تجريع البؤس.. من حقائق بؤس انقطاع الكهرباء في ليبيا

تجريع البؤس.. من حقائق بؤس انقطاع الكهرباء في ليبيا

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

كل ما على الارض وما عرفته الارض ومالم تعرفه من بؤس جرعوه للشعب الليبي.. جوع..  تسول امام المصارف.. تهجير.. قتل.. خطف.. سلب ونهب وسرقة.. أمراض دون علاج.. حرمان من الحقوق والقائمة لا تنتهي من تجريع البؤس لتختتم زمنا ولا تختتم عددا الى قطع الكهرباء والتعذيب بردا والموت بردا لأطفاله وتحويل يومياته الى يوميات بدائية لياليها ظلام دامس ولحظاتها بؤس حقيقي، حتى مولدات الكهرباء الرديئة الموردة خصيصا لهذا الشعب والتي يملكها القليل من الليبيين لا أهمية لها ولا جدوى منها مع ساعات طويلة ومع ايام في بعض مناطق من ليبيا من انقطاع للكهرباء ومع انقطاع لوقود هذه المولدات.

بانقطاع الكهرباء تنقطع المياه التي تجرى الى البيوت فيرتد ابناء الشعب الليبي  الى الازمان البدائية بتخزين للمياه في قوارير وأواني  ودلاء اللدائن، يغسلون أبدانهم بسكب الماء يدوياً بمغارف اللدائن (المالقي) ويغسلون ويشطفون ملابسهم  بأيديهم كعهد السبعينات لان الغسالات الالية لا تعمل بانقطاع الكهرباء وفي اجسامهم يجاهدون جهادا حتى يرهقوها بإمساك حاجات الإخراج البشري لان لا سبيل لنظافة الحمامات مع عدم وجود المياه في الصنابير ويتحاشى الازواج الاقتراب من زوجاتهم لنقص المياه التي يحتاجونها غسلا  بعد الاقتراب من زوجاتهم ، بهذا الماء المخزن في اشد شهور الشتاء برودة والذي يلسع أبدانهم  و أطرافهم ألما يلجأون الى تسخينه في القدور على مواقد الغاز لان سخانات المياه لا تعمل مع انقطاع الكهرباء والغاز هو الاخر منقطع في ليبيا ويقتنونه بأسعار مرتفعة .

غير متاح لأبناء الشعب الليبي في الشتاء البارد اللاسع لابدانهم بتدفئة بيوتهم الا بما عهد في الازمان الاولى بالحطب او الفحم النباتي وهي تدفئة مؤقتة تنقضي بانقضاء الحطب او الفحم وتحولهما الى رماد مع موت العديد منهم اختناقا من أدخنة الحطب او الفحم ممن تركوا النار في بيوتهم المقفلة وناموا استنئاسا بدفء نار الفحم او الحطب.

في هذه الايام التي هي اشد ايام الشتاء بردا أتاحوا تعذيبا او قتلا للأطفال ولا تكفي مالفت الأمهات من بطاطين وأغطية على أطفالهن مع برد لابد معه من ادخال عنصر تدفئة اخر غير الأغطية والبطاطين لا يجدونه مع انقطاع الكهرباء وأتاحوا لعموم الشعب الليبي أمراضا داهمة گنزلات البرد والإنفلونزا والتهابات الانف والأذن والحنجرة واللوزتين وامراض الجهاز التنفسي وأمراض المفاصل مع انعدام تام لأي خدمات صحية مجانية متاحة للشعب الليبي المعدم فقرا ومع غلاء فاحش للأدوية.

وأعادوا التلاميذ والطلبة الى مناخ اجدادهم في القراءة والكتابة على ضوء الشموع وعلى مصابيح الشحن الصينية المغشوشة التي تنطفئ او تتعطل سريعا والموردة خصيصا للشعب الليبي.

مع عموم التعاسة لا يجد اغلب ابناء الشعب الليبي مهربا الى اذاعة مرئيّة تروح عنهم ساعة بساعة او ضوء يرسم وضوحا في بيوتهم وشوارعهم لأبصارهم ويريح نفوسهم المرهقة من عهد فبراير المعتم اصلا ولا يجد اغلبهم مهربا لشبكة المعلومات الدولية تسليهم بمهرب افتراضي من واقعهم التعيس.

مقابل هذه الجرعات المتعانقة من البؤس الذي يتجرعه الشعب الليبي يتقاضى حكام ليبيا التنفيذيين والتشريعيين آلاف الدينارات شهريا ويتمتعون بمزايا خاصة جزاء على تجريعهم البؤس للشعب الليبي ولا يفهم هذا الغباء العام وهذا التشوش الذهني وهذا الغياب للعقل العام، ان المسؤول عن كل جرعات البؤس من مجلس النواب ومجلس الدولة والمؤتمر الوطني وافراد الحكومات يتقاضون أعلى مرتبات وأعلى مزايا ولا يلقونهم في السجون عقابا على ما يتعرض له الشعب الليبي من بؤس لا حدود له.

بلية انقطاع الكهرباء وللحقيقة هي بلية تراكمت مع سنوات فبراير وبدأت مع اول وزير محتال للكهرباء ومن سخرية احتياله انها ذكر في سيرته الذاتية الاحتيالية ((قام بالعديد من الدراسات في تخصص الكهرباء، وساهم في رسم السياسات الاستراتيجية لقطاع الكهرباء في إمارة دبي وكان مسؤولا على تنفيذ ومتابعة المشاريع الكهربائية بإمارة دبي))

ثم تراكمت مع وزراء محتالين من بعده وكل وزير أفاك يطالب بالمليارات لمعالجة الكهرباء فتتبخر المليارات وتزداد بلية انقطاع الكهرباء تعقيدا وما صرف على الكهرباء من مليارات في هذا العهد ينشئ محطات مولدة للكهرباء وشبكة ضخمة تغذي دول شمال افريقيا على اجمعهم ولكن هذه المليارات غذت اختلاسا ونهبا وسرقة ارصدة وحسابات وزراء الكهرباء في عهد فبراير كغيرهم من الوزراء الآخرين الذين لا يعرفون الا تغذية حساباتهم اختلاسا ونهبا وسرقة وكل ليبي يدرك تماما ان هؤلاء لا يعملون لأجل الشعب الليبي ولا يعملون لأجل ليبيا بل لأجل انفسهم، والدليل على ذلك ان الكهرباء في ليبيا وجد كإنجاز كامل متكامل من عهد سبتمبر فتحول الى دمار كامل في عهد فبراير نتيجة للفساد وتغييب الكفاءات والخبرات الليبية المعروفة في الكهرباء   والسرقة والتلاعب بميزانية الكهرباء وتحويل الاموال الى حسابات خاصة والتركيز على الحلول الملفقة التى تجلب منافع لوزراء الكهرباء وتؤدي الى نتائج مؤقتة لا جدوى منها ولاحظوا معي الحقائق الآتية عن وضع الكهرباء في ليبيا التي اقتطعتها من تصريح السيد عمران ابو كراع الذي كان رئيساً لشركة الكهرباء في عهد سبتمبر والتي أكدها لي عاملون بالكهرباء يعملون في كهرباء ليبيا من الثمانينات والى الآن  وهى كالآتي:-

* ((بتاريخ 31 – 12 – 2010 بلغت الطاقة المركبة (11000 ميغاوات) وبها يمكن انتاج (9000 ميغاوات) في أسوأ الظروف بالنسبة للمحطات الغازية مع مشاكل التشغيل والصيانة لكامل المحطات الأخرى.
في صيف 2010 بلغ اقصي معدل للطلب على الطاقة ( 5500 الي 5700 )اي ان الشبكة يفترض ان لها احتياطي تشغيل يقارب 40 بالمائة وهذا معدل عالي جداً يوفر أمان للتشغيل وتلبية الطلب بشكل امن .
تمتلك ليبيا شبكة متكاملة من خطوط شبكة الجهد الفائق 40 كيلو فولت التي توفر مرونة تشغيل عالية تمكن من الاستفادة من الطاقة المتاحة في أي محطة في ليبيا لتغطية العجز في جزء من الشبكة مهما كان بعد هذه المحطة مع منظومة تحكم متطورة تمكن خبراء التشغيل من ادارة  الشبكة بكل سلاسة ،الوضع العام لمنظومة الكهرباء بليبيا مقاًرنة بالمؤشرات الدولية والاقليمية من حيث التجهيزات وجودتها انها مجهزة بأحدث التجهيزات بسوق صناعة الكهرباء كما ان مؤشرات الطلب مقارنة بالطاقات المركبة توضح ان هناك فائض يتجاوز 50٪ وان هذا الفائض يوفر اعتمادية عالية في التزويد ولا مبرر أبدا لظهور اي عجز في تلبية الطاقة .

المعنى الاساسي ان هناك احتياطي للكهرباء يقدر ب 40 ‎%‎ في عهد سبتمبر يلبي أكثر من حاجة ليبيا من الكهرباء وذهب هذا الاحتياطي في عهد فبراير، اين ذهب؟ هو ذهب بفساد وعبث حكومات متعاقبة ومجالس تشريعية فاسدة مفسدة متاح لها العبث والفساد دون أدنى ردع او أدنى محاسبة وان لم يتدارك الشعب الليبي أمره سريعا بثورة تزيل هذه الحكومات والأجسام التشريعية الفاسدة المفسدة فان والله القادم اسوأ من السوء الذي فيه الشعب الليبي وفيه ليبيا ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.

_______________________________________________________________________

* تصريح السيد عمران ابو كراع نقل من موقع زنقتنا، لضرورة معرفة بلية الكهرباء في ليبيا  وهو منقح ومستخلص على غير ماهو وارد في الموقع بما لايمس بالمعلومات الاساسية .

* انتظروا واقعة مخجلة ستنشر مباشرة بعد هذا المقال وذلك بعد التأكد منها ، ارتكبها المجلس الرئاسي في واقعة قفل خط الغاز عن محطة كهرباء الزاوية .

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد علي المبروك

كاتب ومحلل سياسي ليبي.

اترك تعليقاً