الإتفاق

الإتفاق

المتابع للحوار الجاري بين أطراف النزاع الرئيسية في ليبيا وهما المؤتمر والبرلمان يضع يده على قلبه ولا يسرُّه ما يسمع منذ البداية ويلاحظ مدى التباعد بين الطرفين والإصرار على المواقف المسبقة، وما من شك أن كل عاقل يتوقع من الطرفين القدوم لمكان الحوار بنية الإصلاح والوصول إلى مخرج أو مخارج للصراع الدائر ولما يعانيه المواطن والدولة من مشاكل تهدد وحدة الوطن ووجوده أصلا ولذلك كان من المفترض أن يأتي المتحاورون بالنية والعزم الأكيد لتسوية المشاكل مهما كانت وأن يكون المتحاورون مستعدين لتقديم التنازلات ولا يألون جهدا في ذلك من أجل الوطن والمواطن الخاسر الأكبر منذ قرابة الخمسين عاما والذي تكبد الكثير ولا يزال…… أمّا أن يأتي أطراف الحوار بمواقف وقرارات مسبقة عازمين على التمسك بها وكأنها كتاب الله!!! كالتي صرح بها الناطق باسم البرلمان يوما قائلا: “إن كلاًََّ من المجتمع الدولي والمجتمعون بالصخيرات، قد باتوا يعتبرون وحدانية البرلمان، وحصرية انتاجه لحكومة الوفاق، والتشريع لها، من المسلمات التى صارت وراء الظهور، وسوف لن يُسمح لهذه “التوابث” بمجرد الاقتراب من اسوار الصخيرات، فما بالك بِدُنوها من طاولة  التفاوض”…..!!!، مثل هذا التصريح لا أعتقد أنه يمت للسياسة ولا للعقل ولا للمنطق ولا للحكمة بشئ ومثل هذه المواقف تقود مسبقا إلى بداية النهاية التي لا يريدها وطني غيور محب لوطنه ولا ليبي صاحب حق حريصا على اتّباعه.

وعلى خلفية مثل هذه التصريحات وغيرها، هل يريد برلمان طبرق تحقيق السلام والاستقرار لليبيا؟ وإذا كان الجميع أقر لبرلمان طبرق بالوحدانية؟؟؟ فلماذا التفاوض إذاً؟ هل بمثل هذا التصريح يتم اختيار ممثلي برلمان طبرق ليكونوا دعاة تفريق لا اجتماع ودعاة حرب لا سلام ودعاة تخريب لا بناء؟

أقول لا شك أن المؤتمر كان ضعيف في أدائه بسبب التحالفات والتجاذبات السياسية التي كانت وراء تكوينه والضغوطات التي مورست عليه خاصة أن تكوينه جاء نتيجة تجربة أولى وجديدة علينا والتي كان ولا زال ينقصها الكثير من الوعي لدينا ونتيجة لذلك لم يكن المؤتمر في المستوى المطلوب للمرحلة التي تمر بها البلاد.

أما عن البرلمان فكان منذ البداية مصرا على مخالفة الإعلان الدستوري في عملية التسليم والإستلام من المؤتمر من حيث الزمان والمكان وأصر على هذه المخالفة التي قد تبدوا للبعض صغيرة وغير مهمة ولكنها كانت مهمة لاستلام مهامه من المؤتمر دون هفوات وكبداية سليمة متفق عليها وتحظى بدعم جميع الليبيين ولكن حدث الذي حدث وبدأ بعض أعضائه وقياداته في تصريحات تبعد الطرفين ولا تقرب، تصريحات جهوية متخلفة في بعضها فبدت المسافة في الإتساع بين المؤتمر والبرلمان تبنّى فيها البرلمان سياسات غير ناضجة وليست حكيمة وانحرف عن مساره مرتميا في أحضان بعض رموز النظام السابق فاستقبل بعضهم داخل مبناه كما أرتمى في أحضان القبلية والجهوية والأحداث التي لن تبني دولة ولن تقيم مجتمع العدل والمساواة كما دعم ضابطاً خارجا عن الشرعية بدعوى بناء الجيش الوطني وهل يبنى ويتكون الجيش الوطني بقيادة عسكري خرج عن مؤسسات الدولة منذ بدايته … فما بني على باطل فهو باطل والوقائع والأحداث كثيرة ولسنا هنا بصدد ذكرها.

مهما تكن الظروف والتجادبات واختلاف الآراء والأخطاء بين المتحاورين لا يجدي أن يجتمعوا عليها فما فات مات، إن كان الهدف من الحوار هو إخراج ليبيا مما هي فيه والوصول بها لبر السلام الذي يعيش تحت رايته كلُّ الليبيين سواسية فعلى أطراف الحوار التنازل في سبيل الوطن والمواطن، وإذا لم يتنازل المتحاورون من أجل ذلك وإذا كانت ليبيا والليبيون لا يستحقون التنازل من أجلهم وفي سبيلهم، فمن أجل من يتنازل المتحارون ومن يستحق التنازل من أجله غيرهم؟؟؟ نأمل في أن يضع المتحاورون نصب أعينهم أمران هما: حالة البلاد التي وصلت إليها، والنتيجة التي تترتب على عدم الإتفاق؟؟؟

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

نوري الرزيقي

كاتب ليبي

اترك تعليقاً