زيدان و بوسهمين وحفتر..إمبراطورية الوهم!!

زيدان و بوسهمين وحفتر..إمبراطورية الوهم!!

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

سبحان الله العظيم حين تعمى القلوب والعقول تتغير رؤية العين فيصبح شعاع النور المنعكس على الأشياء مجرد خيط وهم من أوهام الساسة وأضغاث أحلام مبعثرة كالكابوس في ليلة تمتد بطول الأفق الذي يدفع الفجر مبتعدا إلى مسافات لا تدركها العين!! تلك والله حال السادة زيدان وبوسهمين وحفتر!. ففي حين وجد كل من زيدان وابوسهمين نفسيهما في موقعين رسميين كبيرين يجد حفتر نفسه في موقع شرفي كبير ايضا . لكنهم جميعا وان اختلقوا في بعض الرؤى فهم متفقون في اثنتين الاولى محاولة تقديم خدمة لليبيا والثانية الوهم الذي يجعلهم لا يرون الأشياء على حقيقتها حيث تبدو لهم مختلفة تماما عن ما هو كائن وحقيقي.

يتخيل كل من هذا الثلاثي انه يعيش في إمبراطورية راسخة يتسيَدها ويمتلك ناصية أمورها دون غيره, فكل منهم يعيش حالة وهم غريبة حين يظن أن ليبيا لا يمكن لها الوصول إلى بر الأمان الا من خلاله, لذلك وهم يرسمون حدود إمبراطورياتهم يتجاهلون ان ليبيا واحدة ويتناسون أنهم يعيشون على أرضها معا!! هذا الثلاثي وربما غيره قد يتخيل انه الأكثر حرصا على ليبيا وأكثر علما وحنكة بإدارة أزمتها, لهذا لا يقبلون بحالة حوار تفضي الى مشاركة آخرين معهم وهنا يتسرب الوهم الزائف فيشكل حواجز وهمية بينه وبين الآخرين مما يقفل الطريق تماما على رؤيتهم ويذهب بهم الشطط التائه بعيدا حتى يجعلهم يخوَنون بعضهم والآخر ويتهمونه بما لا يليق دون دلائل وبراهين!

تلك الأوهام التي يعيشونها جعلتهم يحسَون بأنهم قادرون على قيادة ليبيا لكن بدون شعب! فهل يدفعهم الوهم الى تخيَل شعب افتراضي يقودونه؟! وانه راض بهم وممتثل لأوامرهم فتتشكل في أذهانهم هالة من الوهم الامبراطوري تجعلهم يتصورون ان لديهم جيشا جرارا بألويته وكتائبه المجحفلة ومن ثم القدرة على الحسم في ساعة الصفر! وإنهم بناء على ذلك يستطيعون ضبط الأمور وقيادة البلد بمجرد اصدار البيانات والمراسيم لمن يستجيبون لهم في لمح البصر!.. ترى أليس هذا ما يجعل السيد بوسهمين مقتنعا بأنه الرئيس الأعلى للجيش الليبي! لكن بدون جيش!؟ واليس هذا ما يجعل السيد زيدان مقتنعا بأنه رئيس وزراء ليبيا!؟ لكن بدون مقومات الوزارة على الأرض وبدون سلطة تنفيذ؟! وما يجعل السيد حفتر مقتنعا بأنه لا يزال مسئولا عسكريا بحكم رتبته العسكرية وان له احتراما بين أفراد وضباط ذلك الجيش! لكن بدون وجود جيش؟!

في واقع الحال وحقيقة الأمر, السيد بوسهمين ليس مجرد رئيسا شرفيا للمؤتمر الوطني العام!.. لان من يؤيده ويقبل به من أعضاء المؤتمر أنفسهم لا يصل حتى نصف العدد من الأعضاء.. والآخرون ليسوا مجرد محايدين بل معارضين له جهارا نهارا فكيف له وهذه الحال الادعاء بما يخالف لولا انه يعيش متشرنقا داخل إمبراطورية وهمية لا وجود لها على الأرض!!.. وبالمثل السيد زيدان فهو مجرد رئيس وزراء شرفي لحكومة وان وجد أعضائها فأن قدرتها على التنفيذ مكبلة فهي عاجزة حتى على توفير الأمن له ولأعضاء حكومته وهل بعد هذا نحتاج لأدلة؟! وأما السيد حفتر فهو مجرد ضابط متقاعد في جيش سابق تبخَر وتحلل فمن أين له القدرة على الفعل إذا؟!

المشكلة تبدو إذا في آلية التفكير لدى هذا الثلاثي, فلو تحرَروا جميعا من عقدة إمبراطورية الوهم التي يتشرنقون داخلها, وتخلَصوا من نظاراتهم المظللة لتبيَنت لهم وبجلاء حقيقة ليبيا وما تعيشه من فوضى وعبث ولأدركوا ان ليبيا واحدة وليست ثلاثة ولتحقق لهم الشفاء من هذا الحول الثلاثي الذي يظهر لهم ليبيا ثلاثة وليست واحدة!!. دائما أميل إلى حسن الظن في الجميع لذلك أرى ان هؤلاء الثلاثة ربما الذي دفعهم الى ذلك هو حب الوطن والحرص عليه وفي ذلك يكون جدير بهم الالتقاء لا الافتراق بمعنى ان يتساموا حبا في ليبيا ويتركون خلافاتهم الشخصية جانبا ويلتقون على طاولة حوار ومعهم كل الأخيار لرسم خارطة طريق واحدة موحدة بالاجتماع حول نقاط التوافق وما أكثرها ثم الانطلاق سويا في تنفيذ ذلك وبكل إخلاص ووطنية, عليهم إعادة التفكير من جديد بعقول متفتحة وقلوب نابضة بالتسامح والتصالح عليهم إعادة تركيز النظر بعيون مكشوفة وبدون نظارات ليروا الواقع كما هو لا كما ترسمه أقلام الوهم وألوانه البراقة الخادعة في مخيلات الباحثين خلف الحقيقة عن أشياء لا وجود لها إلا في إمبراطورية الأوهام.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. عبيد الرقيق

باحث ومحلل سياسي ليبي

اترك تعليقاً