زيارة زيدان للجزائر والجيران خطوة في الاتجاه الصحيح

زيارة زيدان للجزائر والجيران خطوة في الاتجاه الصحيح

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

إن الذين تقودهم عواطفهم لا عقولهم قد يرون الأشياء من زوايا قاصرة لا تحسب للعواقب حساب, ولهذا ونحن في خضم التغيير تعالت بعض الأصوات من هنا وهناك وطالبت باتخاذ خطوات أو قرارات “حاسمة”!! تجاه الدول التي لم تتعاون مع الانتفاضة الليبية تعاونا تاما كما يريدون! وكأنهم يمتلكون من وسائل القوة ما يستطيعون به ردع العالم! أولئك السطحيون المنغلقون يجهلون مآلات الأمور ندعوهم للتفكير المتعمق ولو لحظات قبل التصريح بالأشياء أو الخوض فيها. وعليهم ان يدركوا ان الدول الناجحة هي التي تسعى لتأمين حدودها من خلال توثيق علاقاتها بجيرانها واحتواء اي صورة من صور التوتر معهم بالطرق الدبلوماسية والنفس الطويل.

نحمد الله أن الساسة الليبيون الذين يديرون دواليب العملية السياسية الآن, هم على قدر من المسئولية والحمل الثقيل الملقى على عواتقهم, لذلك لم يلتفتوا إلى تلك الأصوات المبحوحة التي حاولت وتحاول تكرارا ومرارا التأثير في صناع القرار من خلال استعمال الكثير من الأساليب التي يرقى بعضها حد التخويف والترهيب ناهيك عن التخوين والتشكيك, راكبين موجة الثوار تارة, وموجة الوطنيين تارة أخرى! انهم يجهلون حقيقة ان الثورة والوطن وجهان لعملة واحدة لذلك لا يمكن أبدا أن تخذل الثورة الوطن وهي الحامية له, ولا الوطن الثورة وهي حاضنة لها.

في هذه المرحلة المفصلية من تاريخ ليبيا, تأتي زيارة السيد رئيس الحكومة للجزائر الشقيقة ودول الجوار النيجر وتشاد ثم السودان, خطوة على الطريق الصحيح ومؤشر ايجابي على تعافي الدولة الليبية سياسيا, بعد فترة من المخاض العسير والحراك المتموَج الذي أفرزته مرحلة ما بعد سقوط نظام ألقذافي, نعم كان لزاما بالمفهوم السياسي والوطني أن تزال مظاهر التوتر بين ليبيا وجيرانها وبأسرع وقت ممكن لأن مقدار الأثر على دولة وليدة بعد انتفاضة مسلحة ولازالت في مهدها, اكبر واخطر على دول قائمة وراسخة , بمعنى أن حاجة ليبيا إلى تأمين حدودها واستقرار علاقاتها مع الجيران أكثر إلحاحا منهم جميعا بالنظر إلى طبيعة الموقف وهشاشة الوضع الأمني تحديدا.

اذا بهذه الزيارة تخطو حكومة زيدان خطوات أساسية على الطريق الصحيح, يؤمل منها تحقيق مكاسب سياسية كبيرة للشعب الليبي, فلا ينبغي التسرع واستعجال النتائج بقدر ما ينبغي الاستمرار في ترسيخ علاقاتنا مع جيراننا وتحقيق آلية توافق ثنائي, يضمن للطرفين الاستمرار في دعم مثل هذه المبادرات وصولا إلى اتفاقات حبَية جدَية تحقق المصالح المشتركة للطرفين. إن العلاقات بين الدول والشعوب لا يمكن اختزالها في قضايا معينة مثل تسليم مطلوبين لهذا الطرف أو ذاك ولكنها علاقات مصيرية يحكمها الجوار وينبغي المحافظة عليها حتى لا يتزعزع السلم والأمن الإقليمي, إن السعي الى خلق تفاهمات إقليمية ولو مرحلية ستؤدي بالنتيجة إلى مراعاة مصالح الطرفين دون المساس بثوابت حسن الجوار الذي هو مطلب الجميع عرفا ودينا.

لاشك إن زيارة السيد زيدان للجزائر وباقي دول الجوار مثل النيجر وتشاد والسودان جاءت في وقتها, وتتطلبها المرحلة والمصلحة الوطنية لذا ينبغي مباركتها ودعم جهود الحكومة في مثل هكذا خطوات سواء من المؤتمر الوطني العام أو من مؤسسات المجتمع المدني دفعا لمسيرة امن واستقرار ليبيا , وتوطئة لمرحلة جديدة من إعادة الاعمار والبناء التي يترقبها الليبيون جميعا وينتظرون نتائجها بشغف وأمل كبيرين!

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً