زيدان و سفنزة

زيدان و سفنزة

أقدم لكم جمال الذي أتى من دولة عربية مجاورة و عمل منذ سنوات قريبة خلت سائقا لدى أقارب لي، كان لجمال هذا أسلوب عجيب في قيادة السيارة فإن أراد الاتجاه يسارا على سبيل المثال كان يمسك المقود من المنتصف بكلتا يديه و يديره إلى اليسار ثم يتركه فجأة و يعيد إمساكه بسرعة البرق مرة أخرى من المنتصف ثم يديره مرة ثانية إلى اليسار و هكذا دواليك كانت يدا جمال أثناء القيادة في حركة مستمرة و سريعة مشابهة لحركة يدي السنفاز، و حين باءت كل المحاولات التي بذلت لثني جمال عن القيادة بهذه الطريقة بالفشل كما لم تثمر معه كل طرق الإقناع و التحذير يئس منه أقاربي و جيرانهم و أسموه سفنزة، و استمر الحال هكذا و جمال يصم أذنيه عن النصيحة و يبتسم بسعادة بالغة كلما ناداه أحدهم “يا سفنزة” إلى أن تسبب في حادث عنيف كاد أن يودي بحياته و لاقت بعده السيارة حتفها و مصيرها المحتوم و انتهى بها المقام في”الرابش”.

جمال له في ليبيا مثيل هو رئيس وزرائها الذي يقود ليبيا بنفس أسلوب الأخ جمال سالف الذكر و هو مثله تماما لا يستمع لنصح و لا يقنعه منطق و لا يجدي معه نفعا سيل عرم من كتابة و خطابة، و لكن ليبيا ليست سيارة قد يفيدها فني ميكانيكا يعيد لها رونقها بعد أن تصطدم بحوائط عدم الاحترافية و التذاكي و سوء النية أو ربما كان زيدان يتصور أن ليبيا من الممكن أن يتم رميها و التخلص منها كما سيارة جمال و شراء وطن جديد غيرها “أصفار” طالما المال لدينا وفير، فسّروا لي إذا قراره الخاص بتشكيل لجنة على رأسها النائبة علا السنوسي التي لا تعرف قطعا آلية فتح اعتماد مستندي بل و ربما لا تعرف حتى آلية فتح حساب مصرفي و مع هذا كلفها زيدان بالقيام و من معها في غفلة بمتابعة و استرجاع الأموال الليبية في اليونان “يا للمهزلة” و كذلك قرار مجلس أمناء المؤسسة الليبية للاستثمار الذي يرأسه بشأن تشكيل مجلس إدارة جديد للمؤسسة في استمرار لمسلسل ضياع أموال الشعب المكلوم و في محاولة بائسة لإصلاح خطيئة بخطيئة أخرى “يا للأسف” و أيضا قراره الخطير بشأن نقل تبعية هيئة المشروعات العامة و إخضاعها لديوان مجلس الوزراء مباشرة في خطوة تقلل من الشفافية المطلوبة في واحد من أكثر الملفات فسادا في ليبيا “يا للهول”،ما سبق إذا أضفناه إلى الغموض المريب المستمر و إلى التكتم في غير مواضعه دلّ على وجود خلل في آلية اتخاذ القرار و على ارتباك في آلية و منهجية تفكير الرجل الذي يعاني كذلك من مشكلة عميقة في العمل الجماعي المنظم و يفتقر إلى وجود رؤية واضحة يتحرك في إطارها.

هنا أسجل اعتراضي و استهجاني و استنكاري لكل رغبات التغيير التي تحيد عن صندوق الانتخاب و عن الحوار المجتمعي و عن التدافع السلمي، إلا أن تعيين و إبقاء أشخاص في مناصب حكومية مرموقة رغم أن مكانهم الوحيد المنطقي الذي يجب أن نراهم فيه هو لجان التحقيق أو أقفاص الاتهام و إصرار زيدان غير المبرر على القيام بذلك أمر مستفز بامتياز يدفع باتجاه عدم الاستقرار وباتجاه المزيد من الاستقطابات الحادة في المجتمع كما يقوض جهود من يحاولون الدفع باتجاه المصالحة الوطنية و باتجاه أن يكون العزل السياسي عبر منصة القضاء النزيه دون غيرها، و مع أنني كنت و مازلت و سأضل ضد أي قانون استثنائي إلا أنني أجد في الحقيقة موانع أخلاقية و أستشعر حرجا بالغا في الكتابة رفضا و انتقادا للعزل السياسي بالتزامن مع توقيعات يمهرها حافظ قدور و علي الأوجلي و عبد الحميد الدبيبة و عبد الرحمن شلقم و آخرين غيرهم على عقود و قرارات و مكاتبا و صكوك باسم دولة ليبيا الجديدة التي قدمت آلافا من الشهداء “يا للعار”.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

خليل الكوافي

اقتصادي ليبي

اترك تعليقاً