الحوار الليبي بين إنجاح ثورة فبراير أو إجهاضها

الحوار الليبي بين إنجاح ثورة فبراير أو إجهاضها

الفيتوري شعيب

كاتب وباحث شرعي

منذ فترة وجيزة انطلق الحوار الليبي أو بشكل واضح (الحوار البرلماني) بين أعضائه المجتمعين في طبرق والرافضين له في مدينة غدامس، لحلحلة الوضع الأمني وإرجاع مبدأ الوطن للجميع ويسع الجميع، وبالنظر إليه أي : هذا الاجتماع بصفة عامة فإنه محمود عرفا قبل أن يكون محمودا سياسيا، ولكن الحوار الناجح لابد أن يرتكز على محاور ثابتة حتى يسير عليها ولا يتعثر ويصعب بعدها قيامه من جديد، وألا يفسد أكثر مما يصلح، ليصير بعدها إلى نقطة يصعب معها الحوار إلا بتقديم قربان له يكون مكلفا للوطن وأبنائه، ولنعرف ماهية خطوات حوار غدامس وما لحقه في طرابلس نقف عنده في وقفات:

الوقفة الأولى: (أهدف الحوار)

عندما أعلن أعضاء البرلمان بواسطة أممية البدء في الحوار لم يعلنوا على أهدافه بشكل واضح، ولو جزئيا بحيث يعتمد على نتائجه فيما بعد، إذ أنه ظل منعدم الوضوح يمكن أن يوضع في عدة خيرات ومنها : كونه يعد حوار من أجل جمع شتات أعضاء البرلمان ؟ أو من أجل تطبيق الإعلان الدستوري في اجتماعه؟ أو دخول الأعضاء المقاطعين إلى إجتماع طبرق بدون قيد أو شرط !! أو أو .

الوقفة الثانية: (التمهيد للحوار)

إن التمهيد للحوار بإعداد أرضية صلبة له عامل أساسي على نجاحه، والتمهيد في الشأن الليبي يكون بين الفرقاء المتنازعين بالسلاح بإيقاف القتال والتقريب بينهما إذا كان الحوار ينطلق من مبدأ – الإخوة الفرقاء – وإما إذا كان بين ثورة وأخرى مضادة لها فلا يكون التمهيد إلا بالقضاء على المضاد قبل الإصلاح والحوار بين البينين .

الوقفة الثالثة (التأكيد على الثوابت)

إذا كان المحاور يخدم قضيته بكل وطنية فلا بد أن يحاور من منطلق ثوابتها، ولا حياد عن هذه الثوابت، ولعلى أبرزها الآن : إبعاد من تحول عنهم الشكوك والمداهنة للنظام السابق بكل أضيافهم، وأن يرتكز الحوار مع من كان مع ثورة فبراير ولم تشترك مصالحه مع مصالح الثورة المضادة التي أشعلت لهيب الخلاف بين أبناء الوطن، هذا أولا، وثانيا كيف يكون الحوار مع من يصف نقيضه بالإرهابيين وهو إلى الإرهاب أقرب إليهم من جميع النواحي سواء أكان بالقتال والتدمير للمدنيين أو من وسائلهم الإعلامية التي تحت على الإنشقاق والفرقة، فبعدا هذا لا أدري كيف يكون الحوار معهم ؟؟ .

الوقفة الرابعة (تناسب شخصيات الحوار)

لعل من أبرز نقاط فشل الحوار في ليبيا – مبدئيا – هو عدم تناسب الشخصيات المتحاورة، إذ كل منهما لا يمثل الطرف الحقيقي في النزاع، وإنما يمثله على جهة التقريب وليس التحقيق، فالبرلمانيين في طرابلس لا يمثلون الثوار المقاتلين، بل إن كثير منهم لا يعترف بهذا الحوار أصلا ويرونه محاولة إجهاضية لما يقومون به من إصحاح للثورة وإجهاض للثورة المضادة، بينما البرلمانيون في طبرق ممثلين حقيقة للجهة الأخرى التي تحاول إجهاض الثورة والإنقلاب عليها بكل الطرق والوسائل، ويعتبر تمثيلهم واضحا وإن أرادوا عكس ذلك، ليوهموا الآخرين أنهم على الحياد .

وبالجملة … فإن الحوار في ليبيا لا يجب أن يبدأ قبل حكم المحكمة أولا، وترسيخ خطوات الإعلان الدستوري، وإن ينطلق من أهداف وصميم ثورة فبراير والممثلين الحقيقيين لها وإلا يعتبر هذا الحوار بين النظام السابق وثورة فبراير الذي رفضه الثوار في بداية إنطلاق الثورة ليستحيل العودة إليه بعد انتصارها الآن.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

الفيتوري شعيب

كاتب وباحث شرعي

التعليقات: 1

  • هارون الشتيوي

    –الخيار الصعب —
    دائما ماتتردد أمامنا كلمة أهداف ثورة 17 فبراير ولاكن إلى حد الان ما زلنا لا نعرف ما هي هده الاهداف وفي مسؤلية من تحقيقها. والحقيقة انها لا توجد حاجة الان إسمها أهداف . لان الهدف يعني أن يكون أمامك عنوان ولا عنوان الان أمام الجميع. وكل الناس. تائهة. تموج. تنتظر. تهرب. تختفي. تخزن. والسبب في ذلك كله عدم وجود عنوان وهدف منتظر ومن يحقق هذاالهدف . فلابد من إعادة النظر والرجوع الى المربع الاول لقراءةالمشهد من جديد؛؛ لقد خرجت الجماهير وقالت الشعب يريد إسقاط النظام وخرج من رحم هده الجماهير ثوار إستجابوا بحسن النية لهذه الجماهير؛؛ وبدعم من حماس هذه الجماهير ومشاركة إقليمية ودولية سقط النظام.إلا ان هذه الجماهير تبيّن انها لم يكون لها أهداف الا نعرة غير محسوبة. ولم تكون في الموعد من أجل بناء نظام يستوعب الجميع ويجبر الخواطر ويأخذ بالمسؤلية الاخلاقية والواقعية للتعامل مع هؤلاء الثوار والاعتراف بهم كمعادلة أساسية في النظام الجديد والأكثر من ّذلك وصفوهم بالمليشيات واستهجنوا ماقامو به في تحقيق طلبهم المرير (إسقاط النظام) وبعد أن وضعوهم أمام سحق نار الثورة المضادة تخلوا عنهم(كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِّنكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ والان الثوار أمام الخيار الصعب وكل التطلّعات التي ينتظرها المتفائلين لبناء ليبيا الحديثة فانها واهية ومبنية على تشخيص خاطيء يتجاهل الواقع ويتجاهل حقيقة هذا الشعب المغيّب . فإن الليبين بعد أن فقدوا سلطة الظمير التي كانت تقودهم في عهد الملك إدريس قد لا يكون أمامهم خيار الان إلا سلطة العصاة الغليظة ومجبرا أخاك لا بطل. وكلنا نعلم كيف قادة هذه السلطة(سلطة الضمير ) هذا الشعب عندما كان الليبي يخاف من شاعر يقول في حقه بيت شعر وكان يقفل متجر الذهب بعصاة ليذهب إلي المسجد ونعلم عندما يذهب شخص من الغرب إلى الشرق أو العكس كان يحاول أن لا يُعرّف بنفسه على انه ضيف من إحراج كرم الضيافة وكيف كان دور القبيلة في الامن الاجتماعي وكيف كان قدر رب الاسرة عند أبنائه وقدر المعلم عند تلاميده وغيرها كثير .فلابد من تشخيص واقعي لحقيقة هذا الشعب المُغيّب، والتفائل الغير واقعي لايخدم المرحلة ولابد عند قراءة المشهد الليبي من التفريق بين السلطة المعلنة والسلطة الفعلية أي السلطة المعلنةالمتمثلة في البرلمانات والحكومات الخاضعة للتداول. والسلطة الفعلية التي تنتزع إنتزاع. ولليبيين تجربة في ذلك عند الفرق ما بين سلطة الشعب في مؤتمر الشعب العام وبين سلطة الصقر الوحيد ملك ملوك إفريقيا.وأصحاب السلطة الفعلية لا يكترثون بمقر السلطة المعلنة المرتهنة لديهم. ولعل تحديد مقر البرلمان في المنطقة الشرقية يريحنا من إستوانة -تهميش – مركزية – برقة الانطلاقة -الخ. ولعل هذا البرلمان يحسن في قراءة المشهد ويحدد مسار يأخد بالمسؤلية الاخلاقية والواقعية وجبر الخواطر إتجاه الثوار والرجوع بهم من قريب باتجاه واقعية بناء الدولة ولا يدفعهم للتَوحّش والتَغوّل وللنتائج الغير محسوبة للجميع. وتجربتهم في ثورة 17 فبرائر ليست ببعيد .

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً