مالضمانة وما السبيل لصنع التغيير

مالضمانة وما السبيل لصنع التغيير

لا مرد لمشيئة الله وقضائه وقدره وهذه حقيقة يعلمها المؤمنون بالله وبالقدر خيره وشره حق الايمان وهم الواثقون من أن الحياة مجرد بلاء ليميز الله الخبيث من الطيب، وأن الانسان خلق في كبد وانه كادحاً لربه كدحاً فملاقيه وكل شيء هالك إلا وجه الله سبحانه وتعالى، من هذا المنطلق والمنطق الايماني أتناول في مقالتي هذه قضية غاية في الاهمية بالنسبة لي ولكل الليبيين وهم يخوضون غمار هذه الفتنة التي أصابت الوطن وهذا البلاء العظيم الذي هم فيه ممتحنون وهم يعانون سوء الحال وما ألت اليه أحوال البلاد والعباد من تردي وفساد .
فالأهداف والغايات النبيلة  للشعوب والطموحات والأمال لا يمكن تحقيقيها في ظل غياب أذان واعية  للحقيقة وفي غياب النوايا الصادقة للقوى الفاعلة في المجتمع وبدون وجود رؤية مشتركة واضحة المعالم  لديهم لأسس المجتمع وقيمه الدينية والأخلاقية  والانسانية ولثوابته الاجتماعية والوطنية  وبدون ثقافة أصيلة نيرة جامعة لكل مكونات المجتمع وبدون اتخاذ سياسات تنفيذية موضوعية هادفة الى تحقيق طموحات وامال الشعب وغاية الثورة في هذا الوجود .. فقضية الضمانة التي أتناولها في مقالي هذا تتعلق بالتغيير الذي يننشده الشعب اليوم ليضمن الليبيون من خلاله عدم العودة   للوراء وعدم تكرار معاناتهم  بولادة طاغوت جديد ومن سوء استخدام صلاحيات السلطة  وطغيان نفوذ رموزها بالمؤسسات الأمنية والعسكرية بالدولة .انها قضية تتميز بالخصوصية  وتسبب للكثير من الليبيين حكاما ومحكومين احراجا شديدا لأنها تمثل الحقيقة ذات الوجه القبيح للبعض منا الذين لا يرغبون  في رؤيتها. أثيرها في ظروف استثنائية تمر بها بلادنا ومجتمعنا ولعلني أكون بحسن ظني قد أصبت بيت الداء وكشفت حقيقة الجدال والخلاف والصراع الدائر على الحكم والسلطة بين القوى السياسية المتزعمة للتنظيمات المسلحة والجماعات  الدينية في هذه الدولة الفاشلة بمجتمعنا اليوم ..فطرحها للنقاش بهذا المفهوم والفلسفة والنية الطيبة قد يحي أملا في نفوس الليبيين لتحقيق المصالحة بينهم اليوم قبل الغد وفي ايجاد مخرجا سليما لأزمتنا المتافقمة يقودنا جميعا الى معالجتها حفاظا على ليبيا وعلى أبنائها الليبيين وصونا لحقوقهم ولكرامتهم الانسانية. فالذين تعرضوا للاغتيال والاعدام أبان حكم العقيد  القمعي الديكتاتوري والذين كانوا ضحايا على مدى أربعة عقود للظلم والاضطهاد والقمع وأجبروا على البقاء في سجون مظلمة لسنوات عديدة  قد دفعوا ثمنا باهضا من سنين عمرهم في الظلم والمعاناة والالام والشقاء بسبب سياسات وثقافات القمع المترسخة في عقول من مارسوا مهام العمل الأمني بمختلف مسميات أجهزته المتعددة التي لم تؤسس قط لحماية المواطن وأمن المجتمع واستقراره بقدر ما أسست لهدف يتيم هو حماية العقيد وحاشيته ونظام حكمه ورموزه وفرض قبضته الأمنية على العباد والبلاد !!!
 هذه الثقافات والسياسات المتجدرة في كيان المؤسسات الامنية القمعية للدولة قد نالت ولا زالت تنال من أي فرد من أفراد المجتمع يطالب بالاصلاح والتغيير السلمي الطبيعي والحضاري في حياة المجتمع , فلا يمكن بأي حال من الأحوال عدم الالتفات وعدم الاكثرات لمخاوف هؤلاء الضحايا بيننا اليوم الذين قد خبروا حقيقة الوجه الأخر للنظام .ولعلنا  نرى سبب تمسكهم بالسلاح من جانب أخر عندما نعي وندرك حجم الالام والمعاناة والخسارة التي تكبدوها في الماضي ,, فحماية أنفسهم من هذا الغول السياسي المسمى بالدولة  قد يكزن سببا في تمسكهم وحيازتهم للسلاح ورفضهم لقيام الدولة التي عرفها الليبيون على مدى أربعة عقود من الزمن وعاشوا في ظل سيطرتها وهيمنتها على مقدراتهم في الحياة الكريمة وسلبتهم سيادتهم على ثروات وطننهم وخيراته وأمواله  فهواجسهم وقلقهم من مغبة تكرارمعاناة الشعب الليبي مرة أخرى وتكرار تجربتهم المريرة تلك في ظل دولة قمع واستبداد ودكتاتورية بثوب جديد لا ضمانة للشعب في وجودها  لتحقيق هدف ثورته البريئة وطموحاته وأماله الانسانية في الحياة  الكريمة بعد كل التضحيات الجسيمة  وقد تكون هذه الظنون محل يقين وسببا خفيا على الكثير منا  بأختلاف رؤانا ومفاهيمنا وتحليلاتنا لحقيقة الأسباب التي أدت الى وجود  الثقافة المليشياوية وتمسك العديد من الافراد والمناطق والمدن والقبائل الليبيية بالسلاح  !!!
اذا فقضية الضمانة بعدم طغيان مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية تعد من أهم القضايا بالنسبة لليبيين بشكل عام ولا مخرج من هذه الازمة الا بتاسيس مفاهيم جديدة وولادة ثقافة بديلة عن ثقافة القمع الامني التي سيطرت ولا زالت مسيطرة على العديد من افراد هذه الأجهزة الأمنية وقياداتها ولا بد من خلق اليات لضمانة عدم طغيانها واستبدادها من جديد .. فلا ينكر حقيقة معاناة الكثير من الليبيين بسبب ثقافة القمع والاضطهاد لدى المؤسسات الامنية للدولة الا من يسعى لتكرار ماساة الليبيين ومعاناتهم من جديد
ان ما يسعى اليه الثوار الصادقون هو بناء دولة مدنية عصرية تملك من الاليات من يمكنها ويلزم مؤسساتها باحترام حقوق الانسان وصون كرامته وهذا لا يتأتي الا بخلق وعي وطني ومفاهيم سياسية جديدة للدولة   وثقافة جديدة  لدى موظفي ومسؤزلي الأجهزة الامنية تمكنهم من أداء مهام أعمالهم بعيدا عن أساليب وسلوكيات القمع والاضطهاد لمواطني الدولة بسبب أرائهم السياسية تجاه ما يدور في بلادهم من أحداث وتجاه ما تتخذه الحكومة من سياسات وقرارات …
ولكي ينعم الليبيون بالحرية والحياة الكريمة فلا مناص لهم من التوجه بكل مصداقية نحو بناء دولتهم الجديدة بمفاهيم حضارية تؤكد حق الشعب في السيادة على ثروات وطنه وأمواله وامتلاكها والاستفادة منها واستثمارها لما فيه صالح البلاد والعباد ولما فيه المحافظة على حق الأجيال فيها وتؤكد حق الشعب في ايجاد اليات الضمانة بعدم طغيان مؤسسات الدولة الامنية والعسكرية
فالدعوة لحل كل التشكيلات والتنظيمات المسلحة الخارجة عن القانون لن تجد الطريق لتحقيق مضمونها الا بوجود  ثقافة بديلة تعمل على خلق وايجاد الضمانات العملية التي تقطع الطريق عن وجود سلوكيات الطغيان وسياسات الاضطهاد والقمع الأمني  للمؤسسات الأمنية ضد أفراد المجتمع .. هذه الثقافة البديلة هي وحدها الكفيلة بتصحيح المسار وهي الكفيلة بتوجيهنا الى بناء الدولة التي يسعى الليبيون لأن تكون دولة لسيادة القانون وللعدالة الاجتماعية وللمؤسسات الديمقراطية  لا أن تكون ذلك الطاغوت والغول السياسي الذي يهيمن على ثروات الشعب وأمواله  ويسلبه حقه في السيادة عليها     ويمارس العسف والظلم والقمع  والاضطهاد ضد أبنائه وقواه الحية المطالبين بالاصلاح والتغيير

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً