بوشاقور دليل على أن النظام الرئاسي بلسم ليبيا

بوشاقور دليل على أن النظام الرئاسي بلسم ليبيا

كتبنا هذا المقال بعد تصريح الدكتور المقريف بأن النظام البرلماني هو نظام الحكم في ليبيا المستقبل . ولقناعتنا بخطورة هذا النظام على ليبيا ، بل وقناعتنا بعدم فاعليته كنظام سياسي كتبنا هذا المقال لتبيان قناعتنا تلك . إلا أننا أرجئنا نشره حتى يصبح الواقع داعماً لفكرتنا . فالواقع خير شارح وداعم للفكرة.

النظام البرلماني يمهد الطريق إما للفوضى وعدم الاستقرار السياسي أو لعودة الدكتاتورية من الشباك عن طريق الأغلبية البرلمانية ويهدد أحد أهم أسس الديمقراطية ودولة القانون وهو مبدأ الفصل بين السلطات ، وهذا حال الأنظمة البرلمانية من بلجيكا إلى العراق وايطاليا ، أما المملكة المتحدة فهي الاستثناء على هذه القاعدة لظروف وعوامل ذاتية خاصة بالمملكة.

المملكة المتحدة استثناء على هذه القاعدة ، لتجربتها التاريخية السياسية الفريدة وموقع البرلمان الذي نكاد نقول أنه أصبح مرادفاً للمملكة المتحدة وللمبدأ الذي يحكم النظام السياسي في المملكة المتحدة والمعروف بParliamentary Sovereignty أو Parliamentary Supremacy أو Legislative Supremacy وهو ما يعني أن البرلمان أعلى أسلطة في البلاد وله السيادة المطلقة والعليا على جميع الأجهزة الحكومية والسلطات بما فيها السلطة القضائية ، وهو ما يتعارض ويصادم في أحيان كثيرة مبدأ الفصل بين السلطات.

فالاستناد على نموذج المملكة المتحدة ينم عن عدم معرفة سياسية قانونية دقيقة بفرادة هذا النظام السياسي من الناحية التاريخية والدستورية والسياسية والقانونية.

أما الأنظمة البرلمانية العادية فهي تتسم بعدم الثبات والاستقرار ، وذلك في حال عدم حصول تكتل معين على أغلبية برلمانية بحيث يمسي الثبات والاستقرار في يد الطرف المرجح للأغلبية البرلمانية كحال تجمع وليد جنبلاط حالياً في البرلمان اللبناني أو كتلة وزير خارجية إسرائيل ( ليبرمان ) ، فتتغير الحكومات أو التوجه للانتخابات المبكرة شبه سنوي كلما عنَّ لهذا الطرف المرجح رأي مغاير . بل في بعض البلدان بقت البلاد بدون حكومة جديدة لسنة وأكثر بسبب عدم توافق الكتل البرلمانية كما حدث في هولندا والعراق وبلجيكا . كما أنه قد يقود لانقسامات سياسية ومجتمعية حادة قد تقود لتشظي الوطن نفسه.

كما تتسم الأنظمة البرلمانية بالدكتاتورية المقنعة كحال ايطاليا زمن برلسكوني أو العراق زمن المالكي ، وهو فضلاً عن ذلك يؤدي لانتشار الفساد والانقسام السياسي الحائد والذي يغدوا في أحيان كثيرة انقساماً مجتمعياً خطيراً.

كما أن الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يكاد يكون منعدماً في ظل هذه الأنظمة ، فلا نجد لدعوة مونتسكيو أن السلطة تحد السلطة “Le pouvoir arrête le pouvoir” أثراُ في ظل هذه الأنظمة بل هي أقرب لأفكار جان جاك روسو من أن ما يحكم عمل السلطة التنفيذية والتشريعية ليس فصل السلطات بل تقسيم العمل.

فالسلطة التنفيذية في هذه الأنظمة هي التعبير عن الأغلبية البرلمانية ، لا بل هي أداة طيعة لها ، وبالتالي تذوب السلطة التنفيذية في الأغلبية التشريعية فتصيران سلطة واحدة عملياً ويغدوا القول بالفصل بينهما قولاً لا سند له واقعياً. بل يصبح الواقع أغلبية تشريعية وسلطة تنفيذية في مقابل أقلية برلمانية وهذا يفتح الباب لمفاسد قانونية وسياسية وأخلاقية واقتصادية ومجتمعية لها أول وليس لها أخر.

النظام الرئاسي هو الأفضل كحال الولايات المتحدة الأمريكية وهو أفضل حتى من الأنظمة شبه الرئاسية كحال فرنسا . فالنظام الرئاسي هو صمام الأمان الأفضل للديمقراطية ودولة القانون والفصل بين السلطات والاستقرار السياسي وإبعاد شبح الدكتاتورية.

فالفصل بين السلطتين التنفيذية والتشريعية جلي وفعال في الأنظمة الرئاسية . فالرئيس منتخب وكذلك الكونغرس ، ولا يملك الكونغرس تعيين الوزراء أو عزلهم وبالتالي فالرئيس المنتخب يختار وزارته ووزرائه لتنفيذ برنامجه الانتخابي الذي وعد به الشعب وأختاره الشعب على ضوئه ، و يمارس الوزراء والرئيس صلاحياتهم بدون أن يكون سيف العزل مسلطاً على رقابهم من السلطة التشريعية وهذا شرط أساسي للاستقلال ، وهو معروف كذلك حتى في النظام القضائي فلكي يستقل القاضي يجب أن تبعد سيف العزل عنه.

فللكونغرس صلاحيات عدة وللرئيس والسلطة التنفيذية التي يمثلها صلاحيات تعادل تلك الصلاحيات من حيث الأثر وبالتالي يتحقق أهم مبدأ من مبادئ الديمقراطية وهو الفصل بين السلطات لاسيما السلطيتن التشريعية والتنفيذية ويحدث توازناً بينهما.

ومن أهم مزايا هذا النظام الاستقرار السياسي ، فالرئيس لديه تفويض شعبي لمدة أربعة سنوات وكذلك البرلمان ، فلا مجال لانتخابات مبكرة أو تغيير الرئيس ولغير ذلك من المناكفات السياسية .
كما يرجع استقراره لكونه أكثر تعبيراً عن الإرادة الشعبية ، فالشعب يختار رئيسه مباشرة من بين عدة مرشحين ، بخلاف النظام البرلماني حيث يمكن أن يتم تعيين رئيس وزراء من تكتل عدة أحزاب في حين قد يكون هو شخصياً لا يحظى حتى بتأييد 2% من الناخبين.

نرجوا بكل صدق ومن أجل ليبيا أن تختار لجنة صياغة الدستور النظام الرئاسي كشكل للحكم في ليبيا ، أو على الأقل تُعرض مادة شكل الحكم للاستفتاء أو الاستبيان ، ونحن على ثقة بأنه بعدما اكتوى الليبيون بأحد مثالب ومخاطر النظام البرلماني في هاتين السنتين أنهم سيختارون النظام الرئاسي.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً