الجولة الثانية من الحوار الليبي.. تحدياتٌ كبيرة

الجولة الثانية من الحوار الليبي.. تحدياتٌ كبيرة

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

article3_17-7-2016

لقد مضي على حكومة الوفاق الوطني أكثر من مائة يوم وهي بقاعدة بوسته البحرية بطرابلس دون أفعال ميدانية تذكر اللهم الا بعض القرارات والتي جلها يصب في مصلحة افراد وايديولوجيات ومدن معينه دون كل الليبيين والليبيات وليبيا. الكثير من النخب ساندت وايدت هذه الحكومة على أمل ان تقوم بالبداء في اخراج ليبيا من مستنقع الفوضى الى مشروع الدولة المدنية. وأن ترفع وتحد من ستار معاناة المواطن من غلاء الأسعار وتفشي الجريمة والقتل بطرابلس وضواحيها وغياب الامن والأمان في كل ليبيا. هذه الحكومة تعمدت ألا تقف على مسافات متساوية من الجميع وقراراتها متضاربة بعض الأحيان وتصب في خانة مجموعة معينه ينبذها كل الليبيين والليبيات. نست بأن بليبيا مدن بعيدة ومتدمرة ومهمشة ومدن تحارب الإرهاب ولم تدعمها ومدن تحارب الإرهاب وتقوم هذه الحكومة بدعمها دون الاخرين. لا نريد أن نقول انها فشلت ولكن نريد أن نقول، أن مهمتها صعبة ولم تستطيع أنجازها لعدة أسباب وهي:

  • ابتعادها التام عن الشعب وعدم التحدث للشعب وباستمرار وحتهم على دعم هذه الحكومة
  • اللجوء والاستماع وارضاء مجموعات معينة وغض النظر عن الاخرين وخاصة مدن كبيرة مثل بنغازي والبيضاء ومدن الجبل الغربي والزاوية وبني وليد وترهونة وسرت وسبها والكفرة وغات وطبرق ومدن اخري لم تطأطئها قدم أي من وزراء هذه الحكومة
  • عدم الشفافية والاستعانة ببعض المحسوبين على التيارات الإسلامية فقط من الخبراء السياسيين في ابداء النصيحة واخد المشاورة
  • التحدث للغرب والأمم المتحدة وغيرهم أكثر من التحدث لليبيين
  • عدم التحاور مع من يملكون القوة على الأرض وخاصة من المليشيات والتي تسيطر على كل مدن ليبيا وربما تجنب هذا والخوف منهم
  • اهمال دور بعض القبائل الكبيرة والفعالة في بعض المدن والعمل معهم لحل المليشيات بتلك المدن
  • عدم اصدار تحدير لكل من يحرض على الحرب والفتنه في ليبيا وخاصة من بعض الرموز الدينية وغير الدنية بالوطن
  • لم تضع يدها على من يوزعون الأموال بليبيا وتركهم يفعلون ذلك وخاصة مدير مصرف ليبيا المركزي بطرابلس والبيضاء
  • لم تضع أي استراتيجيات لحل كل المعوقات والتي يعاني منها المواطن يوميا مثل انقطاع الكهرباء وباستمرار، نقص السيولة، الجريمة، تدهور قطاع الصحة والفساد المالي بجميع القطاعات
  • عدم التواصل مع الليبيين بالخارج سوء ممن كانوا مع النظام او مع فبراير ومساعدتهم في الرجوع للوطن

اليوم بداء حوار جديد بتونس وبنفس اللجنة التي قامت بالتوافق على اختيار هذه الحكومة بالصخيرات واخرجوا لنا أتفاق سياسي لم يري النور وطمسه البرلمان ووضع شروط لكي يوافق عليه وعلى الحكومة. الى هذه اللحظة لم يقوموا أعضاء البرلمان بالا باتفاق وبشروط على الاتفاق السياسي ولم يعتمد بأكمله مما سبب في ارباك هذه الحكومة والتي لم تغادر طرابلس او بالأحرى القاعدة البحرية بأبوسته. هذا الحوار بداء بنفس الشخصيات والتي لم يختارها الشعب الليبي ولا مدن او قري أو قبائل ليبية. اشخاص اختاروا بعضهم البعض وزكوا بعضهم البعض وجلهم من الاخوان او المتعاطفين معهم. بهم عدد محدود من الشخصيات الوطنية ولكنهم قلة. اختارهم ليون والذي تاجر بقضية ليبيا من اجل مناصب له طوال حياته مع دويلة الامارات وجاء من بعده السيد كوبلر والذي يمسك العصا من النصف طوال الوقت وتارت يهزها لليمين في كافة حكومة الوفاق وقليل للشمال في صالح الشعب الليبي. مازال يحاول لآنه عرف أن الشعب الليبي ضاق دراعاً بمن يتصدرون المشهد السياسي بليبيا وبهذه الحكومة.  الاخوان يجدون التأييد من أمريكا وبعض دول لاتحاد الاوروبي ولدي السيد كوبلر تعليمات أن يستمر بهذا. كما قالوا الطاولة بها أربع أرجل، وللإخوان رجل في هذه الطاولة الليبية. كوبلر يريد هذه الرجل وحتى وأن كانت عرجاء فهي ستستقيم إذا تعلموا الدرس ولن يتركوهم لوحدهم. إصرار المجتمع الدولي على بقاء الاخوان في هذه اللجنة وفي كل حكومة وفي كل طبيخة، سيكون مرددوه وقبول هذه الحكومة ليس سهل من قبل الليبيين حيث ضاقوا دراعاً بما قام به الاخوان وجماعات التيار الإسلامي ومعهم المليشيات بشق الصف والوقوف ضد قيام الدولة المدنية في ليبيا.  لجنة الحوار امامها عدة خيارات ولكن هناك خيارين ليس لهم ثالث وهما:

ا- تغير المجلس الرئاسي بالكامل (وهو قليل الاحتمال)

ب- تقليص المجلس الرئاسي الى 3-5 أعضاء فقط وتعين 7 مستشارين سياسيين مع هذا المجلس وحكومة مصغرة من 9 وزارات فقط

التحديات كبيرة وكثيرة أمام أي حكومة في ليبيا. وجود قيادات فعالة دون تفضيل واحد على الثاني أو مدينة على الأخرى هذا سيعطيها دعم كبير في هذا الوقت. التحدث الى الأشخاص الفاعلين والقادرين والتحاور معهم وخاصة ممن يملكون القوة على الأرض والخروج للشعب والحديث معهم عن مخرجات هذا الحوار وطلب العون من الشعب لتنفيذ كل ما تريده هذه الحكومة هو الأهم.  الاستمرار في التحدث للأشخاص الخطأ كما حصل خلال السنتين المضيتين واصرار الأمم المتحدة وتعنتها والتمسك بهذه الحكومة واستبعاد للكثيرين من القيادات السياسية الأخرى، سيجعل هذه الحكومة ومن يأتي بعدها الى مصير الفشل وعدم القبول من الشارع الليبي. الشعب سيد الميدان وهو من سيحمي الحكومة. تجاهل الشعب والاعتماد على المليشيات في حماية هذه الحكومة، سيربك كل شيء.

من المفروض أن أول قرار تأخذه هذه الحكومة وبعد ان ينتهي حوار تونس هو حل المليشيات وتفعيل الشرطة والبداء في تأسيس الجيش والشرطة من هذه المليشيات كأفراد. يجب طلب عون الشعب في هذا وإذا لم يتحقق لهم هذا عليهم بمغادرة الحكومة لأن الشعب يتحمل مسؤولية عدم دعم الحكومة لتنفيذ قرارتها. هذا يحتاج الى شخصية قوية ومعه مساعديه وللآسف السيد فايز السراج لا يملك هذا وبعيد عن الشعب ومن الأفضل أن ينسحب ويترك المجال الى شخصية أخري قوية لها حظوظ كبيرة واحترام بالشارع. كان السيد السراج الأنسب قبل 100 يوم وليس الأفضل ولكن الان ليس الأنسب في هذا الوقت. على المجتمع الدولي والأمم المتحدة الوفاء بوعودهم بمساعدة الشعب الليبي في التخلص من الفوضى وعدم التعنت بمساعدة مجموعات معينة فقط. كل هذا سيساعد على قبول هذه الحكومة وستجد الدعم من اغلبية النخب والشعب بليبيا

ليبيا ستخرج من هذا المستنقع بعون الله ونتمنى للجنة الحوار التوفيق في أعمالهم وأن يكونوا حدرين من فرض أجندة الأيديولوجيين والجهويين. وأن تكون ليبيا وشعبها أمامهم وإذا فشلوا في اختيار الشخصية القيادية المناسبة لليبيا، فهم مسؤولين عن افعالهم ولن يقبلهم الشعب الليبي.

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

اترك تعليقاً