الجبهة الوطنية للانقاذ نجحت أم أخفقت؟؟ (1)

الجبهة الوطنية للانقاذ نجحت أم أخفقت؟؟ (1)

الفكر نتاج العقل والفكر المستنير دليل عقل ثاقب ومن هنا كان التدبر خير العبادات وهذه دعوة الى التدبر وعدم الاكتفاء بالحروف… طلب التجرد كي لانتجرد هو الموضوعية بعينها… دعوة للتمرد على مكنونات الصدر حيث القيم تتخضب بحناء المعاني المزركشة دون تمييز… اخفاقات الجبهة كثيرة واخطائها جسيمة كما ان اثرائها وما اضافته للفكر السياسي الليبي المعارض من خلال تجربتها النضالية المبكرة  كان كبيرا ومؤثرا… نحن هنا لسنا مع او ضد انما هي محاولة لقراءة محايدة لعمل الجبهة؟

كان الدكتور محمد المقريف هو الجبهة الوطنية للانقاذ… انقاذ ليبيا الوطن… ليبيا الشعب… مشروع ضخم بالإمكان ادعاءه من قبل أي احد… كان مشروعا سهل الانقلاب في ذاته كأي مشروع منقذ.. بداخله تنمو المتناقضات براعم ذهبية رنانة ونقاط تنك صدئة… في مشروع الدكتور المقريف نلاحظ ان هناك تمسك بالمبادي والقيم المنادية بالعدالة والحرية والكرامة الوطنية انما بالمقابل رأينا تساهلا في مسئلة العقائد امر استغله نظام الراحل معمر القذافي بتفوق في التأليب على الجبهة ومحاولة الاطاحة باهدافها حتى قبل ان تتبلور… العقيدة المختلفة كانت تفعل فعلها في مجتمع مغلق يمكن بسهولة خداعه عبر فتيا في زقاق لفقيه يأكل الربا… العملية كانت سهلة بالنسبة للنظام الذي استطاع عبر عيونه الولوج الى عرين الجبهة وجاسها وكان ما يطبخه النظام للجبهة سهل الهضم لكثير من فئات الشعب الليبي تلك الفئات التي تبحث عن السهل في كل شي حيث البحث يرهقها ومن ثم هي تشعر بالارتياح لدرجة التسليم عندما تجد من يفسر لها امرا لاتستطيع فهمه او لايمكنها تغييره حتى ولو كان مخالفا لفكرها وما تؤمن به… الارتياح والرضا  من قبل تلك الفئة لتفسيرات واتهامات النظام للجبهة كان عاما… الا ان هذه الفئة اصطدمت فيما بعد بحقائق على ارض تشاد… حيث المساحة كانت مفتوحة خارج ليبيا والكثير وجد امكانية التفكير دون ضغط بعيدا عن شحن النظام وهتافات الشبيحة… العقيدة المختلفة وهي الثلمة التي تسرب منها واستخدمها النظام بعبقرية قلما نجدها في أي نظام سياسي عربي إذ بهذه الطريقة اخترقت الجبهة من قبل الاخوان المسلمين… كانت للجبهة رؤية فأستمرت في التعاون والتحالف مع الاخر المختلف بل والمتعارض وتم التعامل معه وهو في المحسوب على ملاك الاعداء سواء بثقافة المجتمع المتوارثة او دعايات النظام  …يحسب للجبهة انها في وقت مبكر فتحت المجال للفكر الوطني لاعادة تدوير مسألة الاستعانة بالكافر لمكافحة الظالم وكان لها السبق وطنيا في تغيير مفاهيم حول دار الكفر ودار الحرب ودار السلام والفرق بينهم بل انني اقول ان الجبهة جمعت في ذلك الاوان المبكر من صحوة الليبيين بين الاضداد ذاتهم كالفرنسيين والالمان.

هذا الشعور المتقدم لم يقع حصره ضمن مورثات التقاليد العربية في وراثة العداوة والاعداء دون رؤيتهم او الاستماع اليهم… الحقيقة في هذا دليل على ان العقائد التي تساهم في الظروف العادية في تشكيل وعي الناس وتكون محفزا لهم تتأخر وتتراجع عند احتدام الصراع الاجتماعي فالمنظومة المحركة تكون اعلى نبرة في الداخل كونها ترتبط بمنظومة حقوق الانسان حيث تتفق البشرية وتجتمع …الحس الانساني والوعي بقيمة الانسان هو المعيار وهو المقياس وهو الذي يحدد مستوى التحالفات وايضا تكيف العلاقات السياسية والاجتماعية على الاقل هذا ما انتجته العلاقة بين الجبهة وذلك الاجنبي الذي منح الملاذ.

اشتمل مشروع الدكتور المقريف على تجربة عمل جبهوي متميز وان ظل قليل الثمار اذ انطلق من القيم والاهداف المشتركة التي اعلنها الا ان الهدف الاكبر ظل هو الذي يحرك وجدانه ويهيمن عليه واصبحت التصورات كافة متمحورة عليه بل اضحت مقياس يقاس به الولاء وهذا عائد في تصوري لمتابعة دقيقة لما يحصل في الداخل حيث ان النظام اتبع نفس الاسلوب.. الولاء قبل أي شي اخر ولاقيمة لاي خبرة او دراية دون  الولاء …في احيانا كثيرة كان الولاء مصطنعا او نتيجة ضغوطات افرزتها الحالة التي وصلت اليها البلاد من تدني وجور… اي ان الجبهة اشتغلت بنفس ادوات النظام ظانة انها بذلك لاتخرج عن المألوف وانها تحاكي الواقع وتطبيقاته… وهذا هو التنك الذي قصدته فهو خطأ استراتيجي يعود لعدم وجود بنية معرفية للجبهة يمكنها من خلالها التنظير… الهدف كان في تصوري اكبر واقوى من قدرات وامكانيات الجبهة فالاطاحة بنظام واستبداله بنظام حديث حر وديمقراطي يمكن ان يكون في المتناول لولا وجود رجل يتمتع بمواصفات خاصة كالعقيد القذافي… للحديث بقية.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

المنتصر خلاصة

كاتب ليبي

اترك تعليقاً