مع سيادة القانون وإقامة العدل تبدأ (الحرية)..

مع سيادة القانون وإقامة العدل تبدأ (الحرية)..

مع سيادة القانون وإقامة العدل تبدأ (الحرية).. وحيث ينتهي التعصب تبدأ (الديمقراطية)!

حطت بك الطائرة في مطار (أور لي) الدولي بالعاصمة الفرنسية (باريس)، ولم يكن بوسعك أبدًا، ولا في مقدورك أن تتجاهل إعجابك المتزايد؛ بتلك الإنجازات البشرية الهائلة والرائعة التي تمطرك في كل لحظة ولمحة، وأنت تذرع الطرقات والشوارع والميادين.. فالثورة (الصناعية) ومنتجاتها، وثورة تكنولوجيا (الاتصالات) و(المعلوماتية) وتطوراتها المتلاحقة، قد حققتا للبشرية إنجازات خدمية رائعة وعظيمة لا يستطيع أي عاقل أن يجحدها، أو أن يقفز عليها.. غير أنهما في ذات الوقت؛ دفعتا (العالم الغربي) إلى الغطرسة والغرور، وأصيبوا بعقدة (الرجل الأبيض)، وتمعنوا في العنصرية والتطرف، واستغرقهم التعصب حتى توهموا واعتقدوا بأنهم فعلاً من (جنس مميز) أرقى تماما من الأجناس الأخرى.. وهذا النوع من هذا التوجه في التوهم والاعتقاد والتفكير الذي لا يبدو سوياً أبداً، قد أوقعهم في محنة وأزمة حقيقية مع (الآخر) الذي لا يرون فيه خصائص الإنسان الراقي، ولهذا السبب تماماً لا يجدون غضاضة في تدميره، بل وإبادته والاستحواذ على وطنه، ونهب ثرواته وخيراته، لأنهم يرون أنفسهم أحق بهذه الثروات، من مجرد نوع من البشر البدائيين الهمج المتخلفين، لا يجيدون شيء في حياتهم سوى التمتع بمنتجات الغرب والتبعية لهم، والانبهار بهم، والتناحر فيما بينهم! .

أما عالمنا العربي فقد اختلطت عليه الأوراق؛ ويبدو (مغيباً) تماماً عن واقعه وتاريخه في آن؛  فهو لم يتمكن بعد من قراءة واقعه؛ لمعرفته على نحو يؤهله لأن يخطو في الاتجاه الصحيح صوب مستقبله المنشود والواعد..  لأنه عاجز حتى الآن من قراءة ماضيه وفهم تراثه، فهماً صحيحاً وسليماً ومجرداً من التحريف والدس والتشويه، ومن تأويلات النصوص الفقهية المتناقضة مع حقيقة (الاسلام) في صفائه وتألقه وسموه، والتي أفرزتها ضغوط الصراعات السياسية والاجتماعية والعصبية، ومراحل الجمود الفكري والانحسار الثقافي؛ مما أدى إلى اخفاء وتحريف الكثير من (المفاهيم السمحة) كما كانت في زمن النبوة والخلافة الراشدة.

وإذا أضفنا إلى ذلك مُعاناة شعوبنا عبر التاريخ تحت وطأة الصراع الدامي مع (الحروب الصليبية)، و(الحقبة العثمانية) التي اتسمت بالجمود والإنغلاق والتخلف، ثم (الإستعمار العسكري) المباشر لأوطاننا، وما خلفه من  (أنظمة قمعية) أوكل إليها مهمة تنفيذ مخططاته الاستعمارية، الضامنة لبقاء الشعوب العربية غارقة في مستنقعات الجهل والبطالة والفقر والتخلف والجمود، والاستبداد والقمع، والاقصاء والتهميش، والتواكل والسلبية.

إن مخرجات كل ذلك جعلت منا شعوباً عاجزة تماماً عن التوصل عبر حوار جاد وهادف؛ إلى إرادة موحدة تجمعنا من أجل هدف عام ومشترك للنهوض بأوطاننا ومستقبل أمتنا، والاتفاق على آلية عملية تُناسب واقعنا وهويتنا وثقافتنا للتبادل (السلمي للسلطة).. وهذا ما أثبتته التجربة اليوم في أوطاننا التي تحولت إلى ساحات يقتلها التعصب الأعمى، والصراع الدامي على السلطة.. إن الاستفادة من تجارب الآخرين أمر غاية في الأهمية وضرورة حياتية وسنة كونية، غير أن مماهاة هذا الآخر والتقليد الأعمى له حتماً لن يحل مشاكلنا، بل يجعلنا ننزلق إلى متاهة لا نهاية لها من النزاعات والجدل والصراعات.. فلكل مجتمع عاداته وتقاليده وهويته الثقافية والدينية والحضارية الخاصة به والتي لن يكون ألا بها!.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

اترك تعليقاً