الباب التاسع لمسودة الدستور ومؤامرة الاستيلاء على ثروات الشعب وسرقة أمواله

الباب التاسع لمسودة الدستور ومؤامرة الاستيلاء على ثروات الشعب وسرقة أمواله

كل المعطيات في المشهد الليبي تشير الى حجم خطورة الأحداث التي استهدفت ليبيا على مختلف المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية بداية من تدمير مدنها وقتل مواطنيها وسرقة مئات المليارات من أموال شعبها في الداخل والخارج مرورا بمؤامرة الفتنة بين أبنائها وتواصل مسلسل العبث والعهر السياسي والغدر بالديمقراطية ووصولا الى الاعلان المشبوه عن مسودة الدستور التي فضحت حقيقة مؤامرة دنيئة تستهدف الاستيلاء على ثروات الشعب الليبي وسرقة امواله وحرمانه من  سيادته على ثروات وطنه وخيراته .هذا الوطن الذي قدم خيرة أبنائه شهداء وفداء من أجل حفظ كرامته ومن أجل تحقيق الهدف الأساسي والاسمى لانتفاضته البريئة وهو العدالة الاجتماعية .يقولون أن الناس للحق  ثلاثة (رافض وقابل وجاهل) وما يهمني  بدرجة كبيرة في هذه المقالة التي أوجه فيها ندائي العاجل لشعبي الليبي الكريم و للكادحين منه والفقراء والمحرومين وأخص بالذكر قواه الوطنية الواعية من مثقفين ونشطاء سياسيين بمؤسسات المجتمع المدني وثوار صادقين وكتاب وصحفيين  بضرورة اليقظة والحرص على عدم الاسراع في التصويت للاستفتاء على مسودة الدستور بصورته الحالية حتى يتم تعديل ما جاء فيه وأحدد بالخصوص ما جاء في الباب التاسع ومواده منه. هو توجيه هذا الاتهام الى لجنة الستين بارتكاب الخيانة العظمي في حق الأمانة. وقبل أن أكشف عن النوايا الخفية الواردة في الباب التاسع من مسودة الدستور أشير الى خبث ومكر من يسعون بعهرهم السياسي الى تمرير هذا الدستور ونيل موافقة الليبيين والليبيات عليه دون السماح لهم بدراسته جيدا وفهم مواده وتغيير ما لا يتوافق فيه مع طموحاتهم وآمالهم.. نعم انني أحذر من هذا الخبث والمكر والدهاء والعهر السياسي وأكشف عن  الجريمة التي يتم ارتكابها في حق الوطن والشعب بحرمان الليبيين والليبيات من حقهم القانوني والشرعي العادل في تعديل مسودة الدستور المقترح وفي الغاء بعض ما جاء فيها من مواد قبل البدء في التصويت للاستفتاء والموافقة عليه، على الرغم من أن  الشعب الليبي في الداخل والخارج  هو المعني دون غيره بهذا الدستور الذي ينظم حياة المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية .وعلى الرغم من أن المهمة التي أنيطت بلجنة الستين تنحصر ولا تتعدى العمل على انجاز وتقديم مقترح دستور الى الشعب فان الليبيون لم يمنحوا لجنة الستين تفويضا  لتفرض  مسودة دستور عليهم ولتحرمهم من حقهم في تعديلها أو تغييرها قبل الاستفتاء عليها. وهنا اتسأل “كيف تطالب لجنة الستين الشعب الليبي بالاستفتاء على دستور دون السماح له بتعديله أو بإلغاء بعض مواده؟ هل هي ثقافة الاستخفاف بالشعب والنيل من شرعيته الدائمة ومصادرة ارادته أم أنه العهر السياسي والأزمة الاخلاقية أم انها الخيانة العظمي في حق الأمانة هي التي دفعت لجنة الستين الى اصدار مسودة دستور بهذا الحجم من الدهاء والخبث والمكر السياسي؟”

أقول لأعضاء لجنة الستين بكل قناعة وادراك لحجم هذه المؤامرة  أنكم ترتكبون جريمة الخيانة العظمى في حق الشعب الليبي بما قدمتموه في مسودتكم هذه لدستور ليبيا الجديدة التي أرادها الليبيون… فأهم قواعد الديمقراطية تؤكد بأن الشعب هو السيد صاحب الشرعية الدائمة وهو مصدر كل السلطات في البلاد وهو صاحب الأرض والمالك الشرعي لثرواتها وهذه القاعدة لا تجيز اطلاقا خرقها أو تجاوزها أو المساس بسلامتها أو التلاعب بفلسفتها و بمفاهيمها اللغوية ومضامينها الفكرية وبمعانيها النبيلة اذا ما كان الهدف من مسودتكم هو تلبية مطالب الشعب وتحقيق طموحاته وأمانيه بإقامة دولة العدالة الاجتماعية والديمقراطية والمؤسسات الدستورية وسيادة القانون. وبالتالي لا يمكن باي حال من الاحوال فرض الوصاية على الشعب صاحب السيادة ولا يحق لكم أبدا سلبه ملكيته لثروات وطنه ولأمواله وانتزاع سيادته عليها لصالح مؤسسة الدولة بذريعة الديمقراطية.. فالشعب الليبي ليس قاصرا ولا مختلا عقليا وليس له إله أخر غير الله لتسلبونه سيادته على ثرواته وأمواله وتنزعون ملكيته لوطنه دون وجه حق. فلا يسعني المقال هنا لتناول كل ما جاء بمسودة الدستور بالدراسة جملة وتفصيلا ولكن مجرد الاطلاع على صياغة الباب التاسع بهذه العبارات يؤكد سوء النوايا لهذه المؤامرة الدنيئة التي تستهدف الاستيلاء على ثروات الشعب الليبي وعلى أمواله وحرمانه منها دون وجه حق. بل أن هذه الصياغة في حد ذاتها هي نقيض للديمقراطية التي ما كان النضال من أجلها الا لتكون وسيلة لامتلاك الشعب لوطنه ولثرواته ولأمواله ولتكون غايتها تحقيق العدالة الاجتماعية لكل افراد المجتمع .فالسيادة يا سادة لجنة الستين للشعب وليست لمؤسسة الدولة التي هي مجرد مؤسسة خدمية عامة للشعب السيد .فلا يعقل اطلاقا أن تسلب سيادة الشعب على ثرواته وأمواله من طرف مؤسسة وجدت في الأصل لتقديم خدماتها للشعب .فسيادة الشعب على ثرواته وأمواله تعني ملكيته  الشرعية والمقدسة لهذه الثروات والأموال التي وهبها له الخالق الواحد الديان وتنازله عن سيادته عليها لصالح مؤسسة خدمية يعني بكل وضوح عدم ملكيته لها بتاتا من الناحية الواقعية ..فما جاء في الباب التاسع يعد بمثابة جريمة قذرة في حق الوطن ومحاولة خداع للشعب وتأمر عليه بهدف الاستيلاء على ثروات وطنه وأمواله  هذه هي حقيقة الباب التاسع من مسودة الدستور المعروض للاستفتاء عليه من طرف الليبيين والليبيات .وليعيد أعضاء لجنة الستين بتأني قراءة الباب التاسع من مسودة هذا الدستور والمادة 169 منه المتعلقة بالثروات الطبيعية (الثروات الطبيعية بما فيها النفط والغاز والمعادن والمياه هي ملك للشعب الليبي تمارس الدولة السيادة عليها باسمه وتعمل على استغلالها وحمايتها وتنميتها واستثمارها وحسن ادارتها بما يضمن المصلحة العامة وانتفاع المناطق منها كافة بشكل عادل وبما يحفظ حقوق الأجيال القادمة.) فبغض النظر على أن هذه المادة لم تشير الى أموال الشعب فمضمون هذه المادة واضح كل الوضوح وهو تنازل الشعب الليبي عن ملكيته لثروات وطنه ولأمواله من خلال تنازله عن سيادته عليها لصالح الدولة بذريعة استغلالها وتنميتها واستثمارها وحسن ادارتها.. الخ هذه الوعود المفضوح زيفها والكاذبة والمخادعة والتي لا وجود فيها لأي ضمانة للشعب بمصداقيتها  فقد رأى الليبيون بأم أعينهم حرص هذه المؤسسة (الدولة) وأمانة الموظفين فيها خلال السنين القريبة الماضية.. فمئات المليارات أنفقت على مشاريع تنمية واعمار ما دمره الناتو وعلى تحسين اوضاع الفقراء والمحتاجين والمساكين من الليبيين كما رأى الليبيون والليبيات كيف حرصت الدولة على حماية هذه الأموال من السرقة والنهب والضياع وكيف انتفعت بها مناطق ليبيا كافة وبشكل عادل وكيف تم حفظ حق الأجيال فيها.. وقد رأي الليبيون والليبيات من قبل وعلى مدى أربعة عقود من الزمن كيف عملت دولة الحقراء بعدالة على تمكين الشعب الليبي من الاستفادة بثروات وطنه وأمواله.

إن ما يثير السخرية بلجنة الستين هو حرصها على دغدغة مشاعر الليبيين من خلال عبارات منمقة اختيرت بعناية فائقة جاءت في مسودة الدستور ولم يكن الهدف منها الا خداع الشعب الليبي والضحك عليه. فما يعلمه كل هؤلاء هو أن ليبيا قد تعرضت لأكبر السرقات التاريخية خلال السنين القريبة الماضية وأن مئات المليارات من أموال الليبيين قد تمت سرقتها ونهبها والاستيلاء عليها دون وجه حق بمختلف الوسائل والسبل وحيل الخداع والتزوير وبدون وجود حسيب ولا رقيب غير الله الواحد القهار. وهم يعلمون جيدا بأن مؤسسة الدولة لم تعمل أبدا في أي يوم من الأيام على حماية أموال الشعب وعلى استثمارها وحسن ادارتها كما يدعون بما يضمن المصلحة العامة وانتفاع المناطق منها كافة بشكل عادل وبما يحفظ حقوق الأجيال القادمة.. ووفقا لمسودة دستورهم هذه فلن يكون هنالك أي بصيص أمل للشعب الليبي بمختلف مكوناته الاجتماعية والثقافية في الانتفاع بثروات وطنه والتمتع بخيراته.. بل أن سلب الشعب سيادته على ثروات وطنه وأمواله دون وجه حق هو استمرار للظلم وللطغيان وسيكون حافزا وعاملا ماديا رئيسيا لزيادة حدة الصراع السلبي المدمر على السلطة والحكم في ليبيا اليوم وأن الفساد بمؤسسات الدولة سيزداد توسعا ونموا وانتشارا. لأن سيادة الدولة على ثروات الشعب وأمواله وهيمنة السلطة السياسية على المال العام هو المفسدة بعينها للحياة السياسية في المجتمع. هذا ما اثبتته تجربة الشعب الليبي مع دولة الحقراء ومع دولة ليبيا الجديدة وكأن الثورة قد سرقت وكأن المبادئ والقيم الانسانية النبيلة قد اغتصبت وكأن الثوريين قد اغتيلوا وكأن طموحات وأمال وأحلام الليبيين والليبيات في الحياة بحرية وكرامة فوق أرض وطنهم قد تبخرت..

ن هذه الحقائق تقلقني وان رؤيتي لأحداث العنف والمواجهات المسلحة لم تكن من فراغ وأن هدفها الخفي ليس التغطية على السرقات وعمليات النهب التي ارتكبت ضد أموال الشعب الليبي العظيم فحسب بل كان هدفها اغتيال طموحات شعب أنتفض وأراد الحياة بعزة وحرية وكرامة انسانية. فأصبح سكان مدنه عاجزين على مواكبة الحياة في ظروف طبيعية وصارت طموحاتهم تأمين كهرباء وماء ووقود وسيولة. قد يكون قلقي ذلك في محله وقد تكون رؤيتي هي الحقيقة ليزداد يقيني لما يحاك عند قراءة الباب التاسع من مسودة الدستور وفهم ما جاء فيه من مواد..  فبالقدر الذي أوجه فيه اتهامي لأعضاء لجنة الستين بارتكاب جريمة الخيانة العظمى في حق الأمانة وفي حق الوطن والشعب أشير الى احترامي الكبير لشخوصهم والى خيبة أملي فيهم وعزائي فيهم بأنهم لم يكونوا يوما من أنصار الثورة التي تعني التغيير نحو الأفضل ولا بثوريين على كل حال ولا تعنيهم الثورة في شيء بقدر ما كان يعنيهم اطالة أمد المهمة الوطنية في انجاز أمانة الاستحقاق الدستوري… وعلى الرغم من نجاحهم في تحقيق هدفهم ذلك ألا انهم فشلوا في كتابة مسودة دستور ينظم حياة الشعب الليبي ويعيد الحق لأصحابه يحفظ حقوقهم في وطنهم ويرسي دعائم وأسس مجتمع العدالة الاجتماعية وسيادة القانون ودولة الشعب السيد. وإذا بهم يقدمون لنا مسودة لدستور لم يعبر الا عن خيانتهم للشعب وللوطن ولدماء من سقطوا ضحايا فداء للوطن وشهداء.. مسودة لدستور وخيب أمال الليبيين ودمر طموحاتهم .فالحقيقة التي يتجاهلها هؤلاء هي أن كرامة الليبيين وحريتهم الحقيقية لن تتحقق الا بتحرير ثروات وطنهم وأموالهم من سيطرة القلة ومن هيمنة الدولة بفصل المال عن السياسة ورفع صلاحيات السلطة السياسية عن أموال الشعب .وان ما جاء في الباب التاسع ومواده هو مؤامرة قذرة تستهدف الاستيلاء على أموال الشعب وثروات وطنه وحرمانه من الحياة الحرة الكريمة  وبالقدر ذلك فان ما جاء في الباب التاسع ومواده لا يمثل الا أحلام الطغاة ولصوص الديمقراطية  ولا يعبر بأي شكل من الاشكال عن حسن النوايا في تحقيق الكرامة للشعب الليبي .ختاما لمقالتي هذه أؤكد على الغاء ما جاء في الباب التاسع من هذه المسودة جملة وتفصيلا وعلى اضافة  فقرتين بالمادة الثامنة بمسودة الدستور وهما – يقوم النظام على أسس العدالة الاجتماعية والديمقراطية ويفصل المال عن السياسة حفاظا على سيادة الشعب ويمنع احتكار السلطة والمناصب والوظائف القيادية بمؤسسات الدولة تحقيقا للعدالة الاجتماعية لكل أبناء الوطن. اللهم أني قد بلغت اللهم فأشهد.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً