تقرير: محاصصة المناصب السيادية.. بين قبول ورفض

أعلن وفدي مجلس النواب والأعلى للدولة، يوم 23 يناير 2021، في ختام محادثاتهم في بوزنيقة المغربية، الاتفاق على توزيع المناصب السيادية بين الأقاليم الثلاثة.

ويقضي الاتفاق الذي تم التوصل إليه، بتولي إقليم برقة منصبي مصرف ليبيا المركزي وهيئة الرقابة الإدارية، ولإقليم طرابلس منصب ديوان المحاسبة والنائب العام والمفوضية الوطنية العليا للانتخابات، ويتولى إقليم فزان منصبي هيئة مكافحة الفساد والمحكمة العليا.

ولاقى الاتفاق الذي تم التوصل إليه، ردود فعل ورفض واسعين، حيث استهجن المجلس الأعلى للقضاء في بيان له، ما وصفه بـ”منطق المحاصصة المناطقية” في توزيع المناصب السيادية.

كما أعلن عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي، رفضهم لترسيخ مبدأ المحاصصة في توزيع المناصب السيادية، في حين اعتبر 40 عضواً من المجلس الأعلى للدولة، اتفاق توزيع المناصب السيادية الذي تم التوصل إليه في بوزنيقة المغربية، منعدماً ما لم يصوت عليه مجلسي النواب والأعلى للدولة.

وفي ذات السياق، قال عضو ملتقى الحوار السياسي الليبي عبد الرزاق العرادي، إن ملتقى الحوار وضع خارطة الطريق والأطر المرجعية التي يستند عليها في لقائه وهي قرار مجلس الأمن رقم 2510 لسنة 2020 والاتفاق السياسي والإعلان الدستوري والمادة 64 من الاتفاق السياسي.

وأشار العرادي في تصريح لـ”عين ليبيا”، إلى أن مجلسي النواب والأعلى للدولة قاموا بتشكيل لجنة للاتفاق على المناصب السيادية اجتمعت عدة مرات في بوزنيقة المغربية، وخرجوا بالاتفاق الأخير الذي سبب جدلاً كبيراً، لافتاً إلى أن المجلسين كان من المفترض وفقاً للمادة 15 من الاتفاق السياسي، أن يقوموا بالنظر في شاغلي المناصب السيادية السبعة منذ خمس سنوات مضت ويصلوا إلى اتفاق بصددها.

ولفت إلى وجود مشكلتين تتمثلان في أن يتم التوافق بين المجلسين، والمشكلة الثانية أن مجلس النواب يقر هذه التعيينات بنصاب الثلثين وهذا غير متاح بالنظر إلى تشظي مجلس النواب وتعذر تطبيق المادة 15من الاتفاق السياسي، مشيراً إلى أن ملتقى الحوار السياسي أمهل المجلسين فترة 60 يوماً للوصول إلى الاتفاق بشأن المناصب السيادية.

ونوه العرادي إلى أنه كان من الأولى بالمجلسين أن يفتحوا الباب على مصرعيه لليبيين من ذوي الكفاءة لشغل هذه المناصب، وعند تساوي الكفاءة يمكن أن يتم الترجيح بالتوازن الجغرافي بحيث يكون متاح لجميع الليبيين أن يشاركوا في خدمة بلدهم بدل عن تحديد المهمة لمنطقة معينة.

وفيما يتعلق بالسلطة القضائية، أوضح العرادي أنه بالرغم من أن قانون المحكمة العليا 1982م ينص على أن تسمية رئيس المحكمة يتم من قبل السلطة التشريعية، إلا أنه في ظل الظروف الحالية كان يفترض أن تتم الترشيحات المتعلقة بالسلطة القضائية من قِبل المجلس الأعلى للقضاء وأن يطلب المجلس ترشيحات من دوائر الاستئناف التسعة الموجودة في البلاد ويختاروا رئيس المحكمة العليا من بينهم وبالنسبة لمنصب النائب العام يتم ترشيح المحامين العامين في كل محاكم الاستئناف التسعة ويتم الاختيار من بينهم.

المشهد السياسي الآن أكثر قتامة مما كان عليه خلال الحرب

من جانبه قال عضو المجلس الأعلى للدولة عبد الرحمن الشاطر، إنه يرى أن المشهد السياسي الآن أكثر قتامة مما كان عليه خلال الحرب التي شنها خليفة حفتر على طرابلس في أبريل 2019 بدعم وتفويض ومباركة وتحريض من دول عدة مؤيدة له ومن عقيلة صالح بصفته رئيسا لمجلس النواب الليبي.

وأضاف الشاطر في حديث لـ”عين ليبيا”: “كنا منتبهين إلى خطر الحروب التي تشن على المدن في مسعى انقلابي محموم للاستيلاء على الحكم في ليبيا وإعادة الشعب الليبي إلى حظيرة حكم العسكر، فإذا بفكر الجهوية والإقليمية يتنامى ليصبح عند الكثيرين، وللأسف حتى سياسيين، في حكم الأمر الواقع الذي يجب التعامل معه وتلبية رغباته”.

وأشار إلى أن المحاصصة في تكليف المسؤولين لتقلد مناصب في الدولة قد تكون مقبولة عندما تراعي الكفاءة والقدرة والمهارة، لكنها تكون أسفينا في قلب الدولة عندما تصير وسيلة لتمكين الجهلة والمتخلفين عقليا وحضاريا لقيادة شؤون البلاد وهم لا يجيدون حتى المشي على أقدامهم، حسب وصفه.

وقال الشاطر: :”إن موجات التخلف التي تزحف على ليبيا من فكر متطرف إلى فكر جهوي قبلي عفن ستؤدي إلى المزيد من إضعاف الدولة الليبية والقضاء عليها”.

ولفت إلى أن الاستقرار والتقدم بالبلاد لا يصنعه الجهلة و معتنقي الأفكار والمذاهب البعيدة عن روح العصر الذي نعيشه، وأن الحوارات السياسية التي تقسّم وتتعامل مع مشاكل الدولة بفكر المحاصصة إنما هي تُمهد لتقسيمها إلى دول ستكون متناحرة تسيل فيها الدماء.

وأضاف: “أستغرب أن تتماهى بعثة الأمم المتحدة مع هذا التفكير المتخلف بل تكرسه تكريسا موشحا برضا وتأييد الأمم المتحدة ومجلس أمنها في تناقض صارخ لمبادئ قيم حق الشعوب في اختيار من يحكمها و تكريس العمل الديمقراطي السليم فيها ، وهي القيم التي أسست من أجلها وعليها أن تحميها وتدافع عنها”.

وأردف يقول: “كنا نعتقد أن البعثة الأممية ستساعدنا في الارتقاء بالدولة الليبية إلى براح القرن الواحد والعشرين بكل حداثته وقيمه ومعطياته الحضارية… فإذا بها تتبنى فكر الجهلة والانقلابيين وتُمهد كافة الطرق لهم ليستلموا ليبيا ويسيطروا عليها وأصبح من يترأس هذه البعثة يفكر بعقلية وفكر الجهوية والقبيلة وحتى العسكري الانقلابي”.

ونوه الشارط إلى أن البعثة الأممية لم تدافع عن حق الشعب الليبي في اختيار من يحكمه وإنما أصبحت تدافع عن حق القبيلة والأقليم والعسكري الدموي الانقلابي في أن ينتصر على مدنية الدولة ووحدة البلاد فيقسمها وعلى حق المساواة بين الليبيين بتفضيل قبيلة على أخرى وإقليم على آخر وعسكري على سياسي مدني.

واختتم حديثه بالقول: “ليبيا اليوم في حاجة ماسة إلى ثورة ثقافية عصرية أكثر من أي وقت مضى.. ثورة تنتزع الفكر المتخلف البعيد عن العصر بكافة أنواعه لتغرس وتجذّر فكر العصر الحديث لانتشال ليبيا من وحل الأوهام إلى الحقيقة”.

المحاصصة قد تجر إلى الفساد أكثر من ما كان في السابق

يرى الكاتب والمحلل السياسي الليبي الدكتور فرج دردور، أن المناصب السيادية يجب أن تكون بعيدة عن أي محاصصة، ويجب أن تخضع إلى أمور فنية ومعايير لها علاقة بالتخصص.

وفي حديث لـ”عين ليبيا”، أشار د. دردور إلى أن المحاصصة قد تجر إلى الفساد أكثر من ما كان في السابق، لأن المحاصصين لا يمكن محاسبتهم وهم محتميين بمن قدم لهم هذا المحاصصة، وبالتالي سوف تفشل هذه المؤسسات لأنها لا تخضع لنظام الدولة وإنما لنظام المحاصصة.

وأوضح أن هذه المناصب بالإمكان أن تخضع للمنافسة وفق للسير الذاتية والتخصص، ومسألة تغييرها أمر ضروري ولكن لا بد أن تخضع لمعايير علمية معروفة في العالم كله.

المحاصصة دفعت الأمازيغ إلى إعلان إقليم رابع

يُشير الأكاديمي والباحث الليبي د. أحمد معيوف إلى أن رئيس مجلس النواب المنعقد في طبرق عقيلة صالح، صدر عنه التزامه بمخرجات مؤتمر برلين، وبنود إعلان القاهرة، والمبادرة السياسة الصادرة عن رئاسة مجلس النواب لحل الأزمة ووقف الصراع في ليبيا، محذرا في ذات الوقت من “محاولات خلق مسارات موازية والقفز على ثوابت المساواة والعدالة بين الليبيين، وأهمها حقوق سكان الأقاليم الثلاثة في التعبير عن إرادتهم الحرة في خدمة إقليمهم، واختيار ممثليهم وصياغة دستور للبلاد، وتحقيق المصالحة الوطنية”، لكنه أكد في ذات الوقت، أن الاحتكام لمبدأ “المغالبة العددية يتناقض تماما مع مبدأ التوافق القابل للتطبيق في بلد شهد صراعا دمويا”، مشددا على أنه “من غير الممكن إنجاز توافق قابل للتطبيق بهزيمة أحد الأطراف عدديا.

وقال د. معيوف في تصريح لـ”عين ليبيا”: “لكن ما غاب عن عقيلة صالح الذي يثمن قيمة (التوافق) على حساب (المغالبة) العددية أن مبادرته التي أعلنها باسم رئاسة البرلمان وكذلك إعلان القاهرة لم يتم التوافق فيها مع شركاء الوطن… أي انه ينتقد ما يتبناه بانتقائية مفرطة.

ولفت د. معيوف إلى أن إقرار مبدأ التوافق بالشكل الذي يرتضيه عقيلة صالح يخلق إشكالية المحاصصة في المناصب السيادية وفي الجهاز التنفيدي، وينفي مضمون الديمقراطية التي تعتمد على ما يراه الأغلبية، هذا من جهة، ومن جهة ثانية سيضع قاعدة حقوقية هدامة.

وأردف يقول: “المحاصصة التي نتجت عن هذه الخيارات التي تبناها السيد عقيلة ومن على شاكلته ودفعوا إلى تجسيدها في اجتماعات لجنة 75 التي صنعتها الإرادة الدولية، دفعت فئة أخرى تشعر بالتهميش وتغيبها قصرا عن المشهد السياسي وهي فئة الأمازيغ، مما دفع البلديات الأمازيغية إلى عقد اجتماع أعلنوا فيه تكوين إقليم رابع يمثلهم… وربما سنرى فئات أخرى تحذو حذو الأمازيغ… من منطلق الاحتكام إلى التوافق، فيجب على الداعين له أن يقبلوا بنصيب “(لإقليم الرابع) في المناصب السيادية والتنفيذية، وتُقسم ليبيا بعد أن قسمت جغرافيا إلى تقسيم إثني من حق المنتسبين إليه أن يتم التوافق على مطالبهم.

وأوضح قائلاً: “لا حل لهذه الإشكالية التي ستكرس مزيد من التقسيم إلا الدفاع عن أهم مبادئ الديمقراطية وهي قيمة صوت الفرد وليس قيمة الجغرافيا”.

المحاصصة على الأسس الجهوية تُرسخ التجزئة وتعطل التطور والاندماج

ينوه الكاتب الصحفي عبد الكبير، إلى أنه قد يتم تكريس المحاصصة لتتراجع معايير الكفاءة والخبرة.

وقال في تصريح لـ”عين ليبيا”: “كما أن المحاصصة على الأسس الجهوية تُرسخ التجزئة وتعطل التطور والاندماج فيبقى الشعب رهينة لمرحلة تاريخية يفترض أنه تجاوزها ماضيا في التبلور اجتماعيا وسياسيا في كيان متحد يعلي من قيمة المواطنة ويتجاوز الانتماءات الفرعية الضيقة”.

وأشار إلى أن تجارب الدول مع المحاصصة أدت إلى نتائج كارثية على المستوى الوطني وكمثال لبنان والعراق.

وأضاف موضحاً: “فالتقسيم الطائفي كان مضرا بالبلدين وساهم في تحويلهما إلى مصاف الدول الفاشلة أو الأقرب للفشل… من يدعون للمحاصصة هم الفاشلون العاجزون عن خوض منافسة شريفة مع الآخرين لأنهم غير واثقين من قدراتهم.. لذلك يتكئون على المحاصصة ويهيجون الغوغاء لفرض أنفسهم وتحقيق مصالحهم”.

الأقاليم التاريخية هي في حقيقتها تسمية استعمارية

أبدى الدكتور رمضان بن زير الأمين المفوض للمركز العربي الأوروبي لحقوق الإنسان والقانون الدولي وعضو مؤسس لمنظمة الحوار الليبي، استغرابه من أولئك الذين يدعمون ويدافعون عن عملية المحاصصة في توزيع المناصب السيادية بين من يسمونها بالأقاليم التاريخية، موضحاً أنها هي في حقيقتها تسمية استعمارية جاءت بناء على اتفاق بريطاني إيطالي فرنسي بحيث تكون المنطقة الغربية من نصيب إيطاليا والشرقية لبريطانيا والجنوبية من نصيب فرنسا.

ويقول د. بن زير في حديث لـ”عين ليبيا: “قد تم رفض هذا التقسيم من قِبل الجمعية الوطنية الليبية لكن تم فرضه وبحكم الدستور الليبي بحيث أصبحت ليبيا دولة مركبة تحت اسم المملكة الليبية المتحدة مند عام 1951… وقد استمر هذا الوضع لمدة 10 سنوات إلى أن تم إلغاءه بموجب التعديل الدستوري سنة 1963 ومند ذلك التاريخ أصبحت ليبيا دولة بسيطة تحت اسم المملكة الليبية وقسمت إلى 10 محافظات”.

وأضاف: “اعتقد جازما أن ما كان صالحا لسنة 1952 لن يكون مقبولا ونحن في سنة 2021… للأسف ما أقدم عليه الإخوة في مجلسي النواب والدولة في اجتماعهم بالمغرب أمر مخالف للمادة الثامنة من الاتفاق السياسي التي تُؤكد على أهمية وضرورة المساواة بين كل الليبيين ورفض أي تميز بينهم”.

واعتبر د. بن زير هذا الاتفاق يعد من الناحية القانونية في حكم المعدوم لأنه لا يحق -لمجموعة ابوزنيقة- اتخاذ أي قرار إلا بعد العودة لمجلسي النواب والدولة، كما يعد هذا الاتفاق مخالف للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي وخاصة الاتفاقية الدولية للحقوق المدنية والسياسية وليبيا عضو موقع على هذه الاتفاقية وملزمة بالتقيد بكافة مبادئها.

وتابع يتساءل: “والسؤال الذي يطرح نفسه لماذا بعثة الأمم المتحدة باعتبارها بعثة دعم لم توضح ذلك للسياسين الليبيين؟ أن اعتماد عملية المحاصصة في أبوزنيقة هي التي جعلت البلديات الأمازيغية يعتبرون أنفسهم إقليم الرابع حتى يتمكنوا من الحصول على مناصب سيادية في في الدولة.. وقد سبقتهم في ذلك بعض مدن المنطقة الوسطى بأنها لن ترض بتبعيتها إلى إقليم طرابلس لأنها تتوفر على مساحة كبيره وعدد سكان كبير أيضاً”.

وأردف د. بن زير: “يمكن القول أن عملية المحاصصة قد تقبل في عملية توزيع الثروة بين كل المدن الليبية.. لكن لا أن يمكن أن نقبل بعملية تدوير المناصب بين الذين ساهموا في إيصال ليبيا إلى ما هي عليه الآن من فساد.. كيف يمكن أن نقبل بمن تلوثت يداه أو دعم العدوان على طرابلس الذي ذهب ضحيته الآلاف من الضحايا والتدمير الذي لحق بأملاك الناس والأملاك العامة أن يكون على رأس المجلس الرئاسي.. كما لن نقبل من أي حزب سياسي يحترم أعضائه القيم الإنسانية أن يعقد صفقة مع هؤلاء بهدف وضع حلا للوضع الحالي لليبيا حسب وصفهم”.

ولفت إلى أن العمل بعملية المحاصصة والالتزام بها يتنافى مع الهدف المنشود لبناء دولة المدنية الديمقراطية دولة القانون والمؤسسات.

وأوضح د. بن زير أن أفضل وسيلة للقضاء على المركزية في هذه المرحلة ليس النظام الفدرالي أو توزيع المناصب عن طريق المحاصصة بين هذه الأقاليم ومتناسين الكفاءة والخبرة بل العمل بالنظام اللامركزي ويمكن أن يتحقق ذلك بتقسيم ليبيا إلى 6 أقاليم وهي (إقليم برقة البيضاء، إقليم برقة الحمراء، إقليم المنطقة الوسطى، إقليم طرابلس، إقليم المنطقة الغربية، إقليم فزان “يمكن تقسيمه أيضاً”).

واختتم بالقول: “وبهذه الطريقة يمكن أن نقضي على التقسيم الاستعماري الذي ما زال البعض يتمسك به وللأسف”.

لجنة الـ75 بملتقى الحوار جانبها الصواب وخيبت الآمال

في تصريح خص به شبكة “عين ليبيا” مساء الأحد، حول اختيار المناصب القيادية على أساس المحاصصة الإقليمية، قال الدكتور عمر عثمان زرموح أستاذ الاقتصاد بالأكاديمية الليبية ورئيس مجلس إدارة المنظمة الحوار الوطني، إن “لجنة الـ75 المُشكلة من قِبل البعثة الأممية قد جانبها الصواب وخيبت الآمال في أن ترتقي للمستوى الذي نتمناه للشعب الليبي”.

وأوضح د. زرموح أن ذلك يأتي لعدة أسباب تتمثل في:

  • إن أي شخص يتم اختياره لأي من هذه المناصب القيادية يجب أن يخدم كل الليبيين لا طائفة منهم، وعلى سبيل المثال: رئيس الحكومة هو رئيس حكومة كل الليبيين في كل التراب الليبي وليس رئيس حكومة منحازة لإقليم أو منطقة.. إن التفكير في أن يكون شخصاً ما من منطقة ما بالذات دون غيرها يعني أن لجنة (75) تقبل أن يكون هذا الشخص منحازاً لمنطقته وهذا التفكير في حد ذاته كارثي…. على عكس هذا التفكير أتمنى أن تصدر هذه اللجنة قرارات مشددة تنص على معاملة كل الليبيين في كامل التراب الليبي على قدم المساواة ووفق القانون، ويجب اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة ضد كل مسئول يثبت أنه مارس الانحياز المناطقي في قراراته أو تعليماته، وأنه يحق لكل ليبي أن يتظلم ضد القرارات الخاطئة التي تعبر عن الانحياز المناطقي
  • إن المحاصصة تُغيب تغييباً كاملاً أو شبه كامل معيار الكفاءة الذي يجب أن يحظى بالأولوية المطلقة في الاختيار… ولا أقصد بالكفاءة ما يتعلق بالجانب الفني فقط بك كل الجوانب التي تدخل في مسئوليات شاغل المنصب، بما فيها مواقفه السابقة من قضايا الوطن
  • إن المحاصصة تخلق الحساسيات والتوتر بين أبناء الشعب الواحد وذلك عند تحديد أن شخصاً متقدماً للترشح لأحد المناصب وهو مقيم في المنطقة (س مثلاً) لعدة عقود من السنين ولكن أصوله ترجع إلى منطقة أخرى (ص مثلاً) فمن أي المنطقتين سيتم تصنيفه؟…. وغني عن البيان أن الليبيين عبر الزمن قد تصاهروا وأصبحوا أهلاً وأعماماً وأخوالاً ينتمون لمنطقة واحدة هي ليبيا ويحملون جنسيتها لا فرق بينهم ولا تفريق
  • إن المحاصصة قد تفتح الباب أمام المجرمين للتسلق للمناصب القيادية ومن ثم العمل على زرع الفتن وشن الحروب وإبادة الناس وتدمير البلد بدلاً من زرع المحبة ونشر السلام وبناء ما دمرته الحروب السابقة وصنع التنمية الاقتصادية والبشرية والعمل على اللحاق بركب التقدم
  • إن ما يسمى بالأقاليم التاريخية (طرابلس، برقة، فزان) هي أقاليم صنعها الاستعمار فلا ينبغي التشبث بها خاصة وأنها قد تجاوزها الزمن منذ التعديل الدستوري في عام 1963 بعد انتهاء الحواجز التي أوجدتها وبررتها غداة الاستقلال عام 1951 كما أن عدد سكان ليبيا كان 1088000 نسمة في عام 1954 وقد تضاعف الآن إلى أكثر من 6 أضعاف وانتشر الوعي والمعرفة بين الناس وتغيرت كل الظروف وأن ما كان صالحاً عام 1951 ليس بالضرورة أن يكون صالحاً الآن

ونصح د. زرموح لجنة الـ75 أن تفكر خارج الصندوق الاستعماري الذي تحررت ليبيا منه لا أن تعيدنا إليه.

واختتم حديثه بالقول: “وحتى بالنسبة لمن يدعون للنظام الفيدرالي فأرى أن الأولى أن يفكروا في رسم ولايات جديدة بناء على معايير سكانية وجغرافية مع الأخذ في الحسبان التطورات التقنية.. وعلى سبيل المثال فإن المواطن الليبي في منطقة الكفرة يعتبر مدينة بنغازي بعيدة عنه كبعد طرابلس إذ قاس رحلة سفره لأي منهما بالطائرة.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً