إلى متى يتحكم الجظران والزنتان في قوت الليبيين؟!

إلى متى يتحكم الجظران والزنتان في قوت الليبيين؟!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

article1_13-7-2016

بعد الإطاحة بنظام القذافي وتفكك البنية الأمنية للدولة، وانهيار المنظومة القانونية والضبطية فيها وسيادة الفوضى، مع عدم قدرة الحكومات الوهمية المتتابعة على السيطرة الأمنية على البلد، استغل البعض ممن اغرتهم مصادر القوة التي استحوذوا عليها من السلاح الليبي المستباح الظروف، وشكلوا كتائب وسرايا مسلحة واتجهوا بها الى مصادر النفط الليبي، بحجة حمايتها والاستفادة من ميزات الأموال التي تصرف لذات الغرض أساسا، ناهيك عن ما يمكن الحصول عليه من مزايا أخرى غيرها تحت ضغط القوة والتسويف!، وهو ما حصل فعلا، اذ اتجهت مجموعة من كتائب وسرايا الزنتان وتمركزت في الحقول النفطية في الغرب والجنوب الليبي، في حين اتجهت كتائب أخرى بقيادة الجظران واحكمت سيطرتها على الحقول والموانئ النفطية في المنطقة الشرقية “الهلال النفطي”.

في بداية الأمر عندما كانت الأموال متوفرة، تعامت حكومات العبث على ذلك، بل سوّغت لهم امر الحماية ورضخت لكل مطالبهم المادية، ووفرت لهم ما يطلبونه من مال على هيئة مرتبات ومنح ومكافئات ومهايا أخرى، ووافقت على تعيين اعداد كبيرة جدا من المنتمين لتلك الوحدات دون مراعاة لمواصفات او معايير!، واستمرت عملية استنزاف الأموال بدون واعز او رقيب ، لكن بمجرد ان وقع الخلاف السياسي في قمة الهرم السلطوي، تأثرت آلية ضخ الأموال لتلك المجموعات المسلحة، الامر الذي لم يروق للجظران، ما دفعه الى محاولة الضغط وابتزاز الحكومات فقرر منع تصدير النفط وتعطيله في منطقة الهلال النفطي كاملة، بحجة عدم توفر أجهزة لضبط الكميات وبيع كميات من النفط بطريقة اختلاسية وغير قانونية!

هذا الامر أدى الى تراجع صادرات النفط الليبي، ما أدى الى تناقص الأموال المحصلة وهو ما يعني عجز الحكومات العابثة على تغطية المصاريف للدولة، فاتجهوا الى التفاوض معه وعقدت صفقات مشبوهة بالخصوص عن طريق احد أعضاء المؤتمر الوطني وتكشفت الحقائق ! الا ان الانقسام السياسي في ليبيا الذي تفاقم ونتج عنه الان وجود ثلاث حكومات زاد من تعقيد الأمور وحال دون الاتفاق على إعادة تصدير النفط كما ينبغي ، واستمر الجظران وميليشياته  يحكمون القبضة على مصادر النفط ليستمر  حرمان الليبيين من مصدر رزقهم الوحيد ولمدة تقترب من عامين على التوالي!

كتائب الزنتان بعد الانقسام السياسي، اتبعت نفس الأسلوب ومنعت تصدير النفط من الحقول التي كانت تسيطر عليها في الجنوب والغرب الليبي، وانتهى بها الامر الى قفل أنبوب النفط الوحيد الذي ينقل النفط من الجنوب والغرب الى موانئ الشمال، والذي يمر بالقرب من مدينة الزنتان، كرد فعل لما قام به الجظران من جهة، ومحاولة الضغط على حكومة طرابلس من جهة أخرى، ولا يزال الانبوب مقفلا حتى تاريخه!

السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو: الى متى يستمر الجظران والزنتان يتحكمون في قوت الليبيين؟! الا ينبغي ان يتفق الليبيون جميعا على ضرورة حماية مصادر ثروتهم الوحيدة، وان تتشكل منهم جميعا قوة مشتركة تمثل كل الليبيين ولا تخضع الا لسلطة كل الليبيين، تتولى حماية هذه المواقع وتأمينها، الى ان تتمكن فيما بعد الدولة الليبية من فرض سيطرتها وتفعيل قوتها الحقيقية جيشا وشرطة؟! قد يقول قائل ان هذه التشكيلات قد قامت بالحراسة في السابق ولا ينبغي اقصائها! نقول حينما كانوا يقومون بذلك لم يكن مجانا فقد تلقوا مقابل ذلك مرتبات ومهايا ومزايا مجزية وبغير حساب! لكن ان يصل الحال الى هذه المرحلة بحيث تتحكم مجموعات مسلحة محدودة من هذه المنطقة او تلك في قوت شعب بأكمله فتلك لعمري مهزلة ومهانة!

في كل الدول التي تحترم كيانها وذاتها، تعتبر المصادر الأساسية للثروة فيها من المقدسات، التي ينبغي المحافظة عليها وصونها وتحريم المساس بها، ويخضع ذلك لنظام حماية صارم يتفق عليه دستوريا او اجتماعيا، وفق منظومة من القيم والإجراءات التي تحكم الشعوب، ولذلك يكون المساس بمصادر الثروة من قبل أي كان من خارج اطار الشرعية القانونية والدستورية عدوانا وتعديا صريحا على سيادة الدولة ومقدراتها السيادية، ويكون بالتالي اعلان الحرب عليه مبررا ومشروعا، بل واجبا تقتضيه مصلحة الوطن والشعب، فهل يدرك ذلك الليبيون؟ ام ان لسطوة الخوف شأن آخر!!

[su_note note_color=”#cdf4f6″]هذا المقال يعبر عن رأي كاتبه ولا يعبر بالضرورة عن عين ليبيا[/su_note]

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً