في خضم تصاعد غير مسبوق للتوترات الإقليمية، أعلنت الولايات المتحدة البدء بإجلاء جزئي لموظفي بعثاتها الدبلوماسية في العراق والبحرين والكويت، وإصدار أوامر بالمغادرة الطوعية لعائلات العسكريين من قواعدها في الشرق الأوسط، وسط مؤشرات على تصعيد محتمل مع إيران، بينما تتكثف الجهود الدبلوماسية لإنقاذ ما تبقى من المفاوضات النووية في العاصمة العُمانية مسقط.
ورغم هذه التحركات، نفت إيران وجود أي توتر عسكري مع الولايات المتحدة، مرجّحة أن تكون خطوات الإجلاء “ورقة ضغط تفاوضية”، في المقابل، لوّحت طهران على لسان وزير دفاعها، عزيز ناصر زاده، برد “ساحق” في حال استُهدفت، مشيرًا إلى أن “جميع القواعد الأمريكية في المنطقة ضمن بنك الأهداف الإيراني”.
وفي واشنطن، أقر الرئيس دونالد ترامب بأن “ثقته تراجعت” بإمكانية التوصل إلى اتفاق مع طهران، مؤكدًا أن “إيران لن يُسمح لها أبدًا بامتلاك سلاح نووي”، فيما كشف المبعوث الأمريكي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف أن جولة سادسة من المحادثات النووية ستُعقد الأحد المقبل في مسقط، حيث يلتقي وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي لبحث الرد الإيراني على المقترح الأمريكي الأخير.
ويتزامن التصعيد الأمريكي الإيراني مع تسريبات استخباراتية تحدثت عنها شبكات مثل CNN وCBS، تشير إلى أن إسرائيل أتمّت استعداداتها لتنفيذ ضربة عسكرية ضد منشآت إيرانية، ما يُفسر خطوات الإجلاء الأمريكي، بحسب مراقبين.
وفي خضم ذلك، دعت مصر– عبر اتصال بين وزير خارجيتها بدر عبد العاطي والمبعوث الأمريكي ويتكوف– إلى “استمرار المسار التفاوضي وتجنب الانزلاق نحو الحرب”، فيما حذّرت جماعة “أنصار الله” في اليمن من أن أي هجوم على إيران “سيُشعل المنطقة”، مؤكدة جاهزيتها التامة للرد.
من جانبها، بعثة إيران لدى الأمم المتحدة اعتبرت أن “التهديد باستخدام القوة لن يغيّر من الواقع”، مشددة على سلمية برنامجها النووي، بينما وجّه المندوب الإيراني أمير سعيد إيرواني رسالة شديدة اللهجة إلى مجلس الأمن، وصف فيها الاتهامات الغربية بـ”المضللة والمتحيزة سياسيًا”.
وفي حين عبّر الوزير الإيراني عراقجي عن “تفاؤله بإمكانية التوصل لاتفاق”، رأى مراقبون أن تضارب المواعيد بشأن الجولة السادسة – إذ أعلن ترامب أنها اليوم الخميس، بينما قالت إيران إنها الأحد – يعكس حالة من عدم التنسيق، وربما انعدام الثقة.
يذكر أن الجولات السابقة التي بدأت في 12 أبريل الماضي، شهدت خمس لقاءات في مسقط وروما، لكنها لم تحقق أي اختراق حاسم، وسط إصرار أمريكي على وقف تخصيب اليورانيوم، وتمسك إيراني بـ”الحقوق النووية”، ورفض لأي اتفاق لا يضمن رفع العقوبات بالكامل.
وتزداد المخاوف من انفجار وشيك، خاصة مع تهديد وزير الدفاع الإيراني بأن “كل قاعدة أمريكية في متناول الصواريخ الإيرانية”، وتجربة صاروخ جديد برأس حربي يزن طنين، واتهام ويتكوف لطهران بأنها “تشكل تهديدًا وجوديًا لأمريكا وإسرائيل والعالم الحر”، في تصريح ينذر بتحول مفاوضات مسقط إلى آخر خيط دبلوماسي قبل الهاوية.
اترك تعليقاً