أنقذوا الإعلام الليبي..

أنقذوا الإعلام الليبي..

توزع المشهد الإعلامي بعد الثورة على ثلاثة ملامح الأول يمثله إعلام الدولة والثاني القطاع الخاص والثالث إعلام المدن الكبرى، وهي ظاهرة خاصة بليبيا.

تكرست معه إلى حد كبير المصالحة بين الإعلام المحلي والجمهور، الذي لم يكن يثق في الماضي بما تقوله وسائل الإعلام الحكومية الليبية.

عندها انتابني إحساس جميل بقدوم إعلام جديد يلعب دورا مؤثرا وفاعلا في صناعة قناعات الناس وتحديد أولوياتها ويساهم في توعية الناس وفي صوغ سلوك الفرد والمجتمع بتقديم المعلومة الصحيحة.

لكن من خلال متابعتي الدؤوبة للقنوات الفضائية الليبية بعد ثورة 17 فبراير،أصبت بخيبة أمل كبيرة، ذلك لأن هناك أناس ليست لهم اية صلة او علاقة مباشرة او غير مباشرة بالشأن الإعلامي. كل ما يملكون هو الجرأة( صحة الوجه!!) في الظهور على الشاشة الصغيرة وممارسة التهريج واستفزاز المشاهدين في برامج ومقابلات تفتقر الى المهنية والمعايير المتعارف عليها.

برامج يقدمها أشخاص هم أنصاف موهوبين تصدروا المشهد الإعلامي في غفلة من الناس وامتلكوا ناصية الـتأثير على الذوق العام مستغلين غياب المبدعين الحقيقيين والمواهب والكوادر المدربة.

هؤلاء، لو فتش المرء في خلفيتهم المهنية او التعليمية او الثقافية، لن يجد شيئا يؤهلهم لقيادة المشهد الإعلامي الليبي في هذه المرحلة الحساسة من تاريخ البلاد.

ان إعلام قنوات الدولة الذي لا يحمل توجها إعلاميا محددا ، والإعلام الخاص الذي يسيطر عليه بعض رجال الأعمال، سيمثل كارثة اذا لم تكن هناك معايير وضوابط وشروط واختبارات لممارسة المهنة تحكمه، وهذا احد الشروط الضرورية لإنشاء إعلام حر يقوم بواجبه في تثقيف الناس وتوعيتهم وتعليمهم. وهي احتياطات واجبة حتى لا يقع الإعلام الليبي في أيدي قلة جاهلة فاسدة مدمرة!

للأسف ان ما نراه على الساحة الإعلامية الليبية، يشير إلى أن الإعلام أصبح مهنة من لا مهنة له، ولا يحاسب صاحبه على التخريب الذي يحدثه في العقول والوجدان، ولا يتحمل مسؤولية تجاه إفساد المجتمع،والاستخفاف بالضوابط المهنية والأخلاقية فاستباح بعضهم أعراض الآخرين، وأقبل عشرات الدخلاء على قطاع الإعلام الليبي من كل حدب وصوب.

إن وسائل الإعلام التي نطمح اليها يجب ان تلعب دورا مقدرا في خدمة قضايا المجتمع الليبي ومعالجة مشاكله الحيوية، وسائل إعلام يقودها شباب متميز ومتمكن، وهو دور يتطلب ان تتوفر فيمن يتصدون له الإحساس بالمسوؤلية الأدبية والأخلاقية، وهي صفة لا يملكها هؤلاء الدخلاء والمسؤولين عن القنوات الذين يحاولون السيطرة على وسائل الإعلام الليبية والرأي العام الليبي لتوجيهه وتشكيله خدمة لمصالحهم، من خلال بث الإشاعات والأخبار غير المؤكدة وغير الموثقة، بما يعني ممارسة التضليل. وكذلك العمل على خدمة اجندتهم التي تعمل على تكريس الانقسام والجهوية وبث الفتنة بين افراد المجتمع الواحد.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً