حتى كرسي الحكم يباع ويشترى في ليبيا

حتى كرسي الحكم يباع ويشترى في ليبيا

عمر الفيتوري السويحلي

مؤسس أكاديمية القرآن الكريم بطرابلس

فعّال لما يريد.. ولا يُسأل عمّا يفعل.. أليس ذلك هو الله سبحانه وتعالى وحده في عقيدتنا السمّحة وفي قرآننا الكريم؟ وهل نحن فعلاً مخلصين لله؟ ونؤمن ونطبق ما يأمرنا به إيماننا وقرآننا وسُنة رسولنا ﷺ فقط؟ ولا نخشى إلاّ الله في معاملاتنا وبيعنا وشرائنا وفي توزيع الورث بين نساءنا وفي برّ الوالدين وفي رد الحقوق والأمانات وفي قول شهادة الحق ونحفظ ألسنتنا من الغيبة والنميمة؟.

الإجابة على جميع الأسئلة السابقة لا، الإخلاص لله في الدين قد نراه في المسجد فقط ولا يخرج منه، (والله أعلم بالنيات)، فليس في صلاتنا إله آخر نعبده ولا نشرك في صلاتنا مع الله أحد إلاّ أحياناً دنيانا التي نخاف منها ومن غدرها ونطمع في نعيمها، والتي تذهب بخشوعنا بين يدي الله، ولكن ماذا بعد ذلك إلاّ الضلال المبين.

وهنا تظهر الرِّدة وتبتدئ اليو تيرن (U turn) أو الدوران 180- درجة في الإخلاص لله وحده -، وإذ بنا (و لا أعمم) نُشرك مع الله آخر وإذ به يتحكم في أخلاقنا وفي معاملتنا وأرزاقنا وزوجاتنا وذرياتنا ويقرر وحده ببعولته علينا مدى قربنا أو بعدنا من الله، الدينار عندنا هو وحده الذي يحلل لنا ويُحرّم علينا ما يشاء ولا نسأله أبداً عن ما يفعل وإلى أين يأخذ بنا ولا نُعصيه أبداً طمعاً في رضاءه، إنه الدينار الذي أصبح في ليبيا فعّال لما يريد والذي أطاعوه الليبيون حتى أصبح الحلال ما أحلّه هو بين أيديهم من دنانير والحرام ما حرّمه هو عليهم، ومن فضل الدينار عليهم أنهم به ينجحون في تحصيل الحق والباطل وبه تُفتح الأبواب وبه ترتفع وتنخفض الأختام وبه تزين التوقيعات ويا صديقي سوف تعجز في ليبيا عن قضاء مصلحة لك إذا لم تسطحبه معك وتتوكل عليه وبدونه سوف تُسأل ألف سؤال وتنام تحلم بالعدل وتستيقظ على الظلم، يا صديقي أن في ليبيا يلتقي المستحيل والممكن في نقطة واحدة والفرق بينهما الدينار .

الدينار الآن يحكم في مصائرنا وأقدارنا وحرياتنا.. وفي كل مكان إذا ابتسمت له يبتسم لك وإذا أهملته ذهب عنك وأخذ حقك معه.. ولعل ملجأ وأمل الظالمين بالعدل أصبح صالة للمزاد لمن يدفع أعلى سعراً من الخصوم.

كل شيء في ليبيا يُباع ويشترى حتى كرسي الحكم وهناك شبهة كبيرة في تقرير الأمم المتحدة (منعت نشره أمريكا) يشير إلى أن كراسي الحكم قد بيعت بالمزاد العلني في صالة الأمم المتحدة في جنيف، وتقرير آخر أن الذي مكّن مشير بنغازي من حكمها هو هذه المرة الدرهم الإماراتي الشقيق الأكبر والأقوى لدينارنا.

رحم الله نزار قباني إذ قال: (أيها الناس لقد أصبحت سلطاناً عليكم فاكسروا أصنامكم بعد ضلال وأعبدوني) انتهى قول نزار قباني وأضيف: فإني أرى أينما أذهب أن الذي يحدثني (على لسان نزار قباني) هو الدينار وأرى الليبيين ولا أعمم قد عبدوه حق عبادته.

قال رسول الله ﷺ: “تعس عبد الدينار والدرهم”.. ألا ترون أن رسول الله ﷺ قد صدق ظنّه فينا؟.

عبدنا الدينار فإذ بالتعاسة تحل بنا في كل مكان في بيوتنا وطرقاتنا وعملنا وفي صدورنا.. نحن بحق التعساء أينما نذهب ونَحل تحل التعاسة معنا.

عودوا إلى الله وحاربوا النهب والرشوة والسرقة وأكل أموال الناس بغير حق و حاربوا الظلم والولاية عن الناس بغير رضاهم.

فتبينوا.. هذا والله تعالى أعلم.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

عمر الفيتوري السويحلي

مؤسس أكاديمية القرآن الكريم بطرابلس

اترك تعليقاً