الدبيبة والمُسيَّر وهاجس التغيير

الدبيبة والمُسيَّر وهاجس التغيير

أتى إلى السلطة بالمال الفاسد من خلال شراء ذمم بعض أعضاء لجنة الـ75، اعترض على قرار إقالته من قبل البرلمان وسعى إلى إحداث انشقاقات بصفوفه من خلال الرشا التي قدم لبعض النواب وتعيينهم بالسفارات وهم لا يفقهون شيئا بالعمل الدبلوماسي، تشبث بالسلطة وأغدق الأموال على الميليشيات المختلفة لتثبيت أركان حكمه، خلق تفاهم مع القيادة العامة المسيطرة على شرق البلاد، من خلال الإفراج عن مرتبات منتسبيها والاتيان بمقرب لها لمؤسسة النفط التي تقوم بتسويق النفط ومشتقاته خارجيا، تقرب إلى كل من مصر والإمارات ومنحهما عقودا لبعض المشاريع، علهما تخففان من لهجتهما الحادة نحوه باعتباره رئيس حكومة غير شرعي منتهي الصلاحية.

كان أحد الأسباب الرئيسية التي أجهضت إجراء الانتخابات الرئاسية 24 ديسمبر 2021، بسبب ترشحه، متنكرا لتعهداته بعدم الترشح للرئاسة في حال توليه رئاسة الحكومة.

راهن على  الاختلاف بين محلسي النواب والدولة، وعندما أدرك إن إمكانية توافقهما لوّح بأن يعرض مشروع الدستور المعدل على الشعب للتصويت عليه وهو يعلم جيدا أن التعديل الثالث عشر للوثيقة الدستورية تعتبر مرحلية ومن ثم يصار إلى إنشاء دستور جديد للبلاد وفق أسس تتفق عليها معظم شرائح المجتمع بمختلف توجهاتها.

غض الطرف إن لم نقل مساهما في أعمال تهريب النفط ومشتقاته إلى خارج البلاد لتستفيد منها الميليشيات التي يدعمها أو التي يخشى التصادم معها وكذا الميليشيات التي تقوم بتهريب الأجانب إلى أوروبا.

فجأة وأمام التحولات المحلية الإقليمية التي ترسمها المصالح المشتركة، وإدراكه الكامل بإمكانية تغييره، استعمل الطيران المُسيّر لضرب معاقل مهربي البشر ومدخرات الشعب الليبي، ليظهر للعامة بأنه حريص على أموالهم ولأوروبا بأنه سيوقف تدفق المهاجرين غير الشرعيين إليها، عمل خلال حكمه على حل المشاكل بين الأجهزة الأمنية التي تنضوي تحت حكمه والتي تسبب في مقتل مدنيين وقفل طرقات، بإغداق الأموال الطائلة لهم كي يستمر في الحكم.

إعادة اختيار أردوغان (الداعم الرئيسي له) رئيسا لتركيا، وبوادر سياسته الخارجية من خلال التغييرات التي أحدثها أردوغان على تشكيلة حكومته الجديدة (تغييرات ملحوظة في الوزارات السيادية الرئيسة عقب تنصيبه السبت 3 يونيو 2023 رسميا رئيسا لتركيا لولاية جديدة بحيث سيتولى الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات التركية حقان فيدان وزارة الخارجية ليحل مكان مولود تشاوش أوغلوا وعين خبيرا لإعادة النهوض بالاقتصاد المنهار) تُنبئ بأن تركيا سائرة في ركب التوافقات الإقليمية بما يرعى مصالحها من خلال تقاربها مع كل من مصر والإمارات والسعودية، والتضييق على زعماء الإخوان الذين آوتهم ونصرتهم في فترات سابقة وسمحت لهم بإنشاء قنوات فضائية وابتزت من خلالهم حكوماتهم، والطلب من بعضهم الرحيل عنها وقد تقوم بتسليم بعضهم إلى دولهم، فلا شيء يدوم في عالم السياسة.

نجزم بأن الوقت لم يعد سانحا للدبيبة بإكمال مسلسله التأمري على الشعب الليبي حيث أهدر الأموال الطائلة فيما لا يعني، وأن حكومته تضم المتناقضات، وما يجمعها هو الاستحواذ على المال العام، وأن سيطرته لا تتعدى حدود إقليم طرابلس التي أمّنها له أردوغان، كما أن استضافة مدينة بنغازي (الخارجة عن طوعه) في الفترة من 12 إلى 15 يونيو الجاري 2023، فعاليات معرض الصناعات التركية، على أرض معرض الهواري، برعاية بلدية بنغازي، والهيئة العامة للمعارض، يثبت أن تركيا ستسير في ركب التسويات الإقليمية لأجل مصالحها، ولم يعد يهمها الأشخاص، فهم بيادق يتم تحريكهم وفق الحاجة ورميهم في سلة المهملات.

تشكيل حكومة مصغرة تكون مهمتها الإشراف على الانتخابات البرلمانية والرئاسية، أصبحت تلوح في الأفق، المؤكد أنه لن يكون رئيسها إن رغب في الترشح للرئاسة، وبالتالي فإن استخدامه للطيران المُسيّر والذي ألحق الأضرار بأهداف مدنية، لم يعد يجدي، فالتغيير قادم، آجلا أم عاجلا، وإنهاء حكومة أثبتت منذ مجيئها (5فبراير 2021) أنها حكومة فساد مالي، وأنها لم تقم بتنفيذ أي من المهام الموكلة إليها (حل المليشيات وإجراء الانتخابات) وأن التهم التي وجهت لبعض أركانها ما هي إلا ذر للرماد في العيون، وبعض الأحكام تعتبر صكوك غفران.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

ميلاد المزوغي

كاتب ليبي

اترك تعليقاً