بعد الانفتاح على سوريا.. هل تفكر السعودية في مصالحة فلسطينية؟

بعد الانفتاح على سوريا.. هل تفكر السعودية في مصالحة فلسطينية؟

أيام قليلة تفصلنا عن انعقاد القمة العربية في الرياض المقررة في 19 مايو الجاري، والتي من المنتظر أن تشهد حدثا مهما يتمثل في إعادة سوريا إلى مقعدها في الجامعة العربية رغم الرفض القطري المتكرر والذي يأتي تحت ضغوط أمريكية مستمرة للإبقاء على الأسد معزولا أطول فترة ممكنة، ورغم ذلك فإن هذا الإصرار القطري لن يقف حجر عثرة بما أن قمة الرياض ستستعمل صيغة التوافق لا الإجماع في مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربية، وهو ما يعني أن عودة سوريا إلى الحضن العربي في قمة الرياض مجرد إجراء روتيني ما دامت الغالبية من العواصم العربية قد فتحت أبوابها للأسد، ولكن ماذا عن الملف الفلسطيني والذي لا يقل أهمية عن الملف السوري؟!… هل يمكن ربط زيارات قيادات من حماس والسلطة الفلسطينية إلى الرياض خلال الأيام القليلة الماضية بتحضير الرياض لاتفاق “مكة 2″؟ أم أن هنالك ترتيبات لطرح صيغة جديدة من مبادرة السلام العربية تشمل توافقا فلسطينيا وتأخذ في الحسبان التغيرات الحاصلة في المشهد العربي بعد اتفاقيات إبراهام؟.

كانت السعودية بقيادة الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز آل سعود الراعي قد حاولت عبر اتفاق مكة في فبراير 2007 أن تستبق الأحداث بعد استشعرت أن الخلافات على السلطة في فلسطين قد تصل إلى مرحلة الاقتتال الداخلي وهو ما حصل فعلا بعد 4 أشهر من إمضاء هذا الاتفاق الذي حرص في أحد بنوده الأساسية على وقف ومنع سفك الدم الفلسطيني وتوحيد ومواجهة الاحتلال وتبني لغة الحوار لحل الخلافات السياسية، لكن حماس الشغوفة للتجربة السياسية ضربت بالبيان على عرض الحائط وانطلقت في مشروع تأسيس سلطتها الموازية لفتح في القطاع، والتي كانت إعلانا لبداية مرحلة كارثية تدخل فيها غزة بعد أن تحولت إلى قطعة أرض مكتظة بالسكان ومحاصرة من قبل الاحتلال، تمارس فيها حماس الجباية لضمان مصادر دخل حكومتها وتنفذ أجندة إيران الخارجية التي تقضي بإبقاء محور المقاومة مشتعلا لإزعاج العدو، ومنذ ذلك الحين انعدمت الاتصالات المباشرة بين قادة حماس والرياض بعد انهيار اتفاق مكة وبدى أن حماس قد اختارت أن تكون في الحضن الإيراني على حساب الحضن العربي.

اليوم وبعد أن دخلت السعودية مرحلة جديدة في علاقاتها مع إيران واتخذت من سياسة تصفير المشاكل عنوانا لسياستها الخارجية، صار لزاما على الرياض أن تتقدم بمبادرة جديدة تنهي حالة الصراع على السلطة الموجود في فلسطين وأن تمنح الفرصة لحماس وللفصائل الفلسطينية أن تُصحح أخطاء كان بالإمكان تفاديها لو تم البناء على اتفاق مكة الذي شدد على ضرورة الحوار وحذر من الاقتتال الداخلي، ومن خلال ما لمسناه من تليين للموقف السعودي إزاء حماس والتي بدأ بالإفراج عن القيادي محمد الخضري ونجله ثم توج أخيرا بزيارة لقيادات الحركة إلى المملكة لأداء مناسك العمرة نرى أن محاولة الاستمالة السعودية لحماس يجري من وراءها الترتيب لاجتماع عام للفصائل الفلسطينية على أرض المملكة يراد من خلالها الوصول إلى توافقات بين حماس من جهة وفتح من جهة أخرى لإنهاء حالة الانقسام الفلسطيني والترتيب لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية يكون فيها للشعب الفصل، ولعل حماس تجد نفسها مضطرة لقبول المبادرة السعودية، خاصة وأن أي خطوة نحو السعودية ستفتح الباب أمام علاقات عربية جديدة تعوض خسارة قطر على خلفية الموقف الحمساوي الجديد من الأسد.

إن وجود توجه سعودي لإعادة تبني ملف المصالحة الفلسطينية يحمل أيضا رسائل ذات أبعاد أخرى لإسرائيل، في مضمونها أن القضية الفلسطينية لا تزال جوهرية وأن الواجب الأخلاقي يملي على المملكة أن تجمع الفلسطينيين على كلمة واحدة وأن السلام الذي تريده تل أبيب مع الرياض لا بد أن يبدأ بخطوة السماح بقيام الدولة الفلسطينية، ويبدأ ذلك من خلال ترتيب بيتهم ومساعدتهم على تجاوز الخلافات السياسية التي أدت إلى انشقاق الصف الواحد واستفاد منها الاحتلال الإسرائيلي لتحقيق مكاسب ميدانية، وحتى وإن كانت بعض العواصم العربية قد مضت في اتفاقيات سلام مع إسرائيل وفقدت الأمل في قيام دولة فلسطينية إلا أن هذا لا يعني بالضرورة أن مبادرة السلام العربية التي أعلنها الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز قد تجاوزها الزمن أو سقطت من حسابات السعودية أو أن السعودية ستترك الوضع على ما هو عليه وتمضي في تعديل المبادرة لتسهيل خطوات التطبيع.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

فاضل المناصفة

كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً