الحوار الليبي و خيار التدخل العسكري الدولي

الحوار الليبي و خيار التدخل العسكري الدولي

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

في ظروف التردي الامني والانقسام السياسي والتقاتل الاهلي الذي تعيشه ليبيا، ظل العالم يتعاطى مع الوضع مراهنا على الوقت، ويستخدم جرعات من الصبر في انتظار ان يخلق الوقت معجزة سيادة طرف على الآخر!، لكن ذلك لم يحدث وطالت مدة الانتظار مما يعني المزيد من قتل الليبيين وتدمير وتخريب ممتلكاتهم وسرقة وبعثرة ثرواتهم وهم يعانون قساوة التهجير والنزوح داخليا وخارجيا.

لقد بقي العالم وللأسف طيلة الاربع سنوات الماضية يراقب من بعيد، ولم يحرك ساكنا برغم صرخات الليبيين المتكررة، الى ان وصلنا الى ما نحن فيه الان من تشظيء وفرقة وتقاتل وفوضى!

لقد استغلت بعض الدول وبكل مرارة الوضع الليبي لتحقيق مصالحها الذاتية على حساب دماء وأرواح الليبيين، وذلك من خلال البحث عن عناصر تصنفها ارهابية مطلوبة لديهم، بعد ان تأكدوا من توفر البيئة الجاذبة لهم في ليبيا ما بعد القذافي، وقاموا في سبيل ذلك بنشر استخباراتهم وتفعيل اعمالهم من داخل الارض الليبية المستباحة للجميع! وتلعب امريكا والجزائر هذا الدور بحرفية عالية وتنسيق مستمر، فقد تمكنت امريكا من القبض على بعض المطلوبين لديها فعليا وكذلك الجزائر، وبتعاون استخباراتي عالمي تسنده كل دول الطوق الليبي اضافة الى مالطا وفرنسا وبريطانيا واسبانيا وغيرهم.

لكن تسارع الاحداث وانعكاسات الفوضى الليبية المسلحة، خلقت مناخا يصعب التحكم فيه حيث تولدت عنه ثلاثة عوامل اساسية ضاغطة، تصب في ضرب مصالح بعض الدول المتورطة في الشأن الليبي بصورة مباشرة او غير مباشرة وهذه العوامل هي:

1- ظهور جماعات اسلامية متطرفة وإعلانها عن نفسها في عمق الاراضي الليبية وما تشكله من تهديد علني مباشر وغير مباشر لتلك الدول.

2- تضرر المصالح الاقتصادية لأمريكا وبعض الدول الغربية الشركاء في النفط والغاز الليبي نتيجة عدم ضمان انتاجهما وتدفقهما بصورة طبيعية لعدم توفر السيطرة الفعلية عليهما

3- تزايد اعداد الهجرة الغير شرعية العابرة لليبيا في اتجاه اوروبا وأثارها على اوروبا

هذه العوامل شكلت تهديدات حقيقية لتلك الدول مما جعلها تعيد حساباتها، وتعلن عن دعمها وتحريكها لمبادرة الامم المتحدة للحوار الليبي والهادفة الى تشكيل حكومة توافق وطني، حيث توالت جلسات الحوار التي تعقد بين الاطراف الليبية المتصارعة ولازالت مستمرة عبر محطات داخلية وخارجية، غير ان صبر العالم قد ينفد، في حال استمرار تعنت الاطراف الليبية المتحاورة، وفي هذا السياق يمكن القول ان العالم من خلال الامم المتحدة يعد اللمسات الاخيرة للتدخل العسكري في ليبيا، كحل بديل لحسم الموقف على الارض، واعتقد ان السيناريو قد تمت صياغته فعلا ووضع في صورته النهائية للإخراج والتنفيذ، وان تطبيقه بات وشيكا!، وهو في نظري سيرتكز على قرار من مجلس الامن يسمح باستخدام القوة العسكرية المباشرة للتدخل في ليبيا تحت ذريعة محاربة ارهاب الجماعات المتشددة، والعمل على اعادة الاستقرار والامن لليبيا بعد ازيد من اربعة سنوات من التقاتل والتخريب والدمار. ان ذلك سيكون دافعه الحقيقي الحفاظ على مصالح تلك الدول النافذة التي استشعرت خطر تهديدها الان اكثر من اي وقت مضى نتيجة العوامل الثلاث المذكورة اعلاه! لذلك يبدو ان خيار الحسم العسكري قد اتخذ قراره، وهو الآن مرهون بمدى القبول بمبادرة الحوار طوعا او كرها! فهل يفهمها الليبيون!؟

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً