رفع الدعم عن الوقود.. السلبيات والإيجابيات والإجراءات الممكنة

رفع الدعم عن الوقود.. السلبيات والإيجابيات والإجراءات الممكنة

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

إن مسألة رفع الدعم عن الوقود قديمة ومتجددة فقد أثيرت كثيرا منذ عقود، ولا زالت مستمرة معنا حتى الآن، ونظرا لحساسية الأمر كونه يمس المواطن مباشرة، وفي عدم وجود بدائل حقيقية للمعالجة فقد أحجمت الحكومات المتعاقبة على ذلك حتى الآن، ولا يخفى على أحد مقدار التشوه الذي ينشئه ذلك الدعم على الاقتصاد الليبي، تحاول حكومة الوفاق اتخاذ إجراءات اقتصادية ومالية لمعالجة الوضع الاقتصادي والمالي لليبيا نتيجة ما يعانيه من انهيار وتدهور انعكس بظلاله القاتمة على معيشة الشعب الليبي كافة، وأحدث تشوّهات مالية واقتصادية كبيرة، ليس أقلها شح السيولة النقدية لدى المصارف وغلاء الأسعار وتدني قيمة الدينار أمام العملات الأجنبية.

ومساهمة في تبيان بعض الأمور المتعلقة بحكاية الدعم وما أدراك ما الدعم رأيت أن اضع أمام الجميع والمهتمين تحديدا بعض الملاحظات والمعلومات التي حاولت من خلالها توضيح وكشف بعض الملابسات المتعلقة بالموضوع لتبيان حقيقة موضوع رفع الدعم وليكن الليبيون على دراية بذلك رأيت أن أوضح الأمور ذات العلاقة بكل بساطة ليعرف الليبيون ما لهم وما عليهم وما هو تأثير رفع الدعم عن الوقود عليهم وعلى قدراتهم المالية، ولكي نستوضح كل ذلك علينا أن نلم بما يلي:

أولا: ما هو الدعم للوقود “المحروقات” وكم من الأموال تخصص لذلك وكيف؟!

يقصد بدعم “المحروقات” الأموال التي تتحملها الدولة وتدفعها من الخزينة العامة لتغطية تكاليف الفرق في سعر المحروقات والتي تشمل الوقود ومشتقات الزيوت النفطية والتي تُشكل الفرق بين تكلفة تلك المحروقات فعليا “واصلة إلى ليبيا” وبين ما تباع به داخل ليبيا للمستهلكين، وكما هو معلوم فإن سعر لتر البنزين مثلا الآن هو 150 درهما في حين سعرها وفقا للتكلفة الفعلية يتجاوز 1000 درهم، ما يعني أن الدولة تتحمل دفع ما يساوي 850 درهم عن كل لتر بنزين تباع داخل ليبيا.

أما حجم الأموال التي تم تخصيصها لدعم المحروقات في سنة 2017م مثلا، فقد بلغت وفقا لتقرير ديوان المحاسبة عن سنة 2017م حوالي 4.2 مليار دينار ليبي ما يعادل تقريبا 3 مليار دولار أمريكي، وقد تم تسييل وصرف هذا المبلغ كاملا.

ثانيا: ما هي الآثار السلبية التي تنتج عن رفع الدعم عن الوقود والتي تمس مباشرة المواطن البسيط؟!

سيتأثر المواطن مباشرة بعملية رفع الدعم في بعض النواحي ومنها:

  • ارتفاع أسعار أجرة النقل سواء للأفراد أو البضائع
  • ارتفاع اسعار البضائع تأثرا بزيادة أجرة نقلها ويختلف ذلك حسب المسافات
  • عدم قدرة ذوي الدخل المحدود الذين يعتمدون على تنقلهم بسياراتهم الخاصة من تحمل تكاليف شراء الوقود المرتفعة

ثالثا: ما هي الآثار الإيجابية التي يمكن أن تحصل نتيجة رفع الدعم؟!

إن رفع الدعم سيعود على الدولة الليبية إجمالا بحزمة من الفوائد الاقتصادية المعتبرة وتتمثل فيما يلي:

  • توفير مبالغ مالية معتبرة من العملة الصعبة كانت تدفع مقابل الدعم للوقود ومشتقاتها
  • توفير في حجم استهلاك المحروقات بعد رفع الدعم في الحدود الاقتصادية الطبيعية وفقا للحاجات الفعلية للاستهلاك
  • إنهاء ظاهرة تهريب الوقود مما يساهم في استقرار ووفرة المعروض وتفادي احتمالات النقص وما يترتب عنها من ازدحام وطوابير وتعطيل للأعمال المختلفة
  • تخفيف الضغط على الطرقات بصورة غير مباشرة كنتيجة لتقليل الناس من استعمال السيارة ما يؤدي بدوره إلى تخفيف حدة الازدحام في المدن الكبيرة
  • المساهمة بصورة غير مباشرة في التقليل من حوادث السير ناتجة عن انخفاض معدلات سير المركبات في الطرق وكذلك التزام السائقين بسرعات محددة وغير عالية لضغط معدلات صرف الوقود الناتجة عن السرعات العالية
  • استخدام الأموال الموفرة لدعم البنية التحتية في البلد وخاصة في قطاع المواصلات من حيث توفير وسائل النقل العامة وكذلك استكمال الطرق الحديدية وصيانة وإنشاء الطرق البرية

رابعا: ما هي الخطوات أو الإجراءات التي يجب أن تُتبع قبل وأثناء عملية رفع الدعم عن الوقود ومشتقاتها؟!

إجراءات فورية قبل تنفيذ قرار رفع الدعم بمدة كافية

  • منح بطاقات مالية إلكترونية للمواطنين تحتوي على مقابل مالي لمخصصات كل مواطن ليبي من دعم الوقود شهريا أو سنويا
  • تزويد كل محطات الوقود بخدمات البطاقات المالية الإلكترونية المخصصة لغرض شراء الوقود
  • إقرار تسعيرة موحدة لأجرة النقل الشخصي للركاب في كل مدينة لسيارات التاكسي، وكذلك للمسافرين بين المدن المختلفة داخل ليبيا
  • إقرار تسعيرة موحدة من قبل وزارة الاقتصاد للسلع والبضائع المختلفة على أن تؤخذ في الاعتبار تكاليف النقل تأثرا بزيادة سعر المحروقات المستخدمة في وسائل النقل

إجراءات مصاحبة لتنفيذ القرار ومستمرة

  • تفعيل وسائل النقل العام من خلال التوفير التدريجي للحافلات العامة داخل المدن وخارجها
  • وضع مكاتب مختصة لمتابعة ومراجعة عمليات شحن البطاقات المالية الإلكترونية المعدة في كل المدن والمناطق
  • إعادة تنظيم قطاع النقل الخاص سواء للركاب أو البضائع تدريجيا وفق مواصفات محددة
  • تسهيل إجراءات الحصول على السيارات المعدة لنقل الركاب أو البضائع وفق المواصفات المعتمدة تشجيعا لمزاولي المهنة

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

التعليقات: 1

  • عبدالحق عبدالجبار

    اخي الدكتور عبيد الرقيق المحترم بعد السلام عليكم ورحمة الله وبركاته …. مقالة ممتازة ولكن لي نقطتين زيادة اولاً لتفعيل جهاز كامل للعمل علي هذه المنظومة يحتاج معاشات و مباني ثانياً العمالة الأجنبية سوف تتطالب بزيادة الراتب ان كان مدفوع بالعملة الصعبة او يقومون بتحويله للعملة الصعبه … ومع هذا وذاك حتي في الدول المتقدمة … لم يستطيعوا التخلص من الغش والتزوير فمابالك في ليبيا إللي حميها حرميها … وهل سوف يصرف المبلغ الذي سوف تقوم الحكومة بتوفيره علي البلاد والعباد والا سوف ……. ينتهي في نوافذ البنك المركزي
    انا اعتقد ان المشكلة ليست في الدعم وإنما المشكلة في الليبيين من حكام الي المواطنين … علينا ان نعترف بان لا وجود لا لأخلاق ولا دين ولا خوف من الله ولا حب للوطن وهذه الحقيقة اخي العزيز …. اليوم بنزين وامس كان الذهب لمصر و امس واليوم الاعتمادات والحاويات الفارغة او ……مع فائق الاحترام

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً