تناقضات من أجل الحوار-ودعم تكوين الجيش هو المخرج

تناقضات من أجل الحوار-ودعم تكوين الجيش هو المخرج

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

لقد تنادي اغلبية الليبيين والليبيات وخاصة من المثقفين وعامة الناس بوجوب وجود حوار هادف وشامل يخرج ليبيا من هذه المأساة والضياع. أصبحت ليبيا فعلا دولة فاشلة بمعني الكلمة وهي تسير على طريق الصومال والعراق. جميع مؤسسات الدولة الهشة والتي كانت موجودة قبل الثورة تم تدميرها وأصبحت لا توجد. كانت موجودة وتؤدي في اعمالها وتحقق للمواطن ما يريد من قوته وأمنه وتعليمه وعلاجه. الان تم القضاء عليها نهائياً وخاصة الامن والأمان وقريباً ستكون ليبيا دولة مفلسة رغم ثرواتها الطائلة. نحن لا نقول إن 42 سنة من حكم القذافي أحسن ولكن القذافي دمر ليبيا بمعني الكلمة. تم تدمير عقول الناس وأصبح ليس لديهم حس وطني يجمعهم من أجل ليبيا. اغلبية الناس هذه الأيام لا تفكر الا في مصالحها الشخصية وتغلبت القبلية والجهوية الفاسدة على الوطن وروح الوطنية. سرقة المال العام أصبحت مباحة ومعظم مؤسسات الدولة السابقة تم نهبها وسرقتها سوء اثناء الثورة أو بعدها من قبل الليبيين أنفسهم. أي أن الجميع مشارك في فشل هذه الدولة والتي كان من المفترض أن يكون لها مستقبل زاهر سوء اقتصاديا وعلمياً. حيث نسبة المتحصلين على شهادات جامعية بليبيا من الذكور هو 93% ومن الإناث 83% من فئة الاعمار 30-50 سنة وهذه اعلي نسبة في افريقيا والعالم العربي. لكن هؤلاء المتعلمين شاركوا في تدمير بلادهم الجميلة

تنادي هؤلاء المتعلمين والمثقفين وعامة الناس ومند فترة بإيجاد أرضية للحوار ولكن وجود جماعة التيار الإسلامي من ضمن هذه الفئة وخاصة الاخوان المسلمين، ساهم في عرقلة بداء هذا الحوار. الان وبطريقة غير مريحة وناضجة وغير مبرمجة، بداءة الأمم المتحدة هذا الحوار والذي من المفترض كان بخريف 2012م عندما كشرة المليشيات والمناطق عن انيابها بأنهما هما السبب في نجاح الثورة وهم من سيحكم ليبيا. هذا طبعاً نتيجة بعض الأخطاء من المجلس الانتقالي والمؤتمر وحكومة الكيب وجميعهم كان يسيطر عليهم جماعة الإسلام السياسي.  الأمم المتحدة بداءة في تجميع الفرقاء وتحاول مع الجميع وبمساعدة مبعوثين خاصين من بريطانيا وامريكا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا. هؤلاء جميعهم لديهم اجنداتهم ولهم مخططاتهم ويتشاورون فيها مع بعض ولكن ليس مع الليبيين الا من يروا أنه سيكون ساعدهم الأيمن في حال ما نجحت مخططاتهم. لا يشاركون مخططاتهم مع مندوب ليبيا بالأمم المتحدة ولا مع البرلمان المهزوز ولا مع الحكومة الغير قادرة على تلبية حتى احتياجات اهل برقة من الدقيق والزيت. حوار الأمم المتحدة به عدة تناقضات ومنها:

  1. الاجتماع بأعضاء المؤتمر الوطني المنتهية صلاحياته واعطائهم الوقت لأفشال هذا الحوار واخره اصرارهم بعدم المشاركة الا إذا طبقت طالباتهم وهذه سابقة خطيرة ستعطي للأخرين المجال لفرض ما يريدونه قبل الذهاب للحوار ولهذا الحوار سيكون فاشل. كان من المفروض أن ألا تعطي لهؤلاء الفرصة الكبيرة لفرض ما يريدونه. استعمال العصا والجزرة لا ينفع مع هؤلاء
  2. بطاء وتخاذل مجلس الامن في اعلان ولو أسماء المتسببين في افشال الحوار والعملية السياسية بليبيا، وكان من المفروض اصدار أندار لهؤلاء ولو بطريقة شخصية
  3. ترك المجال لبعض الدول ومنها تركيا وقطر والامارات والسودان ومصر في دعم المليشيات واشعال الحرب الاهلية أكثر داخل ليبيا. كان من المفروض تحدير هذه الدول من قبل الأمم المتحدة ومجلس الامن
  4. عدم مراقبة غسيل الأموال وتهريبها والتي يقوم بها قادة المليشيات وبعض المدن الى تركيا ومالطا وتونس والمغرب وهي أكثر الدول استفادة من غسيل الأموال الليبية
  5. اقصاء بعض النخب الوطنية من عملية الحوار نتيجة ضغوطات من جماعة التيارات الإسلامية والمؤتمر الوطني والمدن المارقة وهذا سيكون كإراثي على مستقبل ومخرجات هذا الحوار حيث عامة الشعب الليبي ضاق دراعاً بمخططات اهذه المجموعات وألاعيبهم وفتنهم

هذه التناقضات من قبل الأمم المتحدة ستجعل من الحوار لا فائدة منه وستكون مخرجاته مقررة قبل أن يكون هناك حوار ولن تجد من يطبقها حيت هي تتناقض مع مطالب عامة الليبيين والمثقفين وبعض من النخب السياسية. لهذا يجب على الأمم المتحدة أن تعيد فيما تقوم به الان ومن يريد الذهاب للحوار ويتحاور من اجل ليبيا فقط هو الأنسب لهذا. كذلك يجب أن يراعي من سيطبق مخرجات هذا الحوار على ارض الواقع حيث من يملكون القوة على الأرض لن يرضوا بأي مخرجات الا ما يملونه على الأمم المتحدة والتي قد انصاعت لهم ونرجو ألا يكون هذا كما أسلفنا.

يجب على المجتمع الدولي ودول الجوار أن تدعم الجيش الليبي وتساهم في تكوينه وتدريبه. خير مثال على ذلك هو الجزائر والتي اخدت أكثر من 10 سنوات للقضاء على الارهابين المسلحين من الجماعات الإسلامية وغير الإسلامية رغم انها تملك جيش مدرب ومنظم بعكس ليبيا والتي ليس بها جيش الى حد الان. لهذا دعم الجيش هو الأنسب للقضاء أولا على الإرهاب تحت غطاء الإسلام وغير الإسلام وثانيا ردع المدن المارقة والتي تحاول فرض نفسها على الليبيين وتريد حكم ليبيا وثالثا حفظ أمن وحدود ليبيا من تسلل الارهابين والهجرة غير الشرعية وتهريب السلع والأموال خارج ليبيا. لن تكون ليبيا دولة ناجحة في ضل غياب الجيش والشرطة وإذا أراد المجتمع الدولي أن يقوم بأي عمل، عليه مساعدة أي حكومة في تكوين جيش قوي ومدرب. كذلك العمل مع الجميع لا نجاح الحوار والتقليص من هذه التناقضات والتي ستؤدي الحوار ا الي لفشل قبل أن يولد. كما يجب أن تمثل جميع المدن في هذه الحوار دون استثناء وعدم إعطاء بعض المدن الاحقية والاغلبية في تمثيلها داخل الحوار.  كذلك لا ننسي الأقليات في ليبيا ودورها في هذا الحوار ومشاركتهم يجب أن تكون قوية وفعالة للمحافظة على استمرارية النسيج الاجتماعي داخل ليبيا. كذلك يجب أن يمثل الليبيين المهجرين سوء داخل أو خارج ليبيا في هذا الحوار واشراكهم في هذه العملية حيث يمثلون أكثر من 30% من الشعب الليبي ولهم الحق مثل غيرهم.

ليبيا قادمة بعون الله

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

اترك تعليقاً