أجري اللقاء في مكتبته.. عين ليبيا تحاور “عبد الرزاق العرادي”

الأستاذ عبدالرزاق العرادي، واحد من الشخصيات الليبية الأكثر إثارة للجدل في الساحة، بآرائه الجريئة، ومتابعته الدائمة لمختلف التحركات السياسية للفرقاء الليبيين.

كان عضوا بالمجلس الوطني الانتقالي. يعتز بإنتمائه الفكري للمدرسة الوسطية المعتدلة كالممثلة في فكر الأخوان المسلمين، شارك في تأسيس حزب العدالة والبناء قبل أن يبتعد عن الممارسة السياسية مؤقتاً.

قبل أيام نشر العرادي، الذي كان أحد أبرز الداعمين للاتفاق السياسي، مبادرة على صفحته على موقع فيس بوك.. أثارت الكثير من التعليقات.

وتدعو المبادرة إلى التخلص من مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والهيئة التأسيسية لصياغة الدستور، والإكتفاء بالمجلس الرئاسي، الذي فوضت له كل صلاحيات هذه الأجسام إلى حين إقرار الدستور الدائم.

عين ليبيا، حاورت العرادي.. بشأن المبادرة.. كما تطرقت إلى بعض القضايا الأخرى.. في المقابلة التالية:

س: مع أنكم كنتم أحد الداعمين البارزين للاتفاق السياسي بصيغته الحالية طرحتم هذه المبادرة، لماذا الآن؟

المبادرة تعني تقديم مقترح وتحمل في طياتها معنى الإسراع في تقديم المقترح أو في تحقيقه لوجود حاجة أو مشكلة أو مختنق يتطلب حلا، وتقديم المبادرات يحمل في طياته أيضاً رسائل عدة؛ منها أن الوضع الحالي لن يوصلنا إلى استقرار ليبيا وبحاجة إلى مبادرات لمعالجته وبالتالي تأتي هذه المبادرة للتعبير عن السخط في الشارع الليبي من هذه الأجسام التي أصبحت جزء من المشكل بدلا من أن يكون همها الأول البحث عن الحل، وهي كذلك تفتقد الاستقلالية والشجاعة اللازمة لوضع حد لمعاناة المواطن الليبي.

س: هناك سؤال يتبادر إلى الذهن، وهو من يقف خلف هذه المبادرة؟ وهل تشاورت فيها مع جهات معينة قبل طرحها؟

أكدت عند طرحي لهذه المبادرة أنها شخصية ولكن تواصل معي بعض رواد المصالحة الوطنية يرغبون في تبنيها ولم أمانع. وهنا أحب أن أؤكد أن الجزء المتعلق بمؤتمر السلام والمصالحة للخروج بميثاق وطني، هو من بنات أفكار الدكتور علي الصلابي حفظه الله.

س: هل تتوقع بعد أكثر من سنة أن يكون المجلس الرئاسي رغم أدائه الباهت قادرا على تفعيل مثل هذه المبادرة؟

سأستعير المثل العربي الذي يقول ليس حبا في زيد ولكنه بغضا في عمرو وبالتالي ليس حباً في المجلس الرئاسي ولكن إستياء وتدمر من تعطيل كل هذه الأجسام للمسار الدستوري الذي أوصلنا إليه المؤتمر الوطني العام ووريثه ومجلس النواب والهيئة التأسيسية لصياغة الدستور.

س: هل المجلس الرئاسي مؤهل للقيام بالمهام التشريعية؟

في الشقيقة مصر تولى مسؤولية التشريع بالكامل شخص واحد في عهد الرئيس محمد مرسى وتولى عبدالفتاح السيسي مسؤولية التشريع فيما بعد إلى حين إستلام مجلس النواب المصري هذه المسؤولية وبالتالي ليس بدعاً أن يتولى تسعة أشخاص مسؤولية التشريع مؤقت للقيام بعمل في غاية الأهمية عطلته هذه الأجسام الهزيلة والتي لم تكن في مستوى المسؤولية حاش بعض الشرفاء الوطنيون.

س: ألا تعتقد أن تطبيق مثل هذه المبادرة بحاجة إلى اعتراف متبادل بين الليبيين؟

الليبيون سيكونون سعداء بالتخلص من الأجسام الفاشلة، بالرغم من أداء المجلس الرئاسي الباهت جدا، هذه الأجسام تكبد الخزانة الليبية أكثر من 150 مليون دينار سنوياً وهم عالة بما تعنية الكلمة، سفر ووفود ومصاريف كبيرة دون أي عائد على المواطن الليبي ولا على الشعب الليبي إلا مصالحهم الشخصية الضيقة.

س: بالنسبة لتكوين المجلس الرئاسي؛ من هي الجهة التي ستكونه؟

المقصود أن يبقى هذا المجلس كما هو، ويلتحق به الأعضاء الذين قاطعوه ويعدل الأستاذ موسى الكوني عن استقالته، وتفصل رئاسة الحكومة عن المجلس الرئاسي ويتم اختيار رئيس الحكومة من خارجه ويتولى الرئاسي  مسؤولياته المنصوص عليها في الاتفاق دون الحكومة بالإضافة إلى كل صلاحيات مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة والهيئة التأسيسية لصياغة الدستور.

س: أليس من الأجدى تشكيل مجلس رئاسي بمعايير غير سياسية مثل الاختيار من بين رؤساء البلديات مثلا، باعتبارهم منتخبين، ويمثلون تلقائيا مختلف جهات ليبيا؟

لو نظرنا إلى الماضي القريب نجد أنه مهما قيل عن المجلس الوطني الانتقالي وعن ضعفه وبالرغم من أنه لم يكن منتخب، لكنه نجح في الاستحقاقات المهمة، أصدر الإعلان الدستوري، وسن قانون الانتخابات، وتحررت البلاد من الاستبداد تحت مظلته، وأجرى الانتخابات، وسلم السلطة. نفس الشيء مطلوب من المجلس الرئاسي الحالي في المبادرة، فهامه ومدته محددة؛ عقد مؤتمر للسلام وصياغة وثيقة وكتابة الدستور على أساس هذه الوثيقة، وهي ذات الفكرة التي أشار إليها الدكتور علي الصلابي، وإصدار قانون الانتخابات العامة طبقا للدستور، وإجراء الانتخابات وتسليم السلطة.

س: المادة 11 تنطوي على عيب دستوري جسيم.. ذلك أن المعيار الذي اعتمدت عليه في منع الترشح غير دستوري، كيف ترى معالجة ذلك؟

أتفق مع هذا القول ولكنني هنا أشير إلى ما فعله أعضاء المجلس الوطني الانتقالي بتعهدهم بعدم الترشح في انتخابات المؤتمر الوطني العام، وحينما أعلن أحد الأعضاء رغبته في الترشح في انتخابات المؤتمر العام قدم استقالته من المجلس الانتقالي.

س: ما هي ضمانات نجاح مثل هذه المبادرة؟

العدد المحدود هو الضامن الأهم لنجاح المبادرة، فوجود شركاء متشاكسين يبلغ عددهم أكثر من 400 كانوا مسؤولين بالدرجة الأولى عن هذا الانقسام وهو الفشل بعينه. هذه المبادرة تضع مسؤولية إنجاز المهمة أمام تسعة أشخاص تربطهم لائحة داخلية تضمن عدالة التوصل إلى حلول بشكل سريع جدا. فالمدة محددة، والأطراف التي كانت تعرقل العملية السياسية قد تم استبعادها، وبالتالي يمكن تحديد المساعدة التي تتطلبها المرحلة بشكل دقيق، والحصول عليها من الشركاء الدوليين والإقليميين.

س: هل يعني هذا اعترافا بفشل مشروع الصخيرات؟

مشروع الصخيرات لم يكون الحل الأمثل، ولكنه المشروع الوحيد الذي تحصل على الدعم الدولي وصادق عليه مجلس الأمن، الذي ما زلنا تحت وصاية البند السابع من ميثاق الأمم المتحدة، وتحصل على قبول غالبية الشعب الليبي. الرافضون من الطرفين ليس لديهم أي مشروع حقيقي على الإطلاق إلا استمرار الحرب أو مبادرات يصيغونها بمنأ عن الطرف الأخر.

س: أليس من الأفضل، أن نعتبر السلطة التي تقترحها المبادرة، سلطة تسيير شؤون جارية، ونمنحها الصلاحيات السيادية باستثناء ما تقتضيه الضرورة… ونقيد صلاحياتها في حدود الصرف من أموال الشعب؟

لا يمكن ذلك لأن المرحلة تتطلب التوصل إلى الدستور الدائم وهذا يستلزم صلاحيات واسعة وعليهم أن يشعروا بالمرحلة وثقل المسؤولية الوطنية ولا يجب أن يستغلوا ذلك لمصالحهم الشخصية أو في لتوسيع نفوذهم كما فعل الذين من قبلهم فاستحقوا لعنة الشعب.

س:  إذا سمحتم ببعض الأسئلة خارج المبادرة؛  هل بالفعل ليس لديك أي تطلع لتولي  أي منصب سياسي؟

ذكرت في مقدمة كتابي “خمس شداد من أجل الحرية ولها” أنني قررت ترك الوظيفة الحكومية على عزم ألا أعود، وما كان الالتحاق بالمجلس الوطني الانتقالي إلا مرحلة من مراحل النضال، وقد جددت العزم بأن ألا أعود لأي وظيفة عامة، وتحديداً عدم تولى أي منصب تنفيذي سياسي.

س: بمناسبة الحديث عن كتابك الذي ذكرت، كيف استطعت أن تجمع ما بين ممارسة السياسة وبين الكتابة؟

في الحقيقة لا يمكن الجمع بين ممارسة السياسة والكتابة عنها، لكن كما ذكرت في كتابي أيضا، أنني لم أكن أمتلك مهارات اللغة العربية وما زلت أستعين بمساعدات في تصحيح المقالات التي أكتبها بالكامل. وأما البحوث والمقالات فأستعين ببعض المختصين لصياغة الأفكار للأعمال التي تتطلب جهدا ووقتا وبحثا.

س: كيف نفهم أنك لن تتولى منصبا سياسيا وفي ذات الوقت تعلق على كل شاردة وواردة في الشأن السياسي؟

هذه معضلة… الظاهر أنني سأستمر في تعليقاتي حتى تستقر ليبيا، فهناك حرب شعواء تخاض ضد أرزاق الليبيي وضد الضمير الليبي وهناك محاولات تزييف لوعي هذا الشعب وذاكرته، وبالتالي أرى أن السكوت على ذلك خيانة وأن ترك المجال لثلة لا تتجاوز أصابع اليدين لتعبث بالوعي وتشوه الذاكرة جريمة لا تغتقر، وبالتالي التعليق على كل شارة وواردة كما ذكرت، هو نوع من التدافع الذي تتيح للمواطن الليبي التمييز بين الغث والسمين، وبين الحقيقة والزيف وما بين الحق والباطل.

س:  كلمة أخيرة تتوجهها لقراء عين ليبيا؟

قرأت كتابا مؤخرا بعنوان “Know can do” وأقرب ترجمة، غير حرفية للعنوان، هي “تعلم كيف تفعل” وهو كتاب صغير الحجم كثير النفع، يتحدث عن الحلقة المفقودة ما بين التدريب والتطبيق. ومما جاء في الكتاب، فكرة الإشارة الضوئية في التفكير (الأحمر والأصفر والأخضر)، لذا أوجه نصيحة لقراء عين ليبيا أنه عند النقاش أو عند طرح الأفكار أو تفنيدها، سواء كان في اجتماع أو عبر شبكات التواصل أن يستخدموا الضوء الأخضر في النقاش لكي يستمعوا لأفضل الأفكار الإبداعية ولا بأس من استخدام الضوء الأصفر عند الاستفسار أو للتعبير عن مخاوف أو أي ملاحظات أو حتى مثالب للفكرة المطروحة، وعدم المبادرة باستخدام الضوء الأحمر قبل أن تخرج الأفكار الإبداعية حتى لا يصبح النقاش مثل ما نراه اليوم على شبكات التواصل الاجتماعي.

 

اقترح تصحيحاً

التعليقات: 1

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً