تداعيات تخفيض سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأخرى سنة 1999

تداعيات تخفيض سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأخرى سنة 1999

محمد درميش

مستشار تطوير تنظيمي وباحث في الشأن الليبي

أولا : النظرية الاقتصادية وتخفيض سعر الصرف (د عطية الفتيوري – اقتصاد دولي – منشورات مركز بحوث العلوم الاقتصادية)

تخفيض سعر الصرف الحقيقي هو تخفيض قيمة العمله الوطنية نسبه الى غيرها من العملات الاجنبية وهذا التخفيض يكون من الدولة او السلطات المسؤوله وتلجا الدولة لهذه السياسة في حالات نادرة جدا ( بعد فشلها في علاج العجز في ميزان المدفوعات بشتى الطرق ) ولاتستطيع اي دولة تخفيض قيمه عملتها المحلية الا بعد الموافقة من صندوق النقذ الدولي وغالبا مايتم وضع شروط وسياسات مصاحبه لتخفيض سعر الصرف ومن ضمن هذه السياسات مساعده الدولة في منحها قروض قصيره الاجل لغرض اعادة التوازن في ميزان المدفوعات الخ  .

ثانيا : ما أثر تخفيض سعر صرف الدينار الليبي امام العملات الاخرى على كل من

1- على الواردات الصناعية

تعتمد الصناعة في ليبيا على استيراد معظم السلع الوسيطه وكذلك الالات والمكائن وغيرها من الخارج (عند تخفيض سعر صرف الدينار الليبي امام العملات الاخرى ينتج عنه زيادة في اسعارهذا السلع المورده مما يؤدي الى ارتفاع كلفه منتجات الصناعة المحلية وبالتالي ارتفاع اسعارالسلع المنتجه وانخفاض الطلب العالمي عليها واضعاف قدرتها التنافسية).

2-تخفيض سعر صرف الدينار الليبي واثره على التكاليف والاسعار الصناعية (د. محمود داغر – دسلام الشامي  الانفاق العام ومعضله النقذ الاجنبي في الاقتصاد الليبي – بحث غير منشور مقدم في ندوة السياسات الاقتصادية سنة 2001)

ان تخفيض سعر الصرف الحقيقي سيؤدي الى زيادة عد الوحدات من العمله المحليه مقابل الوحده من العملات الاجنبية الاخرى وحيث ان الصناعه في ليبيا تعتمد على استيراد معظم السلع الوسيطة من الخارج وكذلك الالات والمكائن وبالتالي فان تخفيض سعر الصرف الحقيقي سيؤدي الى زيادة تكلفة استيراد هذه السلع وكذلك الالات والمكائن مما يؤدي في النهاية الى ارتفاع تكلفة المنتجات الصناعية الليبية وبالتالي زيادة الاسعار

3-تخفيض سعر الصرف واثره على الصادرات الصناعية ( دعطيه الفتيوري  مصدر سبق ذكره )

ا-الصادرات الصناعية التي تعتمد على سلع وسيطه محليه ومن امثلة هذه الصناعات ( الاسمنت ) سنجد تخفيض قيمه سعر الصرف على هذا النوع من الصناعات سوف يكون سلبيا ولكن ليس بدرجة كبيرة وذلك لان السلع الوسيطة المستخدمة في هذه الصناعات يتم انتاجها محليا .

ب-الصادرات الصناعية التي تعتمد على سلع وسيطه مستوردة من الخارج  سوف يكون تاثير تخفيض سعر الصرف كبيرا على هذا النوع من الصناعات وذلك لان السلع الوسيطة الداخله في هذه الصناعات يتم استيرادها من الخارج ونتجة لهذا التخفيض فانه يؤدي الى زيادة تكلفة استيراد  هذه السلع مما يؤدي الى ارتفاع تكلفة الصناعات النهائية المعتمدة على السلع الوسيطه المستوردة مما يضعف قدرتها على المنافسة .

4- اثر التغير في سعر صرف الدينار الليبي على مؤشر الاسعار المحليه في الاقتصاد الليبي ( سامي عمر ساسي – اطروحه دكتوراة – غيرمنشوره – اكاديمية الدراسات العليا طرابلس سنة 2015)

من اهم نتائج هذه الدراسة ان تغير سعر الصرف ليس المؤثر الوحيد في تغيير الاسعار المحليه فقد يكون الرقابة عن النقذ الاجنبي وتحرير التجارة وتخفيض الرسوم والضرائب الجمركيه على السلع المستوردة دور كبير في امتصاص معدلات التضخم وكذلك التلقلبات التي تعرض لها الدينار الليبي خلال العقدين الاخرين من القرن الماضي كانت ناجمه عن التدابير والاجراءات والسياسات الماليه والنقذية والادارية التي تم انتهاجها من قبل السلطات المختصه وادت الى اختلالات واختناقات في الاقتصاد الليبي .

5- اثر تخفيض سعر الصرف على مستوى دخل المواطن الليبي  متوسط مستوى دخل الفرد الليبي سنة 1999  (150) دينار يقابله بالدولار (500) دولار شهريا    اي بمعنى    150÷ 0.30= 500

عندما تم تخفيض قيمه الدينار الليبي اما العملات الاجنبية واصبح الدولار بي  1.20

بما ان متوسط دخل الفرد الليبي في سنة 1999 (150)دينار   150 ÷1.20=125 دولار

من هنا نلاحظ الانخفاض الكبير في متوسط دخل الفرد الليبي الناجم عن سياسة تخفيض قيمة الدينار مقابل العملات الاخرى حيث انخفاض متوسط دخل الفرد الليبي من 500 دولار في الشهر الى 125دولار شهريا  هذا الاجراء الاحادي الجانب اثر تاثيرا كبير في الحياة العامه للمواطن الليبي مما تسبب في زيادة نسبه الفقر والاستفقار و الحرمان من الحقوق الاساسيه للانسان

عليه ومن هذا المنطلق نرى على كل من المجلس الرئاسي ومصرف ليبيا المركزي اتخاذ الإجراءات الآتية :-

أولا المجلس الرئاسي:

1-الابتعاد عن سياسة الانكماش وفرض الضرائب وفتح أفق جديدة لتنوع مصادر الدخل القومي.

2- القضاء على الاحتكار وإدماج الاقتصاد الوطني مع الاقتصاد العالمي بأسلوب علمي منظم وفق معايير واضحة ومحددة ومدروسة.

3-الاهتمام بالقطاع الخاص وتوفير له المناخ المناسب والبيئة المناسبة للعمل وفتح سجل خاص للموردين في وزارة الاقتصاد بالتنسيق مع مصرف ليبيا المركزي ( مصنع  – وكيل – تاجر –رجل اعمال  – حرفي الخ )  بحيث تكون الاعتمادات موزعه طول السنه لضمان تدفق السلع والخدمات طول السنة  مع ضرورة دفع نسبه 30 في المايه من قيمه الاعتماد كاش للمصرف عند فتح الاعتماد لكي يساهم في تخفيف حده ازمة السيوليه وامتصاص التضخم في الاسعار.

4-العمل على فتح وتفعيل سوق الأوراق المالية وفق المعايير الدولية بالإضافة إلى تحرير التجارة وفتح السوق الليبي لقوى العرض والطلب مع التركيز على الجودة وأفضل السعار مع بقاء دور الدولة الرقابي وحماية المستهلك.

5- إلغاء القرارات العشوائية التي تخدم مصالح السوق السوداء والسماسرة وسحب كل القرارات المتعلقة بفرض ضريبة على الواردات والإبقاء على التعريفية الجمركية المعمول بها في قانون الجمارك الليبي مع فرض ضرائب على الدخل من هامش الربح لما لها من دور وفائدة على المجتمع ككل والقضاء على التضخم وتكون موزعه كما يلي (هامش الربح من المليون فما فوق 20بالمية من خمسة مليون فما فوق تكون 40 بالمية ومن العشرة مليون فما فوق تكون 50بالمية الخ.

6- إعادة هيكلة القطاع العام وهيكلة العمالة وفق أصول الإدارة والتنظيم ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب.

7- الاهتمام بالاستثمار في البشر (التعليم والتطوير والتدريب المهني والتنمية الإدارية االخ).

8-متابعه كافة المؤسسات والشركات والمشروعات الاستثمارية في الداخل والخارج والافصاح عن حسابات الارباح والخسائر كل ثلاث أشهر لهذه الاستثمارات.

9-تفعيل المعاهدات الاقليمية والدولية بما لها من دور في تنوع مصادر الدخل القومي والرفع من مستوى الاداء واستغلال الموارد..

ثانيا البنك المركزي

1-سحب والغاء الاصدارت القديمة من العملة الإصدار السابع ومادون لفئة العشرة دينار والخمسة دينار ومادون وكذلك سحب وإلغاء فئة العشرين والخمسين كلها.

2- المحافظة على استقرار سعر صرف الدينار مقابل الدولار وفق المعايير الدولية ومقومات الدولة الليبية.

3-فتح الاعتمادات بصورة منتظمة طول السنة وإعطاء الأولوية للسلع الضرورية.

4 – ضرورة وضع برامج عملية وعلمية مدروسة لحل مشكلة شح السيولة ومعاناة المواطن في إسراع وقت ممكن.

5- تطوير القطاع المصرفي العام والخاص بما يواكب الحداثة والمرحلة الراهنة وإعادة النظر في القيادات الحالية.

6- تشجيع الإفراد ورجال الإعمال والتجار الخ على فتح حسابات بالعملة الصعبة مع أعطى حوافز تشجعيه للتاجر ورجال الإعمال والإفراد الخ   لمن يكون عنده مبالغ من العملة الصعبة بتسهيلات مصرفيه ضعف مايودع في حالة ثبت وجودها لمدة زمنية لأتقل عن ثلاث أشهر في الحساب.

7- السماح للمصارف العالمية ذات المركز المالي القوي وذات السمعة الحسنة بالعمل في البيئة الليبية وتخفيف القيود على العمل المصرفي مع بقاء دور البنك المركزي الرقابي.

8- توفير كروت الفيزا المحلية والدولية باستخدام الرقم الوطني وإعطاء سقف شهري وسنوي مناسب للسحب وكذلك التحويل الشخصي (الوستر يونيون والموني قرام).

9- يجب إن يكون البنك المركزي حاضرا دائما ومراقبة المتغيرات والتكيف مع كل الإحداث والتعامل معها وفق أصول إدارة الأموال بما يخدم المصلحة العامة للمجتمع الليبي.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد درميش

مستشار تطوير تنظيمي وباحث في الشأن الليبي

اترك تعليقاً