بين “نحن نستطيع” و”نحن نفعل” رحلة الأمل والتحدي تتواصل

بين “نحن نستطيع” و”نحن نفعل” رحلة الأمل والتحدي تتواصل

في الرابع من شباط/فبراير من كل عام يتحد العالم بأجمعه في تظاهرة صحية إعلامية قوية تستهدف الإنسان في كل مكان، إنه “اليوم العالمي للسرطان”،  هذا الحدث السنوي الذي ينظمه “الاتحاد الدولي لمكافحة السرطان” بالتعاون مع المنظمات الصحية والإعلامية الفاعلة محلياً وإقليمياً وعالمياً،  لتسليط الضوء على مخاطر هذا المرض، وتعزيز سبل الوقاية و الكشف المبكر والشفاء.

كان شعار العام الماضي 2018 “أنا أستطيع”، أما هذا العام فقد اعتمد “أنا سأفعل”، للتأكيد على ضرورة العمل وبقوة على صعيد الفرد والأسرة والمجتمع،  والتأكيد على أن الحلول ممكنة ومتوافرة، وبإمكاننا كأفراد أو مؤسسات وهيئات حكومية وغير حكومية تقديم وسائل الدعم والتوعية والوقاية من السرطان.

لقد أدى “السرطان” خلال العام الماضي إلى وفاة نحو 9 ملايين نسمة، وهو بلا شك أكثر الأمراض المميتة في كلفته الاقتصادية التي تنجم عن الوفاة المبكرة والإعاقة، والتي تقدر بنحو تريليون دولار أي أكثر بنحو 20% من كل أمراض القلب، يضاف إلى ذلك تكاليف العلاج الطبي، التي كثيراً ما تكون باهظة، وعلى سبيل المثال بلغت نفقات دول العالم على أدوية علاج الأمراض السرطانية عام 2014  نحو 100 مليار دولار، ورغم وضعه على رأس أولويات “خطة العمل العالمية للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها” للفترة 2013- 2020، تقدر منظمة الصحة العالمية أن عدد حالات الإصابة بالسرطان سوف تزيد بحوالي 70% خلال العقدين المقبلين.

في هذا اليوم العالمي، يتجدد تسليط الضوء على أهم عوامل الخطر السلوكية التي نرتكبها في حياتنا اليومية والتي ترفع نسبة الإصابة بحالات السرطان ومن أهمها تعاطي التبغ (التدخين) والكحول، والبدانة، وعدم ممارسة الرياضة بشكل منتظم، وعدم تناول الفواكه والخضار بشكل كاف، وكذلك التعرض المديد لأشعة الشمس، كما أن هناك أمراض فيروسية معدية يمكن الوقاية منها، تؤهب لحدوث السرطان في كثير من بلاد العالم، مثل تلك الناجمة عن فيروس التهاب الكبد بي أو سي، و”فيروس الورم الحليمي البشري” الذي يصيب عنق الرحم، وغيرها.

إن تعدد وتنوع وتعقد عوامل الخطر التي تساعد على الإصابة بهذا المرض جعل من التوعية الصحية، والسلوك الصحي أهم ساحات التصدي لهذا المرض الخطير وسبل الوقاية منه والتغلب عليه، لذلك تسعى المؤسسات الحكومية والأهلية والأفراد إلى استثمار المعرفة التي توصّل إليها البحث العلمي من أجل وضع برامج مواجهة هذا المرض والوقاية منه، ومعالجة المصابين به، وهناك العديد من التجارب الناجحة حول العالم التي أسهمت وتسهم في نشر الوعي وتعزيز السلوك الصحي المطلوب، ودعم المؤسسات العاملة في مكافحة السرطان، وكشفه المبكر.

نعم… إن مواجهة  هذا المرض الذي يضيف كل عام نحو 13 مليون إصابة جديدة، تستطيع أن تمنع حدوث معظم هذه الحالات، لأن ذلك في متناول الإنسان، فالتدخين كما تفيد الأبحاث مسؤول عن إصابة 3 ملايين إنسان سنوياً (نحو ربع إصابات السرطان السنويةً)، كما أن معالجة بعض الأمراض المعدية تمنع تطورها إلى أمراض سرطانية، وكذلك برامج التلقيح (التطعيم) للفتيات والنساء بين 10-30 سنة من العمر، تمنع الإصابة بفيروس “الورم الحليمي البشري” الذي يصيب عنق الرحم عند الملايين من النساء، ويؤهب لحدوث السرطان لديهن، والأمر مشابه في فيروس “التهاب الكبد نوع سي”، فاللقاح هنا يمنع حدوث هذا المرض الذي يمكن أن ينتهي بحدوث حالات من السرطان.

من الضروري التأكيد  أيضاً على أهمية الكشف المبكر والدوري في كثير من حالات السرطان لأنه يساعد على الشفاء بنسبة كبيرة خاصة في سرطان الثدي، وعنق الرحم، والجلد، والأمعاء الغليظة والحنجرة وغيرها.

نعم، كل من يؤمن بحق الإنسان في كل مكان وأي مكان بمكافحة مرض السرطان الذي فتك ويفتك بالمجتمع الإنساني، لا بد أن يقول في هذا اليوم “أنا أستطيع” و “أنا سأفعل”.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً