التجربة اليونانية … والأزمة الليبية

التجربة اليونانية … والأزمة الليبية

مر الشعب اليونان بسنوات طويلة من المعاناة، سنوات من الكفاح ضد العثمانيين حتى حصل على استقلاله ( 1921)، والحرب الأهلية،على مرحلتين (44ـ1945)،(46ـ 1949)،واحتلال القوات الايطالية والألمانية لبلاده (1940ـ 1944)، والمقاومة السرية ضد هذا الاحتلال، رغم المجاعة التي عانى منها الشعب خلال تلك الفترة..

ولكأن كل تلك الأهوال لم تكن كافية .. استولى العسكر على السلطة عام 1967، وأمضت اليونان سبع سنوات في ظل الديكتاتورية إلى أن تم الإطاحة بها عام 1973.

طوال تلك السنوات ،ورغم المعاناة والقهر والقمع ، لم يفقد الشعب اليوناني، إيمانه بضرورة نيل استقلاله وكافة حرياته وبناء نظامه الديمقراطي والتطلع نحو الأفضل..

في سنوات الاحتلال التركي كان المطلب هو الاستقلال وقد تحقق، وفي سنوات الحرب الأهلية كان الهدف هو إنهاء الاحتراب الداخلي واستعادة الوحدة الوطنية ، وقد تحقق ، وفي فترة الاحتلال الألماني، كان الهدف هو استمرار المقاومة وخروج المحتل، وبعد وقوع الانقلاب العسكري وضع الشعب اليوناني هدف استعادة الديمقراطية وكان له ذلك..

لقد دأب الشعب اليوناني على المثابرة والعمل بجد وإخلاص لتغيير الأوضاع في بلاده، ولم يركن إلى السكون والإحباط والتشاؤم واليأس والقنوط، وها هو الآن يحاول الخروج من أزمته المالية التي تسبب فيها فساد رجال السياسة.

علينا نحن أبناء الشعب الليبي، بعد أن تخلصنا من حكم ديكتاتوري جثم على صدورنا أربعة عقود كاملة، أن نستلهم الدروس والعبر من تجارب الشعوب الأخرى ونعرف أين أخطأت وأين أصابت حتى نتمكن من بناء ديمقراطية ليبية..

لا يمكن استخلاص العبر من تجارب الشعوب وبناء الديمقراطية في ظل الاحتراب وهيمنة منطق إقصاء الآخر وفرض الأمر الواقع بقوة السلاح .. لا بد من أن نضع السلاح جانبا فلا سلاح إلا بيد الدولة ومؤسساتها المكلفة بحفظ الأمن وسلامة الحدود .. وعلينا نجلس معا إلى طاولة حوار، ونتوافق على ميثاق اجتماعي جديد، ومشروع وطني نشارك جميعا في وضعه والعمل على تحقيقه.

ليبيا الغالية علينا جميعا تستحق منَّا بذل الغالي والرخيص ، كي تنهض من كبوتها وتستعيد أمنها وأمانها.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً