الحياة التي نعيشها هذه الايام هي من صنع الله عز وجل اولا وثانيا معتمدة علي حظوظك والعشوائية في هذه الدنيا. كلنا نؤمن بالقضاء والقدر وكلنا نخاف الله في كل ما نفعل او نفكر ان نفعله. هنالك من يذهب بعيد وببحت عن احد ربما يساعده في التنبئي بما سيحدث له في حياته. يذهب للساحر او المنجم او قراءة الفنجان او الورق وهذه كلها أساليب تعتمد علي العشوائية في اكثر من 99.9% من الحالات. لأي هذه الحالة ينسى الأنسان خالقه ولا يتجه اليه في كل محنه وهو من يعلم الغيب ليس الا.
أي محلل أو متحدث من خارج ليبيا يعتبر ثورة 17 فبراير هي ثورة شعبية ليس مخطط لها ولم يتنبأ بها احد، أم عن طريق السحرة ولا قراءات الفنجان او الورق وانما كانت ثورة نتيجة للظلم واهدار كرامة الناس وبتوفيق من الله عز وجل والذي سخر العالم كله للدفاع عن هذه الثورة. لقد كانوا الليبيين والليبيات محظوظين بان ثورة تونس ومصر قد نجحتا وان الغرب والعالم العربي والاسلامي وقف مع الشعب الليبي وسانده في التخلص من القذافي. لقد كانا محظوظين لان القذافي منبوذ ومكروه من قبل العالم اجمع وحتي من المقربين منه. لم يكن نتيجة العشوائية او الحظ ولكن نتيجة اصرار الليبيين في التخلص منه والحظ الوفير بمن ساعدونا في التخلص من الطاغية والذي لم يكن احد متوقع ان نتخلص من القذافي بهذه الطريق. أولا وأخيرا هو توفيق من الله عز وجل للتخلص من هذا الكابوس وثانيا ربما نتيجة الحظ والعشوائية. ولهذا يجب ان نحكم العقل في كل ما نعمل في ليبيا هذه الايام وعلي العقلاء ان يعملوا مع الشعب والقادة لحماية ليبيا من الذين يريدون شرا بهذه الدولة الحديثة وانهم كثيرون وخاصة بعض الجماعات المتطرفة.
بعد هذا كله يجب علي الليبيين والليبيات تحكيم العقل والوقوف يد واحدة لمنع رجوع طاغية جديد. هذه تجربة جديدة للشعب الليبي وسنمر بمرحلة التصادم والتناحر وكل واحد يفكر في نفسه فقط دون ان يفكر في الدولة. كل هذه ستسقط بانتخاب المؤتمر الوطني وبداية مرحلة تأسيس الدولة والانطلاق نحو الديموقراطية. الكل لا يعرف ماذا يريد وماذا يفعل بهذه الحرية الجديدة ويترجمها حسب ما يرائي هو او حسب ما قالها رجل المربوعة او الزنقة او المسجد. ولكن بعد الانتخابات الاولي سيزداد وعي الناس ويصدقون بانهم قادمون علي عهد جديد وحياة جديدة بها الحظ والخطاء والعشوائية اكثر مما نتصور ولكن لن يتم هذا الا اذا حكمنا العقل واخترنا من يقودنا حسب الكفاءة والخبرة وليس حسب الايدولوجية الدينية او المتطرفة لأى ايدولوجية اخرى.
هنا يجب علي المجلس انجاح الانتخابات وباي طريقة ومحاولة إفشال القبلية والجهوية والعنصرية اثناء تأسيس لجان الانتخابات. هذا يتم بان توضع شروط وضوابط للمرشحين وبإشراف كامل من الامم المتحدة وتدريب ليبين للمرحلة القادمة من الانتخابات. بدون وضع لوائح وثوابت وأسس لكل لجنة ولكل مرشح ولكل شيء له صالة مباشرة او غير مباشرة بالانتخابات, حتما ستفشل ونعود لروح القبلية والعنصرية والفرقة كما كان القذافي يفعل.
توعية الناس مهم جداً وذلك بإلقاء محاضرات وندوات من قبل ناس وطنيون ومخلصين وليس لهم أجندة خاصة او من يتسترون وراء أيديولوجيات دينية او غير دينية وتضليل الناس بان من سيحكمونكم هم كفار او ملحدين ام متزمتين . يتم هذا من خلال مؤسسات المجتمع المدني وكذلك الاعلام النزيه ومن ناس تعي ما تقول ووطنية.
كما يجب علي الحكومة الحالية أو القادمة عدم التدخل في اي شيء او ترشيح انفسهم او التشكيك في المرشحون للمؤتمر الوطني مهما كان هذا الشخص اذا توفرت فيه شروط الشخص المرشح. كما يجب عليها توفير الأمن اثناء الانتخابات ونأمل ان تسرع بهذا والذي هي فشلت فيه اكبر فشل. نأمل من الحكومة ان تتفق مع الجهات ذات الخبرة من الدول الغربية والأمم المتحدة في الاشراف علي هذه الانتخابات وإنجازها والتعاون مع لجان المجلس الانتقالي.
لأن الوقت قريب ومازال اقل من 70 يوم، هنا يجب التفكير جيدا وتكليف الأمم المتحدة بأجراء الانتخابات وتنظيمها والأشراف عليها. يجب ان يكون وجود الليبيين والليبيات مع الأمم المتحدة في كل شيء ويشترط تدريب الليبيين والليبيات ممن اختيروا لتسير الانتخابات حسب السيرة الذاتية. تدريبهم لكي يشرفوا علي الانتخابات القادمة وانتخابات المجالس المحلية. الميزانية المخصصة للانتخابات تعطي للأمم المتحدة وهي بدورها مسؤولة علي اول انتخابات بليبيا حيت خبرة الليبيين والليبيات ضعيفة جدا. حسب علمي هذه الميزانية هي 62مليون دينارا. انا متأكد بان الليبيين سيكتسبون خبرة ممتازة تؤهلهم لتسير الانتخابات القادمة. اما اذا اردنا ان نجريها مثل ما نقوم به في اعراسنا فأنها حتما ستنجح ولكن يكون هنالك القبلية والجهوية وعدم النزاهة في بعض الأحيان.
ثوار ليبيا الحقيقيون هم من سينجح هذه الانتخابات والخروج بنا للبداء في تأسيس الدولة. الثوار الحقيقيون هم من سيقف درع واقي لكل الناخبين وأبعاد المتسللين وأشباه الثوار وكل من يكن السوء لهذه الثوار. دورهم سيكون كبير لقفل صفحة العنف وتوحيد الصف ومثالا لنا جميعا. هؤلاء الثوار الحقيقيون هم من سيكون عون للمجلس وللحكومة وللشعب الليبي في تخطي صعاب اليوم والتي اصبحت صعب التخلص منها ، والحكومة الحالية لا تستطيع عمل أي شيء وغير قادرة لغياب القيادات الفعالة والناجحة. نأمل من الحكومة ان تقوم بالتركيز علي توفير الأمن والغداء والدواء خلال ما تبقي لها من وقت. كما يجب علي الحكومة ان تتواصل مع العالم الخارجي وتقنعهم بانها قادرة علي تسير البلاد خلال المرحلة الانتقالية وحفظ الأمن اثناء الانتخابات رغم انهم فقدوا الثقة بالحكومة الحالية كما فقدها الشعب والمجلس الانتقالي.
نأمل ان يكون الوقت في صالح الليبيين والليبيات للقفز من مرحلة الفوضى الي مرحلة الدولة . لتفعيل عجلة الديموقراطية يجب علينا ان نتكافل مع بعض وخاصة من عايش هذه التجارب اثناء مرحلة التحرير. الحكومة كل يوم تغوص في رمال البعد عن الناس وعدم اتخاد القرارات الشجاعة لفرض هيمنة الحكومة وفرض سيادة الدولة. نجد ان الأجانب يجبون ليبيا طولا وعرضً ولاحد يعير اهتمام. يتآمرون مع المتآمرون ويتدخلون في صنع القرار ويساندونها بعض الأطراف لغرض انجاح سياسة معينة وارضاء القوي الكبرى. يجب مراقبة الأجانب بليبيا لأنهم يدخلون لأغراض اخري والأن ليبيا ليس بها أي نوع من البزنس. يجب فرض قيود عليهم ومراقبتهم مع من يتقابلون او يتعاملون. يجب ارجاع المخبرين والمباحث لأن ليبيا اصبحت مباحة لهؤلاء الأجانب وعلينا ان نضع قيود علي تحركاتهم الي ان تقوم الدولة وتصبح لنا اسس وقواعد وقوانين مفعلة وشرطة قوية وجيش يعتمد عليه. انها مسؤولية كل ليبي وليبية ان يكون من يحمي ليبيا من هؤلاء وخاصة ممن يأتون من دول الجوار وصاروا ينهبون ثروات ليبيا ويجلبون لنا كل الفواحش وكل الأشياء الغير مقبولة باي مكان بالعالم. يجب ردعهم وردهم من حيث اثووا الي ان نبنى ليبيا ونطبق القوانين.
ليبيا ستبقي حرة ولن يهزم اصحاب الفكر الوطني وسيتلاشى اصحاب الأطماع الخاصة واصحاب النفوس الضعيفة ممن يتسترون وراء الدين ووراء دول طامعة في ليبيا لتجعلها تحت أمراؤها ونهب خيراتها.
د ناجى جمعه بركات
وزير الصحة سابقاً
المجلس الوطني الانتقالي-ليبيا (المكتب التنفيذي)
الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.
اترك تعليقاً