تعطيل (الأحزاب)، خطوة مُلحة وعاجلة لإنقاذ (ليبيا) من الإنهيار الكامل

تعطيل (الأحزاب)، خطوة مُلحة وعاجلة لإنقاذ (ليبيا) من الإنهيار الكامل

إن الديمقراطية نظام سياسي خاص بالغرب وحده، ولدت وترعرعت في بيئة لايمكن فهمها أو تقليدها إلا في مجتمع صناعي، يُشكل فيه رأس المال قوة قادرة على ردع الإقطاع، ويُشكل فيه العمال قوة قادرة على ردع رأس المال.. ودون هذا التوازن المعقد تصبح مصطلحات الديمقراطية الرأسمالية مجرد (حبر على ورق).. وأية محاولة لنقل النظام الحزبي الأوروبي إلى بلد غير صناعي، فكرة من شأنها أن تحيل الديمقراطية الرأسمالية إلى تمثيلية هزلية.. وهذا ما نراه يحدث اليوم في أوطان ثورات (الربيع العربي)، الذي تريد التنظيمات الدينية، والأحزاب السياسية، والعصبيات بكل أطيافها القبلية والجهوية والمناطقية، أن تجعل منه (خريفاً عربياً) بامتياز، تعصف بها رياح (القبلي) لتحرق الأخضر واليابس، وتجعل رؤية الأشياء على حقيقتها أمر شبه مستحيل.

فالأحزاب التي نراها اليوم بقناعها الذي يبدو عصرياً للغاية، هي في الواقع مجرد (سمسار) و(وكيل سياسي) لا يبدو شريفاً بالمرة، لأنه قبِل أن يفتح صدره وثروات بلده لرجل (خارجي)، لينهب مايشاء متى شاء، وأن يُتاجر بسيادة وطنه مقابل تلميع حزبه وتمكينه من الوصول إلى السلطة.

إن الوطن اليوم ومن منطلق (إنقاذ ما يمكن إنقاذه)، بحاجة ملحة وعاجلة لوقفة جادة وفاعلة ورشيدة من كل أبناء ليبيا المخلصين (غرباً وشرقاً وجنوباً وشمالاً)، والتي قد تتطلب وفق وجهة نظري المتواضعة، الإسراع في اتخاذ مثل الإجراءات الآتية:

1) إن التجربة الحزبية في ليبيا لا زالت حديثة الولادة، فلم تتعلم حتى الحبو بعد.. لذا فهي بحاجة إلى مزيد من البناء والترتيب والتنظيم لبيتها الداخلي، حتى تنهض وتقف وتبني نفسها أولاً وتتضح رؤاها وبرامجها، ثم بعد ذلك يُفسح لها المجال للمشاركة في العمل السياسي وبناء الوطن.

ومن هذا المنطلق فإن أول خطوة تجاه تصحيح المسار السياسي في (ليبيا)، هو تعطيل نشاط جميع (الأحزاب) و(الكيانات) من المشاركة السياسية في المرحلة الحالية.

2) الشروع في تشكيل حكومة كفاءات مصغرة، الشرط الأول للمشاركة فيها الحيادية المطلقة والإستقلالية وعدم الإنتماء لأي حزب أو تنظيم، والتجرد من العصبيات القبلية والجهوية والمناطقية.. بمعنى أن يكون أي وزير فيها ابناً لليبيا وحسب، وخالصاً لها لا تتحكم فيه أهواء الأيديولوجيات والأحزاب والعصبيات.

حكومة تتكون من أفراد مشهود لهم بالنزاهة والكفاءة الإدارية والمهنية، وبالحنكة والخبرة السياسية، وبالولاء الديني النقي الغير مؤدلج بأفكار تنظيمية، وبالإنتماء الوطني الخالص الغير مشوه بالأفكار الحزبية، ولا بالعصبيات بمختلف أطيافها.

وزراء ميدانيون يعشقون الوطن، وتتملكهم الغيرة على وحدته وسيادته وكرامته وعزته ونهضته، ويكونون على استعداد دائم للتضحية والعطاء والبناء دون قيد ولاشرط، يحترقون شوقاً لتحقيق إنجازات حقيقية على أرض الواقع، والإسراع في إعادة إعمار الوطن، ويجعلون كل مواطن بسيط وفي أي مدينة وقرية وواحة، يشعر بوجودهم وبقربهم منه عبر جهدهم وعرقهم وعطائهم وإنجازاتهم وليس عبر إعلانات وتصريحات .

3) الإسراع في تفعيل نظام البلديات المقنن، حتى يشعر كل مواطن في كل أرجاء ليبيا باهتمام الحكومة به وبأنه غير مهمش، مع وضع نظام صارم للمراقبة المالية، والمتابعة الدقيقة للمشاريع والإنجازات.

4) الإسراع في تفعيل جهاز القضاء بالكامل، كخطوة ضرورية لتحقيق العدالة الإنتقالية والمصالحة الشاملة العادلة، والتقيد بتنفيذ الأحكام الصادرة عنه بحزم وجدية.

5) تركيز الحكومة على ضرورة إيجاد آلية لحماية الحدود، وبناء الجيش والشرطة، وفق آليات علمية معاصرة، حتى يتحقق الأمن ويستقر الوطن، مع مراعاة عدم قبول التشكيلات والكيانات بهما، بل أفراد يخضعون بالكامل للنظم وتقاليد الجيش والشرطة الصارمة.

6) إعادة صياغة قانون (العزل السياسي)، حتى يكون عادلاً ومنصفاً، فلا قيام لدولة لا (عدل) فيها.

7) محاولة إيجاد صيغة قانونية للإبقاء على الجسم الشرعي المنتخب (المؤتمر الوطني)، بأعضاء مستقلين والتخلص من التجاذبات السياسية والإستقطابات الحزبية والكيانية داخل أروقته.

إن الوضع جد حرج، وليس ثمة وقت للمحاسبة فيمن تسبب هذا أو فعل ذاك، فدعوا هذه الأمور للعدالة والقضاء.. ومايجب أن يكون شغلنا الشاغل كمواطنين وإعلاميين ومسئولين اليوم؛ هو إنقاذ الوطن من الإنزلاق إلى هاوية صار قاب قوسين أو أدنى منها.

هذا مجرد اجتهاد من مجرد مواطن عاشق لدينه ومحب لوطنه ولجميع شرائح أبناء وطنه بمختلف توجهاتهم وآرائهم وأفكارهم.. وأدعُ الجميع للإسهام في تصويبه وتعديله، عبر المراسلة على البريد الإلكتروني أدناه.. تقبلوا فائق شكري وامتناني، وحفظ الله ليبيا من كل سوء ومكروه.

طبرق في: (02/ 08/ 2013).

muhammad201_2002@hotmail.com

muhammadfsh2002@facebook.com

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً