«سلامة» يدعو الأمم المتحدة للقيام بدورها في ليبيا

دعا المبعوث الأممي الأسبق إلى ليبيا غسان سلامة، الأمم المتحدة للقيام بدورها في تسوية الأزمة الليبية.

وفي مقابلة مع جريدة “الأخبار” اللبنانية، حذر سلامة، من تراجع دور المنظمة الدولية في قيادة عملية التسوية السياسية للأزمة الليبية لأن ذلك من شأنه أن يسمح بعودة التنافس بين الدول.

وقال الرئيس السابق للبعثة الأممية، إن الأمم المتحدة هي الطرف الوحيد الذي ليست لديه مصالح اقتصادية ومالية في ليبيا والذي يمكن له أن يكون على طرف الحياد في النزاعات الداخلية، وفق قوله.

وأضاف سلامة، أنه إذا خرجت الأمم المتحدة من مقعد القيادة لا سيما في النزاع الليبي، فسيكون هناك تنافس حاد بين الدول المختلفة على الجلوس على هذا المقعد وهذا ما يحدث إلى حد ما اليوم في ليبيا، حسب وصفه.

وأوضح سلامة أن من الخطر أن يتراجع دور الأمم المتحدة في ليبيا، لأن غيابها سيؤدي إلى مزيد من التنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وإيطاليا وتركيا ومصر وغيرها من الدول، وقال إنها لا دور لها إلا إذا تبنت مصالح الشعب الذي تعمل معه.

كما أشار المبعوث الأممي الأسبق إلى أنه كان يهدف إلى تحقيق توافق بين الليبيين ثم الذهاب إلى المجتمع الدولي لاحترام ما اتفق عليه الليبيون لكن حفتر هجم على طرابلس ومنعه من تنظيم المؤتمر الوطني الليبي في مدينة غدامس الذي كان يمثل مختلف الشرائح الليبية.

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:

الأزمة العامّة لـ”النظام الليبرالي الدولي” هي أيضاً أزمة مؤسساتها، كالأمم المتحدة، التي أصبح دورها تدريجياً صورياً في أكثر من ساحة. لقد لعبتم دوراً مهماً في إنضاج المسار السياسي في ليبيا، الذي أفضى إلى اتفاق في برلين، ومن ثمّ نرى اليوم مجدّداً تعثّر هذا المسار. ما هي، برأيكم، الأسباب وراء ذلك؟ وما هو دور الأطراف الخارجية المختلفة والقوى المحلية؟

– في الحقيقة، هناك ثلاثة مبادئ سرتُ عليها في ليبيا: المبدأ الأول، هو ضرورة أن تكون الأمم المتحدة في مقعد القيادة، وأعتقد أنني أثبتُ ذلك. لماذا؟ لأن الأمم المتحدة هي الطرف الوحيد الذي ليست لديه مصالح اقتصادية ومالية في ليبيا والذي يمكن له أن يكون على طرف الحياد في النزاعات الداخلية. إذا أخرجتَ الأمم المتحدة من مقعد القيادة في أي نزاع، لا سيما في النزاع الليبي، ما ستشهده هو تنافس حاد بين الدول المختلفة على الجلوس على مقعد القيادة، وهذا ما نشهده إلى حدّ ما اليوم في ليبيا. أعتقد أن من الخطر أن يتراجع دور الأمم المتحدة هناك، لأن غيابها سيؤدّي إلى مزيد من التنافس بين أميركا وفرنسا وإيطاليا وتركيا ومصر وغيرها من الدول. الموضوع الثاني المهم، هو أن الأمم المتحدة لا دور لها إلّا إذا تبنّت مصالح الشعب الذي تعمل معه مقابل الدول الأجنبية. بالتالي، أجزم بأنه لم يحضر ديبلوماسي أجنبي واحد أي اجتماع ليبي – ليبي دعوتُ إليه. الهدف الثالث، هو أن تكون إلى جانب ضحايا قوى الفساد والنهب في البلد حيث تعمل، لا سيما في الدول الريعية مثل ليبيا والعراق، حيث هناك ثروات حقيقية هي موضع نزاع بين مختلف الأطراف. إن أخذت هذه الأهداف الثلاثة، يمكن لك أن تعمل مع الليبيين ليتفقوا على شيء ثمّ تذهب إلى المجتمع الدولي وتقول لهم “احترموا ما اتفق عليه الليبيون!”. كان هذا هدفي ولكن في شهر نيسان 2019، قام السيد خليفة حفتر بالهجوم على طرابلس، ومنعني من إنشاء المؤتمر الوطني الليبي، الذي كنت قد دعوت إليه في مدينة غدامس، والذي كان يمثّل مختلف شراح المجتمع الليبي. غيّرت استراتيجيّتي آنذاك، وقلت ذلك لمجلس الأمن، وقلت: “عليّ أن أبني أولاً تفاهماً دولياً يكون غطاءً لأي اتفاق يصل إليه الليبيون، لكنّني عاجز عن التوصّل إلى وقف لإطلاق النار”. ذهبنا إلى قمة برلين، بعد التفاهم مع السيدة أنجيلا ميركل، في منتصف شهر آب 2019، وانعقدت قمة برلين فعلاً في كانون الثاني 2020، وأنا أعتبرها حتى الآن هي المرجع الذي سارت عليه المسارات الثلاث المتزامنة، التي هي المسار الاقتصادي الذي أعاد عملية إنتاج النفط إلى ليبيا، والمسار العسكري 5+5 الذي لولاه لما حصل أي تفاهم سياسي، وأيضاً التفاهم السياسي. الآن، هناك الكثير من الأمور التي يجب القيام بها. ولكن على من تقع المسؤولية؟ أعتقد أن المسؤولية ثلاثية: المسؤولية الأولى هي على الأمم المتحدة، التي ربّما عليها أن تفهم أن الليبيين اقتنعوا بصوابية استراتيجيتها. لذا، ليس عليها أن تتلطّى الآن وراء فكرة “ندع الليبيين يتفاهمون الآن ونحن مجرّد شهود”، لا، الليبيون بحاجة إلى من يساعدهم. المسؤولية الثانية تقع على الليبيين أنفسهم، فالمسارات الثلاثة المذكورة آنفاً، هي ملكهم وعليهم أن يدافعوا عنها. المسؤولية الثالثة، تقع على الدول الخارجية، التي عندما رأت أن الأمم المتحدة خطت خطوة إلى الوراء في العملية النشطة للتوصل إلى تفاهم، بدأت مجدداً في التنافس على الأرض الليبية.

المشكلة الكبرى التي لدينا في ليبيا، هي أنّها لم تشهد انتخابات رئاسية سابقاً. حلّ نظام “القائد الملهم” في مكان النظام الملكي، وتلته الفوضى لمدّة عشر سنوات. لذلك، لدى كثير من الليبيين خوف من أن تؤدي الانتخابات، ليس إلى تأسيس المشاركة السياسية والحياة الديموقراطية في بلدهم، بل إلى استئثار شخص بعينه بالسلطة من خلال الانتخابات.

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً