سيدى العزيز بابا الفاتيكان  انا طفلة من ليبيا وتحديدا من مدينة بنغازى اكتب هذه الرسالة اليك بعد ان أهنئك بالأعياد المجيدة وأقرئك السلام الذى وهب عيسى له نفسه وما انفك محمد عليه الصلاة والسلام منذ ان ابصر النور سعيا له حتى خلف ظلال السيوف وفى مواكب الشهداء.

أبعث اليك برسالة من طفل ليبي مشرد من خيام النازحين ومن قاعات المدارس  التى استوعبت بقايا ما نجا من ملابسه وكتبه ولكنها لم تستوعب بثه وحزنه وهمه وغربته وألمه وأوجاعه وحسرته وعبرات وصوت بكائه وشوقه لبيته وفراشه الوديع  وأحلامه التى تركها مجبرا ورغم انفه فهو بحاجة لعناية ودواء وغذاء وقلب رحيم يخفف معانته وابتسامة دافئة لعلها تعطيه أمل فى الحياة. أعذرونى لو سببت لكم أى الم  ولكنى قد ذرفت منى الدموع قبل أن تلامس أناملى حروف الكلم

عذرا سيدى البابا انا لا اريد ان اصادر انسانيتك التى انشغلت كثيرا بصراعات البشر أستسمحك و عذرا لا أريد أن أشق عليك او أنتهك حرية أحد و أصادر حق أخر ولا أريد كتابة مقال ولست عاكفة لكتابة وجهة نظر وبالتالى لست بحاجة الى مقدمات و مؤخرات ولا كنايات أو محسنات لغوية و فموضوعى أنسانى بحت وطارئ وهذا راجع لأحوال وظروف اخوتى وأصدقائى من الأطفال  الذى حرموا  حقهم فى العيش بسلام و منعوا حرية الحركة فى هذا الكون الرحب الفسيح الواسع ,وحرموا من حقهم حتى فى المأوى والغذاء  والتعليم والعيش فى أمان منذ اربعة أعوام.

, هذه هى معاناة أطفال ليبيا  الذين  اضحوا بلا مأوى وبلا عنوان يسكنون رحاب الأرض يلتحفون الأرض فراشا وسقاف بيوتهم  السماء بعد ربيع موعود وزع فيه الموت والدمار على الأطفال وهدمت فيه صوامع المساجد والمعابد هجرت فيه العائلات ونزحت الى مصائر مجهولة وتركت خلفها المدن والأشباح انها حكاية مزمنة وطويلة كلها حزن ودموع وآلم ,  لا أخفى عليكم حتى صديقتى التى لا أكاد أعرف أسمها ولكنها مثلى لا تملك عنوان ولا مكان, اضحى جميعنا يسكن الغربة ويسافر فى الزمان  ولكننا اصبحنا جميعا سواء  نعرف المعانة وكيف  تقشعر الأبدان وترقص الأحزان لها  وننام ليلا على عويل الثكلى خلف شوارع الموت وتعلمنا   كيف يخنق الوجع حناجرنا فيستجيب  البكاء.

لا دواء ولا ماء ولا غذاء ولا مدارس فالمدارس تحولت الى خيام لاجئين من هنا وهناك والجميع هنا يتجشم العناء ويتحلى الصبر والعفة والإباء وميلشيات تزمجر تقتل وتخطف تسلب وتنهب وتحول الليل الى كابوس مرعب وإحساس بالضياع يكبت كما يكبت الشوق والحنين الى الديار .

سيدى البابا نحن أطفال صغار لا نستطيع مقاومة ميكروب صغير يحمل الأمراض فكيف بربك نقاوم مجرمون وقطاع رؤؤس ومليشيات مسلحة اقتحمت البيوت الآمنة  حطمت العابنا و سرقت برئة طفولتنا وحتى أحلامنا تركتنا بدون مأوى ولا دواء ولا غذاء وليل طويل موجع من ليالى شتاء ديسمبر حينها انتم تحتفلون بأعياد الميلاد المجيدة ويوزع بابا نويل الهدايا على الأطفال فأنى ابعث لك بهذه الرسالة بأسمى وأسم أطفال بنغازى على أجد هدية لى ولأصدقائى الأطفال عندك أو على الأقل أجد جواب لأن مفتى الديار التزم الصمت  منذ يوم استباحت المليشيات المجرمة طفولتى وما زال.

ومن هنا أنى أدعوا الإنسانية المتمثلة فيكم وفى مؤسستكم العريقة وأحيل صورة من خطابى هذا الى منظمات اخرى  وعقول خبيرة ولجان منبثقة نامية وسامية وأمم متحدة أستحلفكم بابتسامة كل طفل قد سرقت فى بلدى وأتوجه اليكم بالنداء وأناشدكم بأسفار أنجيل المسيحية وعطف وشفقة المسيح , وإقرائكم سلام الإسلام الحنفى  وأستحلفكم بالقران وأناديكم بكل الأديان وعدل الإله أن تنقذوا أصدقائى من الأطفال لأنهم ضعفاء فهم لم يكتبوا مقال ولم يرفعوا سلاح ولم يحرضوا على ذلك , لقد حطمت بيوتهم وقراهم وأحلامهم  وقتل إبائهم ودمرت العابهم وسحنت الميلشيات المجرمة أحبائهم وسرقت الابتسامة من شفاههم فما عادوا يبتسمون فلا تنور ولا رغيف ساخن يعيد الابتسامة اليهم فلم يعد سوى النزوح والرحيل والعناء

سيدى البابا تحية لك من قلبي ومن قلب كل طفل ليبيى مشرد ودامت أعيادكم المجيدة.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.