بنغازي.. وطن في مدينة

بنغازي.. وطن في مدينة

بنغازي التي نعرفها كانت مدينة حاضنة وليست طاردة، حاضنة للجميع دون إستثناء، احتضنت الوافدين إليها من كل القبائل وكل المناطق، وكل من أراد الرزق ، أو الدراسة، لم تكن تطلب شهادة حسن سير وسلوك من أحد، كل من عاش فيها، شيئا، فشيئا، يتطبع بطبائع أهلها، لا أحد يتباهى بأصله، أو بحسبه، أو بنسبه، بجاهه أو سلطانه،أو مركزه.

كان الجار يسأل عن جاره، يحترمه، يقدره، يرعاه ، يتفقد احواله واحوال اسرته في غيابه، يساعده، أن أحتاج ويوسع عليه بما اعطاه الله.

كل واحد فيهم سند وعون حقيقي للآخر ،يحزن لحزنه ويفرح لفرحه .. تسكن البيت الواحد اكثر من عائلة، كل عائلة من قبيلة مختلفة، ومنطقة أو مدينة أو قرية مختلفة، ولكنهم فى الأصل عائلة واحدة وقلب واحد، ولا يفصل بين البيوت إلا الشرشاف.

كان الكل سواسية، لا ترى اختلافات كبيرة في الملبس والمأكل.. درسوا في نفس المدارس، وتعلموا القران على يد فقيه الحي، ولعبوا في نفس الشوارع، ذهبوا لنفس السينمات وملاعب الكرة والمسارح، واماكن الترفيه.

كلهم كانوا أكثر من (خوت)، لاتجد مصطلح غرباوى أو شرقاوى.. مصراتى أو عقورى، ورفلي،أو تاجوري، جازوي، أو جبالي، كلهم سواسية والحب يجمعهم.

لم نكن نعرف أن هذا الشخص ينتمي إلى قبيلة كذا أو كذا. لم نكن نسأل أصلا عن هذا، وأعرف أصدقاء المدرسة، وأقران في الشارع، ولم يخطر لي إلى هذه اللحظة أن أسألهم من أي قبيلة هم فذلك لا يهمني أصلا ولو عرفت ، ما غير ذاك في الامر شيئا. يهمني أن أعرف أسمه، لكي أناديه به، وأسم عائلته اذا تطلب الامر.

ثم جاءت ظاهرة القبلية والمناطقية، والجهوية،التي انحسرت في العهد الملكي، ثم ترعررت وتضخمت في عهد القذافي، لتغرس البغضاء والعداوة والكراهية والتشاحن،والعصبيات الجاهلية ، والتي من شأنها أن تزرع بذور الفتنة بين ابناء المدينة الواحدة، وتضعف الانتماء الوطني.

في هذه الايام والاجواء مشحونة في المدينة، أزداد سعير هذه الظاهرة المشينة،يقودها اصحاب أقلام مشبوهة، وانجر وراءهم، للأسف وبغباء كثيرون،فساعدوا في تأجيج نيران الكراهية والعداوة والفرقة.

في هذا الوقت ينبغي أن نكون احرص من أي وقت مضى، على على ترسيخ قيم المحبة والتآخي بيبن ابناء المدينة الواحدة،لا نتيح الفرصة لمن يصطادون في الماء العكر.

فلنبتعد عن كل ما من شأنه أن يفرق الناس ويعمق البغضاء بينهم .ولنرجع الى الايام الخوالى والزمن الجميل.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً