بين زوبي والسويحلي والنظام النيوزلاندي و السويسري

بين زوبي والسويحلي والنظام النيوزلاندي و السويسري

أستنكر البعض ما طرحه النائبان سليمان زوبي وعبد الرحمن السويحلي من تشكيل حكومة من قبل أعضاء المؤتمر الوطني بحجة أن هذا فيه تعدي على مبدأ الفصل بين السلطات (السلطة التشريعية والتنفيذية).

ورغم عدم تأييدنا لهذا الطرح بل وعدم تأييدنا لنظام الحكومة البرلمانية وتفضيلنا للنظام الرئاسي ، فإننا لاحظنا أن بعض المنتقدين يعتقدون أن مبدأ الفصل بين السلطات هو النظام الوحيد في الديمقراطيات الغربية. وهذا غير دقيق فهناك دول لم تأخذ بمبدأ الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية استنادا إلى نظرية الفيلسوف الفرنسي جان جاك روسو.

تقوم نظرية جان جاك روسو على الجمع بين السلطات استنادا على مبدأ الديمقراطية الكاملة . ومبدأ الديمقراطية الكاملة لدى روسو يقوم على الديمقراطية المباشر ، وبالتالي فإن روسو يرفض الديمقراطية النيابية.

يستند روسو في ذلك على أن السيادة ينبغي أن تكون لمجموع الشعب ، ولم كان هذا الشعب يعبر عن إرادته العامة عن طريق الانتخابات ، وبالتالي فإن السيادة ينبغي أن تكون للإرادة العامة وحدها والمتمثلة الهيأة التشريعية.

ويرى روسو بأن هذه الإرادة العامة تتميز بثلاث صفات : الأولى كونها إرادة مطلقة ، والثانية أنها لا تقبل الإنابة أو التفويض ، والثالثة ( وهو موضوع مقالتنا ) لا يمكن تجزئتها ، وبالتالي عدم إمكانية الأخذ بمبدأ الفصل بين السلطات ، باعتبار أن كل سلطة ستعبر عن إرادة جزء من ذلك المجموع ، وفي هذه الحالة لن نكون أمام إرادة عامة بل إرادة خاصة ، والسيادة لا يمكن أن تستند الا على مبدأ الإرادة العامة.

وبالتالي فإن روسو يعتبر الحكومة أداة من أدوات من الهيأة التشريعية ، دون إمكانية مشاركتها الهيأة في ممارسة أعمال السيادة.

ومن الدول التي أخذت بمبدأ عدم الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية نيوزلاندا ، حيث يشترط أن يكون الوزراء من أعضاء البرلمان . ومع ذلك تبقى الحكومة مسؤولة أمام البرلمان.

ومن الدول التي تأثرت بنظرية روسو قديماً فرنسا وحديثاً سويسرا وفق التالي:

1- فرنسا:

طبق نظام حكومة الجمعية في فرنسا في الفترة ما بين 1792 و عام 1795 حيث جمعت الجمعية الوطنية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية . فأوكلت السلطة التنفيذية إلى مجلس تنفيذي منتخب من قبلها.

كما طبق نظام الجمعية في فرنسا عام 1848 ، حيث جمعت الجمعية التأسيسية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، والتي عهدت بها إلى لجنة مكونة من خمسة أشخاص تعتبر بمثابة مندوب عن الجمعية.

كما طبقت فرنسا هذا النظام عام 1871 بعد سقوط نابليون الثالث ، حيث جمعت الجمعية الوطنية بين السلطتين التشريعية والتنفيذية ، والتي عهدت بها إلى أحد أعضائها والذي كان خاضعا لإشرافها التام ومعرض للعزل من قبلها متى شاءت.

غير أن فرنسا عدلت عن هذا النظام ، فأصبح من تاريخها الدستوري.

2- سويسرا:

في سويسرا تعتبر الجمعية الفيدرالية السلطة العليا ، وهي تتولى السلطة التشريعية بنفسها في حين يتولى السلطة التنفيذية مجلس تنفيذي مكون من 7 أشخاص يجري اختيارهم من قبل الجمعية لمدة أربع سنوات ، ويعتبر رئيس المجلس رئيسا للدولة ويتم اختياره من الجمعية لمدة سنة واحدة غير قابلة للتجديد . ورئيس المجلس لا صلاحيات إضافية له فالدستور السويسري ينص على أن المجلس يتخذ قراراته كمجلس جماعي.

وغالباً ما يترشح للمجلس الفدرالي أعضاء الهيأة التشريعية ( مجلس الشعب مجلس الشيوخ ) ، ولكن تم انتخاب أعضاء بالحكومات الكنتونية لعضوية المجلس.

وقد خالفت نظام حكومة المجلس في سويسرا نظريو روسو من ناحيتين:

الأولى: أن النظام السياسي السويسري تبنى نظام الديمقراطية النيابية بخلاف روسو المنادي بنظام الديمقراطية المباشرة.

الثانية: أن النظام السويسري منع عزل رئيس المجلس التنفيذي وأعضائه من مناصبهم خلال مدة عضويتهم.

غير أن عدم القابلية للعزل هذا لا تخل بتبعية المجلس للجمعية وضرورة تقيده بالتعليمات والأوامر الصادر إليه من الجمعية وتنفيذها فالحكومة ملزمة باتباع السياسة العامة التي تقرها الجمعية . كما يحق للجمعية إلغاء أي قرار صادر عن المجلس التنفيذي أو تعديله.

كما أن المجلس ملزم بتقديم تقارير دورية للجمعية لمناقشتها وإصدار التوجيهات اللازمة للمجلس وبكل الأمور التي يتولى ممارستها.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً