جميعنا نخون بعضنا البعض…….. الي اين سنصل؟

جميعنا نخون بعضنا البعض…….. الي اين سنصل؟

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

لقد صار الكثير من الليبيين والليبيات يفقدون الثقة في كل شيء نتيجة ما يحد ث هذه الايام من صراعات بين جميع النخب والتيارات السياسية المختلفة للوصول للسلطة. انعكس هذا علي الافراد والذين صاروا يطبقون ويعملون ويتعاملون بما تقوم به هذه النخب والتيارات لأجل النيل من بعضهم البعض. التيارات الاسلامية والتيارات السياسية الأخرى والتي الى حد الان ليس لها ايدولوجيات صارت مستهدفه من الجميع . لقد اصبحوا يتأمرون وضد بعضهم البعض لغرض ابعاد ناس معينة وعزلهم سياسيا لأن القاعدة الشعبية معهم وتريدهم. الثورة شارك فيها كل الشعب الليبي والكل ساهم بكل ما يستطيع الا القلة والتي مازالت الى يومنا هذا تؤمن بفكر المقبور وهذا من الصعب الان اجبارهم علي خلع هذه الفكرة من رؤوسهم. لم تنزع فكرة النازية الى اليوم من رؤوس بعض الالمان ومازالت حركة نشطه. ايام الثورة كنا فرحين ونتقاسم كل شيء ولا نخون بعضنا البعض. عندما اقترب يوم التحرير خرجت علينا  بعض التيارات الاسلامية بأطروحات وافكار وبدأت الفتنه مند مقتل اللواء عبدالفتاح يونس. من كان يرأسها ومن كان يدبر لها، الكل يعرف ويعي من وراء هذا كله. لقد اتضح جليا وبعد الانتخابات 7/7/2012 بأن التيارات الاسلامية قد خسرت الانتخابات ولم تقبل بالهزيمة. لقد بدأت تكيل الدسائس واول شيء وبمساعدة المجلس الانتقالي  بتكوين هيئة النزاهة ثم تلها اطروحة قانون العزل السياسي لكل من كان مع نظام المقبور وبدون تحديد. كل هذا يراد به ابعاد اشخاص معينين من ساحة المعركة السياسية. لقد تضررت النخبة السياسية وصار عندهم احباط كامل وتشتت قيادتهم واستولي علي المؤتمر الوطني مجموعة من التيارات الاسلامية وجبهة الانقاذ وتحالفوا لغرض ابعاد القوي الوطنية. نتمنى ان يكون هذا لمصلحة ليبيا والشعب الليبي.

كم يكون الانسان سعيد عندما يقرأ القصص و الكلمات والتي تكتب من ابطال ايام 15-22/02/2011 بمدينة بنغازي وكل مناطق ليبيا وكيف كانت الانتفاضة والتضحيات من اجل هذا الوطن والشعب. هذه الايام فعلا تارت ليبيا بأكملها على المقبور وفعلا كانت هنالك تضحيات كبيرة وكثيرة من ابناء وبنات الشعب الليبي. ويحزن كثيرا عندما يري ما يحدث اليوم في ليبيا وبالذات في بنغازي ومدن اخري. تحزن عندما تري انسان يعذب بحجة انه من منطقة معينة وانه متهم بتهم قالها له من يعذبونه. لقد تأسفت جدا  عندما اتهم الشيخ مصطفي عبدالجليل واتهم اعضاء المكتب التنفيذي واخرين بعدة اتهامات. لو يعلم هؤلاء الابطال والشهداء بما يحاك من قوى الشر وخاصة من مجموعات معينه ، سيوجهون غضبهم اتجاهاهم كما وجهوه ضد كتيبة الفضيل بن عمر وضد كتائب الطاغية في ليبيا كلها. هل من يقين وهل من يقضه وهل من وعي… هذه ليبيا وهذا شعب ليبيا ونقول لهم  وجهوا سلاحكم الي عدوكم وليس لليبيين مرة اخري. فرحنا كثيرا ايامات الثورة وضحي الكثيرون بوقتهم وحياتهم واسرهم من اجل انجاح هذه الثورة. تتأسف عندما تري او تسمع من شخص يقول بأنك سارق المال وان دم الشهداء والجرحى في رقبتك وانك خائن وانه ليس لك أي نوع من الوطنية. تتأسف عن من كانوا قابعين  امام التلفزيون او الكمبيوتر او في بيوتهم والان يخونون في كل من ضحي بكل ما لديه لانجاح هذه الثورة وخاصة في الايام الاولى من هذه الثورة.

لقد صار الجميع يخون في بعضهم البعض واصبحنا نتصارع من اجل ان نصل الى المسؤول ونقول له بأن فلان طحلب او سارق او من قبيلة فلان او من ازلام النظام.  كل ما يأتيك شخص او تتقابل مع شخص ستسمع وابل من الاسماء والاتهامات دون أي أثبات. اذا لم تسمع له، سيذهب الى شخص اخر ويقول له نفس الكلام واخيرا ربما يأتي بأصحابه ومعهم سلاح ويقبضون علي هذا الشخص بحججهم وبكل الاتهامات المصنوعة من خيالهم. الكل يبحت الان عن اخطاء  الاخرين واصبح الجميع  مخبرين ومحققين ولهم الحق في القبض على من يريدونه وضد كل من لا يحبونه او يحقدون عليه او يكرهونه. هذا علي مستوي الافراد ولكن من بدئه, لقد بدئت به التيارات الاسلامية واتهامهم لليبراليين بأنهم علمانيين وساندهم الكثيرون من يحقدون هذه النخب. لقد تفننوا في صنع الفتن واقناع المجلس الانتقالي بإصدار قرارات هم من صاغها وخطط لها. هم من كفر الكثير من النخب السياسية ووصفوهم بالعلمانيين. ما هو الغرض من هذا كله؟

الغرض واضح وليس بالصعب معرفته وهو الوصول والاستحواذ علي السلطة اسوة بالإخوان في مصر والنهضة في تونس حتي يتحقق حلمهم بأنشاء الخلافة السادسة في شمال افريقيا. لقد صوت الشعب الليبي للقوة الوطنية مما زاد ردت فعل هذه التيارات الاسلامية وبقوة واصبحوا يحاولون الدخول من عدة ابواب.  لقد ارسل الشعب الليبي رسالة قوية لهم والى العالم بأنه لا يريد من يتسترون وراء الدين ويستعمل في الاسلام السياسي للوصول للسلطة. كثرة الاغتيالات وكثرة الفتن والتهديدات لنسف وحرق المؤتمر الوطني اذا اعتلي كرسي رئاسة الوزراء أي واحد من الليبراليين. لقد استغلوا ثوار الثورة وحاولوا الزج بهم في هذه المعركة ولكن الثوار الحقيقيون عرفوا هذه اللعبة وانسحبوا. انخرط الكثير منهم في اللجنة الامنية العليا محاولين السيطرة علي زمام الامور ووقفوا ضد تكوين الجيش والشرطة الى يومنا هذا. لا ننسي بأن الكثير من هؤلاء وطنيون ويحبون الخير لليبيا لماذا هذا كله؟

مرة اخري انها السلطة وحب الكرسي ومحاولة التشبث بأن لهم الاولوية في قيادة ليبيا وليس احد اخر. لقد كانت ردة فعل الشارع بالمثل والكثير من الناس  يقومون بفعل اشياء ربما بايعاز من هؤلاء او ربما نسخ لهؤلاء وبما يقمون به من افعال. اصبح كل واحد يخون في الاخر وكل من قام بعمل وطني خلال هذه الثورة، اصبح يخون وتطلق عليه جميع الالفاظ القبيحة والغير اخلاقية. تلصق له الاتهامات بسرقة المال العام واستغلال منصبه. لقد حدث هذا مع اعضاء المكتب التنفيذي وبعدها حكومة الكيب . هذه الخبرات وخاصة المكتب التنفيذي هم من قادوا ومع المجلس الانتقالي ببنغازي وقبل التحرير، مرحلة تحرير ليبيا وهم من ضحوا بوقتهم وجهدهم واموالهم واسرهم من اجل نجاح هذه الثورة. لقد التحقت مجموعه مند شهر مارس وبعضهم جاء بعد شهر يونيو. لم يتقاعسوا ولم يقولوا لا ولم يشترطوا شروط معينة, شيء واحد كان لديهم هو المساهمة والمساعدة في التخلص من نظام المقبور. كل يوم كانوا معرضين انفسهم للقتل ومن هم من المنطقة الغربية لديهم اسرهم في المنطقة الغربية وكان بإمكان المقبور وجيشه عمل ما لا يحمد عقباه . كان الجميع متحدين وكلهم علي خط واحد ولا تسمع احد يقول ان فلان كدا وكانت الشفافية موجودة والامانة وكذلك الحرص علي خدمة الناس. الان اصبح هؤلاء خونه وسراق ومستغلين مناصبهم وهنالك دعوات لمحاكمتهم.  لقد قام بهذا النداء من هم يتسابقون على السلطة ومن يحاولون تطبيق اجندتهم ولا يضعون مصلحة ليبيا فوق مصالحهم الشخصية وهم الان مازالوا يتأمرون علي ليبيا لغرض فرض أيديولوجياتهم على الشعب الليبي والذي قال لهم … لا نريدكم!!!!!

ليبيا للجميع وتسع الجميع ويجب ان نكون مع بعض لنبني ليبيا. الليبيين والليبيات لا يحتاجون من يعلمهم دينهم واذا الشعب صوت لليبراليين او للإسلامين او للتيارات الأخرى، هذا اختيار الشعب ويجب ان نحترمهم ولكن ان نبدأ في الفتن والدسائس والتخوين لغرض ابعاد القوي الوطنية من ساحة ليبيا ومن خلال صنع قوانين الغرض منها خدمة مصلحة معينة واستغلال الدين من اجل هذا حتي يكتسبوا عطف المجتمع. هذا لا يجوز ولا يخدم مصلحة ليبيا ولا يساعد الليبيين والليبيات. كما قلت تحزن عندما تري الشيخ مصطفي عبدالجليل وهو يحاكم والتهم هي استغلال منصبه. اذا سمحنا بهذه المحاكمة، فحتما سيحاكم كل اعضاء المجلس الانتقالي واعضاء المكتب التنفيذي وخاصة من يقولون عنهم علمانيين او ليبراليين. تحزن عندما تري التيارات الاسلامية تستغل في الدين لغرض الوصول للسلطة. تحزن عندما تري الليبراليين لا يسمحون للأخرين بإعطاء ارئاهم وهم مشاركون في صنع الاتهامات ضد التيارات الأخرى. ماذا ستجنى ليبيا من هذا كله؟

ستجني التأخر والفرقة وعدم الاستقرار ونضيع مجهود كل ثوارنا الحقيقيون وشهدائنا الابطال. سنعيش في فوضي عارمة ويكون نتاجها تفرق الليبيين واضاعة اللحمة الوطنية. سنصبح قريبين جدا من حرب اهلية ونضيع عشرات السنين الأخرى، ولتكن لدينا عبرة من لبنان والصومال والجزائر . الاسلام دين الليبيين والليبيات ولا يحتاجون من يعلمهم دينهم. لا وجود بيننا لمن يريد ان يستغل الدين او ايدلوجية معينة لغرض الوصول للسلطة.  كل من قتل او عذب الليبيين والليبيات او سرق المال العام او يحمل فكر المقبور ، يجب ابعاده عن أي منصب قيادي وسيادي في الدولة ولمدة معينة مع التكفل له بأن يعيش في ليبيا ويعامل مثل أي ليبي وله كافة حقوقه. العدالة الانتقالية ستكون من يقرر مصير هؤلاء واذا وصلنا الى مصالحه وطنية وشامله، نستمر في تطبيق العزل كما قلت في السطور السابقة. اللجنة الامنية العليا والكتائب والمليشيات ، يجب ان تحل وينظمون كأفراد للجيش او الشرطة. ثوارنا الحقيقيون نميزهم ونعطيهم ميزات كثيرة وجرحنا نعالجهم ونوفر لهم كل ما يحتاجونه. نبتعد عن تخوين بعضنا البعض وكلنا نعرف بعض ومن هو خائن وسارق ومنافق وكذاب، لن يكون موجود داخل ليبيا الان. نتفاخر بمن قادوا هذه الثورة ونكرمهم ونحترمهم وهم لا يريدون مناصب او شأن اعلي من أي ليبي او ليبية. كل هذا سيتحقق اذا وقفنا يد واحدة ووضعنا مستقبل ليبيا امام اعيننا حتي ينعم اولادنا واحفادنا بخيرات هذا البلد الأمن والذي نحب ان يكون أمن ومستقر ومصان ولا وجود فيه لكل مفتن وجبان ولا يحب الخير لهذا الوطن وهذا الشعب

ليبيا حرة وستبقي حرة بعون الله

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. ناجي بركات

وزير الصحة السابق بحكومة المجلس الوطني الانتقالي.

اترك تعليقاً