خبراء تونسيون.. الحكومة تقدم أرقامًا مغلوطة قد تدفع الاقتصاد للانهيار

المؤشرات الاقتصادية المعلنة من قِبل الحكومة مثيرة للشبهة وفيها مغالطات كبيرة. [أرشيف/إنترنت]

حذّر خبراء اقتصاد في تونس من أنّ الأرقام الرسمية التي تقدمها الحكومة عن نسب الدين العمومي وقيمة الدينار والمؤشرات الاقتصادية عامة خاطئة، متهمين إياها بـ ”الكذب“ ومؤكدين أنّ البناء على هذه الأرقام المغلوطة قد يدفع بالاقتصاد التونسي إلى الانهيار السريع.

وأكد الخبير الاقتصادي عز الدين سعيدان،الجمعة 17 يناير / كانون الثاني 2020 أنه ”خلافًا لما أشار إليه وزير المالية رضا شلغوم في جلسة البرلمان، أمس، فإن الديْن العمومي في تونس لم يشهد انخفاضًا العام 2019.

وفي تدوينة شديدة اللهجة نشرها، اليوم، عبر صفحته على موقع ”فايسبوك“ تحت عنوان“ منتهى الكذب“، قال سعيدان إن ”وزير المالية كان قد أكد، أمس، في مجلس نواب الشعب أن نسبة المديونية شهدت انخفاضًا لأول مرة بـ5 نقاط لتمرّ من 77.9 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 72.7 بالمائة لافتًا إلى أن وزير المالية تحدث عن نسبة المديونية ولم يشر إلى الديْن العمومي في حد ذاته، متسائلًا هل أن الدولة التونسية ستقوم بتسديد نسبة المديونية أم الديْن العمومي؟.

وأوضح سعيدان أنه ”لكي يتم احتساب نسبة المديونية بالدقة التي أشار إليها وزير المالية (72.7 بالمائة) فإنه يتعين معرفة رقم الناتج المحلي الإجمالي في نهاية العام 2019، وأن المعهد الوطني للإحصاء لم يحدد حتى الآن هذا الرقم الذي سينشر يوم 15 فبراير 2020، وفق تأكيده.

وأضاف الخبير الاقتصادي أنّ قانون المالية التكميلي للعام 2019 يشير في صفحته عدد 16 إلى أن نسبة المديونية كانت في حدود 77.1 بالمائة العام 2018 وأنها انخفضت إلى 75.1 بالمائة العام 2019 وليس (72.7بالمائة) مستغربًا ما اعتبره ”التناقض بين تصريحات الوزير وقانون المالية التكميلي المنشور على موقع الوزارة“.

وقدم سعيدان أرقامًا قال إنها واردة بالموقع الرسمي للوزارة تؤكد تطور الدين العمومي من 55.921 مليار دينار (حوالي 19 مليار دولار) و67.830 مليار دينار (حوالي 23 مليار دولار) عامي 2016 و2017 أي ما يمثل 62.4 بالمائة و70.2 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي إلى 81.345 مليار دينار (حوالي 27 مليار دولار) و86.245 مليار دينار (حوالي 29 مليار دولار) عامي 2018 و2019 أي ما يمثل 77.1 و75.1 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وأشار إلى أن الديْن العمومي كان يتوزع قبل العام 2016 بنسبة الثلث كدين داخلي ونسبة الثلثين كديْن خارجي بالعملة الصعبة، وأن هذا التوزيع تفاقم ليصبح 30 بالمائة كدين داخلي و70 بالمائة كدين خارجي، مفسّرا أن ذلك يفاقم الاعتماد على التداين الخارجي.

وأكّد الخبير الاقتصادي أن تقدير قيمة الدينار العام 2019 كانت مصطنعة ومؤقتة ومكلفة لتونس، وأنها مقارنة بالعملة الأوروبية تجاوزت نسبة 10 بالمائة العام 2019، متسائلًا عن كيفية تسجيل تحسن في قيمة الدينار في الوقت الذي شهدت فيه كل المؤشرات تراجعًا.

وألمح سعيدان إلى أن بعض الخبراء الاقتصاديين التونسيين والأجانب كانوا قد وصفوا عملية ”التصرف“ في قيمة صرف الدينار بأنها ”غير مسؤولة“، لافتًا إلى أنه تم استعمال هذه التقديرات للعملة التونسية خلال الحملة الانتخابية للعام 2019، ولكن أيضًا للتقليل من أهمية حصة العملة الصعبة في الدين العمومي.

من جانبه، اعتبر الخبير الاقتصادي سالم بن عيسى خلال حديث لـ ”إرم نيوز“، أنّ جميع المؤشرات الاقتصادية المعلنة من قبل الحكومة والخاصة بالعام 2019 تبدو مثيرة للشبهة وفيها مغالطات كبيرة، مؤيدًا ما ذهب إليه سعيدان من أنه لا صحة لانخفاض الديْن العمومي وارتفاع قيمة الدينار قياسًا بالعملات الدولية، وفق تأكيده.

وأوضح بن عيسى أنّ حكومة تصريف الأعمال عمدت إلى ”تجميل“ المؤشرات الاقتصادية من أجل مغادرة الحكم بأقل تحفظات أو دعوات للمحاسبة، غير أن قراءة متأنية لهذه الأرقام تُثبت أنها غير واقعية، وأنه تم استعمالها لأغراض انتخابية في مرحلة أولى ولأغراض سياسية، لتلميع صورة حكومة تصريف الأعمال والحد من الانتقادات الموجهة إليها، بحسب قوله.

بدوره، أكد الخبير الاقتصادي محسن العباسي لـ ”إرم نيوز“ أنّ هناك إجماعًا بين الخبراء على أن هناك تلاعبًا بالأرقام في تقديم المؤشرات الاقتصادية للعام 2019، وأيضًا في إعداد موازنة الدولة وقانون المالية لسنة 2020، مشيرًا إلى أنّ البرلمان المنتخب حديثًا كان أمام إكراه تمرير قانون المالية والموازنة العامة للدولة حتى لا يتعقد مسار الانتقال الديمقراطي، بحسب تعبيره.

ويشير الخبير الاقتصادي بذلك إلى الضغوط التي يفرضها المانحون الدوليون خاصة صندوق النقد الدولي على تونس لاستكمال الانتقال الديمقراطي والإصلاحات التي تم الاتفاق عليها مع البنك، والتي يُجمع المراقبون على أنها ”مؤلمة“ ولها ثمن باهظ، وفق تأكيدهم.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً