دور مؤسسات المجتمع في التنمية (ليبيا نموذج)

دور مؤسسات المجتمع في التنمية (ليبيا نموذج)

محمد درميش

مستشار تطوير تنظيمي وباحث في الشأن الليبي

إن من أهداف التنمية هو تجاوز المفهوم التقليدي لإدارة الأعمال الذي يقوم على الخدمات الجزئية إلى إدارة للتنمية تهتم بالتغيير والتجديد والتطوير وحسن استخدام الموارد والإمكانيات بما يواكب التطورات العالمية والمحلية وفق اطار عام متكامل ومتناسق يؤمن تحقيق الكفاءة والفاعلية والكفايه في الاداء .
ومن الملاحظ في كثير من المنظمات الحديثة تفشل الادارة في تحقيق الغايات المستهدفة ولاتستطيع الوصول الى الاهداف المنشودة بالرغم من توفر الامكانيات والموارد المادية والبشرية والتأييد والدعم التي تحصل عليها من المجتمع . و من المعروف ان الادارة الحديثة هي عماد التقدم الاقتصادي والاجتماعي والحضاري في عالمنا المعاصر ولم يعد العقل البشري في عالم اليوم يقبل الجدل او النقاش حول ماهية الادارة واهميتها وضرورة الاخذ بمفاهيمها واساليبها المتطورة كأسلوب لتنظيم الانشطة الانسانية في مختلف مجالات الحياة . ان الادارة هي الوظيفة الاجتماعية ذات الثاتير على حركة المجتمع في مجالات الاقتصاد والانتاج والسياسة والثقافة وشئون الرفاهية العامة التي تشهد به كافة المجتمعات المعاصرة على اختلاف بنائها السياسي وانظمتها الاقتصادية . فبعد ما كان دور الدولة يقتصر على ما يسمى بالدولة الحارسة والتي تقوم فيه بتأمين خدمات الامن والدفاع والقضاء اخذت الدولة الان على عاتقها مسئولية تحقيق اهداف التنمية . وبقدر ما احدثه الدور الجديد للدولة من ضرورة السعي نحو توفر الموارد اللازمة لتمكينها من القيام بذلك الدور فان التساؤل الذي اصبح اكثر إلحاحا ً هو البحث عن الوسائل والطرق الكفيلة بترشيد استخدام وتخصيص هذه الموارد بطريقة تعكس الوصول الى الكفاية في الاستخدام وتحقيق الرقي في الاداء ومن المعروف عن التنمية البشرية التي تعتبر جزء لا يتجزء من التنمية التي تعرف بانها مجموعة من المكونات , والمضامين تتداخل وتتفاعل في عملياتها ونتائجها فهي استثمار الموارد والمدخلات والانشطة الاقتصادية التي تولد الثروة والانتاج لتنمية قدرات الانسان . وبما ان مجالات التنمية البشرية واسعة وتحتاج الى قاعدة بيانات ومعلومات وتخطيط منظم ومبرمج ( تخطيط اجتماعي – تخطيط تربوي وتعليمي – تخطيط اقتصادي – تخطيط مالي – تخطيط موارد بشرية – تخطيط عمراني …. الخ ) فعلى سبيل المثال لو اخذنا ليبيا نموذجا ً فان من اهم خصائها :-
موقع جغرافي في قلب العالم .
ساحل على البحر يبلغ طوله 1900 كم.
امكانيات سياحية وتاريخية ضخمة.
كوادر فنية مؤهلة من العنصر البشري في مختلف والتخصصات .
موارد طبيعية هائلة .
مساحة جغرافية كبيرة.
احتياطي كبير من النفط 74 مليار برميل .
احتياطي كبير من الغاز بلع 177 ترليون قدم مكعب .
رصيد من الذهب في مصرف ليبيا المركزي 116 طن.
رصيد من العملات الصعبة يتجاوز 60 مليار.
مؤسسات استثمارية وشركات عامة متنوعة .
المؤسسة الليبية للاستثمار ( المؤسسات التابعة لها ).
صندوق الانماء الاقتصادي والاجتماعي ( والمؤسسات التابعة لها).
صندوق الجهاد.
شركة الاستثمار الوطني .
صندوق الضمان الاجتماعي .
صندوق التضامن الاجتماعي.
هيئة الاوقاف وشؤون الزكاة.
جمعية الدعوة الاسلامية .
مصرف ليبيا المركزي ومساهمته الخارجية في بنوك المالية ( البنك الاسلامي للتنمية ــ المؤسسة العربية المصرفية …. الخ).
المصارف التجارية تقدر بأكثر من 20 مصرف في مختلف التخصصات.
شركات تأمين تقدر بأكثر من 15 مؤسسة …. الخ.
بالرغم إن ليبيا تتميز بعدة مميزات لا توجد في العديد من الدول كل هذه الميزات تساعد على تعظيم الموارد وتنوع مصادر الدخل القومي والناتج الاجمالي المحلى لو تم استغلال هذه الموارد.

مما سبق نلاحظ ان ما يتميز به الاقتصاد الليبي هو وفرت الموارد ( الطبيعية – المالية – البشرية ) ومع كل هذا يوجد تشوهات في الاقتصاد الليبي منذو عشرات السنين وهي :
ازمة الاسكان
انفاض في فرص العمل .
( وهذا راجع الى عددت اسباب كما ذكرنا في مقالات سابقة ) .
انخفاض مستوى دخل الفرد . بالاضافة الى بعض المشاكل الان (شح السيولة وانخفاض قيمة الدينار امام العملات الاخرى وغلاء الاسعار وتدني مستوى الخدمات العامة وسوء التوزيع وانخفاض جودة السلع المورده هذا كله زاد من حدة التشوهات في الاقتصاد الليبي ( وهذا راجع الى سوء ادارة الموارد واستغلالها وهو جوهر هذا المقال ) ومن المعروف عن ليبيا التي يوجد بها ما يقارب من خمسين مؤسسة مالية كذلك مؤسسات تأمين وشركات نفطية وشركات ذات طابع خدمي نقل بحري – مواني – اتصالات – مواصلات …… الخ التي تمتلك القدرة والمركز المالي القوي .

السؤال المطروح ؟؟ ما مدى مساهمة مؤسسات المجتمع الليبي في التنمية وخاصة في التنمية البشرية :
رفع مستوى دخل الفرد .
المساهمة في فتح فرص عمل جديدة .
المساهمة في تخفيف ازمة الاسكان .
المساهمة في صقل ورفع مستوى اداء العنصر البشري (التعليم-التدريب-الصحة).

عليه ومن هذا المنطلق نرى على كل من المجلس الرئاسي ومصرف ليبيا المركزي اتخاذ الإجراءات الآتية :-

أولا المجلس الرئاسي :-

1-الابتعاد عن سياسة الانكماش وفرض الضرائب وفتح أفق جديدة لتنوع مصادر الدخل القومي.

2- القضاء على الاحتكار وإدماج الاقتصاد الوطني مع الاقتصاد العالمي بأسلوب علمي منظم وفق معايير واضحة ومحددة ومدروسة.

3-الاهتمام بالقطاع الخاص وتوفير له المناخ المناسب والبيئة المناسبة للعمل .

4-العمل على فتح وتفعيل سوق الأوراق المالية وفق المعايير الدولية بالإضافة إلى تحرير التجارة وفتح السوق الليبي لقوى العرض والطلب مع التركيز على الجودة وأفضل السعار مع بقاء دور الدولة الرقابي وحماية المستهلك.

5- إلغاء القرارات العشوائية التي تخدم مصالح السوق السوداء والسماسرة وسحب كل القرارات المتعلقة بفرض ضريبة على الواردات والإبقاء على التعريفية الجمركية المعمول بها في قانون الجمارك الليبي مع فرض ضرائب على الدخل من هامش الربح لما لها من دور وفائدة على المجتمع ككل والقضاء على التضخم وتكون موزعه كما يلي ( هامش الربح من المليون فما فوق 20بالمية من خمسة مليون فما فوق تكون 40 بالمية ومن العشرة مليون فما فوق تكون 50بالمية الخ ).

6- متابعة كافة المؤسسات والشركات والمشروعات الاستثمارية في الداخل والخارج والإفصاح عن حسابات الإرباح والخسائر لكل ثلاث أشهر لهذه الاستثمارات .

7 – تفعيل المعاهدات الإقليمية والدولية بما لها من دور في تنوع مصادر الدخل القومي والرفع من مستوى كفاءة الأداء واستغلال الموارد .

8- إعادة هيكلة القطاع العام وهيكلة العمالة وفق أصول الإدارة والتنظيم ووضع الشخص المناسب في المكان المناسب .

9- الاهتمام بالاستثمار في البشر(التعليم والتطوير والتدريب المهني والتنمية الإدارية الخ). ثانيا

البنك المركزي :-

1- سحب وإلغاء الإصدارات القديمة من العملة الإصدار السابع ومادون لفئة العشرة دينار والخمسة دينار ومادون وكذلك سحب وإلغاء فئة العشرين والخمسين كلها .

2- المحافظة على استقرار سعر صرف الدينار مقابل الدولار وفق المعايير الدولية ومقومات الدولة الليبية .

3-فتح الاعتمادات بصورة منتظمة طول السنة وإعطاء الأولوية للسلع الضرورية.

4 – ضرورة وضع برامج عملية وعلمية مدروسة لحل مشكلة شح السيولة ومعاناة المواطن في إسراع وقت ممكن .

5- تطوير القطاع المصرفي العام والخاص بما يواكب الحداثة والمرحلة الراهنة وإعادة النظر في القيادات الحالية.

6- تشجيع الإفراد ورجال الإعمال والتجار الخ على فتح حسابات بالعملة الصعبة مع أعطى حوافز تشجعيه للتاجر ورجال الإعمال والإفراد الخ لمن يكون عنده مبالغ من العملة الصعبة بتسهيلات مصرفيه ضعف مايودع في حالة ثبت وجودها لمدة زمنية لأتقل عن ثلاث أشهر في الحساب .

7- السماح للمصارف العالمية ذات المركز المالي القوي وذات السمعة الحسنة بالعمل في البيئة الليبية وتخفيف القيود على العمل المصرفي مع بقاء دور البنك المركزي الرقابي .

8- توفير كروت الفيزا المحلية والدولية باستخدام الرقم الوطني وإعطاء سقف شهري وسنوي مناسب للسحب وكذلك التحويل الشخصي (الوستر يونيون والموني قرام) .

9- يجب إن يكون البنك المركزي حاضرا دائما ومراقبة المتغيرات والتكيف مع كل الإحداث والتعامل معها وفق أصول إدارة الأموال بما يخدم المصلحة العامة للمجتمع الليبي .

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

محمد درميش

مستشار تطوير تنظيمي وباحث في الشأن الليبي

اترك تعليقاً