الجنسي للإناث عند الزواج وشعور مؤلم ودائم بالمهانة للذكور عند البلوغ.

– صدمات الحروب لاطفال ليبيا

عاش اطفال ليبيا حالات عديدة من الحروب، سمعوا فيها أصوات القذائف المفزعة او شاهدوا مشاهد مرعبة كمنازل هدمت او حرقت او قتلى او شاهدوا إصابات في اسرهم من هذه الحروب مع مايصحب ذلك من هلع  بين افراد اسر الاطفال امام عيونهم دون حسبان للحالات النفسية لهؤلاء الاطفال في ذات الحين الذي يجب ان يحظوا فيه بحالات من الهدوء اثناء الحروب بين اسرهم واحتضانهم وخلق اجواء تخفف عنهم فزع الحرب الذي يسمعونه او يشاهدونه فان ذلك يخلق صدمة من الفزع تجتاح بشكل فجائي الكيان النفسي للطفل الذي لايستطيع استيعابها نفسيا او تفسيرها عقليا فيربك كيانه النفسي وتفقده الشعور بالامان والاطمئنان ويبقى هذا الارباك النفسي في صورة فزع دائم يحيا مع الطفل طيلة حياته.

– آباء غير أسوياء

كل التوترات والضغوطات النفسية المعيشية التى يعيشها بعض الآباء الليبيين لايجدون اين ينفسوها الا في الكائن الضعيف.. في اطفالهم عند ارتكاب الاطفال خطأ او عند البكاء او الالحاح في طلب شئ فيعتدون عليهم بصورة لايعتديها الا وحش فيعاقب الاطفال عقابا عنيفا عدوانيا إجراميا يصل الى الركل واللكم والصفع الموالي والجلد في أماكن قد تؤدي الى الموت او الاحتضار وتشهد ليبيا في السنتين الاخيرتين حوادث عديدة لقتل الاطفال نتيجة لأساليب عقاب وحشية، هذا العقاب اذا نجا منه الطفل يكون فيه شخصية خاضعة منقادة او العكس شخصية عدوانية لا تسلك في سلوكها الا العنف.

– تعليم الفزع

في المدارس القرآنية التي سيطر عليها سلفيو ليبيا يعلمون الاطفال مناهج غير مناسبة لمراحل نمو الاطفال بل هى صادمة لمراحل النمو  ومنها تغسيل الميت وصلاة الجنازة وعذاب القبر وغيرها من مواضيع الفزع والتي لايجوز تعليمها الا بعد سن البلوغ وهى مناهج تنشئ في وعي الطفل حالة من الخوف المكتوم من الموت والعالم الاخر مما يحبط نفسية الطفل عن التفاعل مع الحياة ويتجه الى مواقف سلبية في سلوكه اليومي تبعده عن المشاركة في الحياة والتنازل عن كثير من حاجاته كحاجته للعب او المرح والاتجاه تماما الى التطرّف في عبادته واتخاذ سلوك الاعتكاف او الانطواء عن مجتمعه.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

اترك تعليقاً