عُذرا أيّها (الكبير)

عُذرا أيّها (الكبير)

سامي رضوان

كاتب وباحث ليبي

المحافظ  الكبير: بين حجرية التعامل.. ورداءة التدبير

لعلنا هنا في هذه الإطلالة السريعة لإلقاء نظرة على ما آلت إليه الأوضاع الإقتصادية في ليبيا والتي اكتوى بنارها المواطن البسيط الذي من المفترض أن يكون زبونا أو (عميلاً) بلغة المصارف العالمية تتسابق لكسب أكبر عدد من الزبائن لمصارفها التجارية وضمان حركتها المصرفية والإستفادة بما تعود به من أرباح مالية لها من خلال عدة برامج وتسهيلات تقدمها للزبائن..

إلا أن مصرف ليبيا المركزي وهو مؤسسة مالية تتولى الإشراف الكامل على تنظيم حركة انسياب الأموال وتدفقها للمصارف التجارية كافة بحزمة من القوانين واللوائح المصرفية التي تنظم عملها وهو الجهة المخولة قانونا من الدولة للتخاطب مع المصارف الدولية والعربية في نطاق الاختصاصات المالية المعروفة لتسهيل عمل المصارف التجارية الواقعة في نطاق اختصاصه الإداري والقانوني.. هذا المصرف إضافة الى ابتعاده فترة طويلة عن وسائل الإعلام التي تعتبر نافذة يطل من خلالها على المواطنين الأكارم (زبائنه) ويوافيهم أسبوعيا بما اتخذ من اجراءات لتنظيم سير العمل المصرفي باجراءات ملموسة وليست هلامية يلمسها ويتحسسها المواطن عندما تقوده قدماه المثقلة بأعباء الحياة اليومية الى مصرفه أملا في ايجاد مرتبه مصدر دخله الوحيد كما هو (النفط مصدر دخل ليبيا الوحيد) فاذا بهذا المواطن يجد نفسه رقما في طوابير خاصة للرجال وأخرى للنساء لا أبالغ بأنها قد يصل طولها الى كيلو متر أو أقل بقليل لتبدأ رحلة العذاب والانتظار في هذه الصفوف المتراصة أملا في الحصول على دنانير قد تصل في أقصاها إلى (500 د.ل).. ناهيك عن المعاملة السيئة التي يتلاقاها وهو أمام هذه المصارف  ضيقة المساحة حتى انها لم تستطع أن تستوعب اعداد زبائنها الذين لديهم حسابات جارية بها ناهيك عن ان المواطنين بدأوا يتسابقون في الحضور مبكرا الى المصارف (التي بدلا من أن تتباهى بتقديم أفضل الخدمات صارت تتباهى بطول الطوابير المتراصه أمامها) بل تعدى الأمر الى المبيت في سياراتهم أملا في الحصول على مرتباتهم لسد متطلبات أسرهم اليومية فمنهم من يتحصل على هذه الدنانير ومنهم من لايتحصل بحجة ( انعدام السيولة النقدية ونفادها من المصرف)!!!…

ولأنني إعلامي ولدي بعض الإلمام بالشأن الإقتصادي.. أعرف أن أسباب نقص السيولة في المصارف عديدة لعل أبرزها هي:

  • غلق الموانيء النفطية التي انعكست على ايرادات الدولة.
  • سحب رجال الأعمال لمدخراتهم من المصارف لأسباب شخصية.
  • انخفاض جباية الضرائب السيادية لخزانة الدولة.

مع كل هذه الأسباب التي أقدرها إلا أن المصرف المركزي بحكم تخصصه ومايزخر به من خبرات اقتصادية كان الأجدى أن ينكب ليلا نهارا لإيجاد حلول سرمدية لهذه المشكلة التي طالت كل بيت ليبي وأسرة ليبية (أطفال، رجال، نساء، شيوخ، مرضى، طلاب بالخارج) ممن لا يملكون شركات توريد سلع غذائية وغيرها التي تمت الموافقة على فتح اعتمادات لها فاستحت من هذا الشعب فورّدت حاويات فارغة إلا من الهواء وأُخر مليئة بأكياس من الأتربة وبقت الأموال التي تم تسييلها بالعملة الصعبة في حسابات بمصارف خارجية لهؤلاء التجار الذين وضع المركزي فيهم الثقة لتوريد عدد من السلع الغذائية في محاولة يائسة منه لتخفيف الأعباء عن كاهل المواطن.. فإذا به يثقله بكواهل أخرى ويدخل في دوامة نقاش عقيم حول كيفية التوريد؟.. وما هي العقوبات المنصوص عليها في قانون الجرائم الإقتصادية؟.. وغيرها…

فبينما سارع المصرف المركزي في فتح هذه الإعتمادات التي لم يستفد منها المواطن.. نجده قد تباطأ في تنفيذ قرار المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني والمتعلق بتفعيل صندوق موازنة الأسعار لجلب (إحدى عشرة سلعة غذائية) مطالبا المواطنين كلُّ في مكان سكناه التسجيل عبر البوابة الإلكترونية الخاصة بنقاط البيع أو مايعرف (بالجمعيات الإستهلاكية سابقاً) وبقائه منذ مايقارب العام ولازالت السلع لم توزع على المواطنين بالرغم من أن الدعم السلعي (الذي سرعان ماتم ايقافه ولم يُعط المواطن الدعم النقدي المقابل لذلك الدعم حسب عدد أفراد الأسرة التي حرمت كذلك من صرف علاوة لأبنائها) منذ العام  2015م وحتى الآن.. والمواطن ينتظر هذه السلع التي ستصرف له ببطاقة تسمى بطاقة الأسرة وفق اجراءات اتخذت في الخصوص …نلاحظ أن هذه البيروقراطيه الزائدة لم يتم اتخاذها عند فتح الإعتمادات لموردي السلع سابقا.. لماذا؟

وفي ظل هذه الظروف يطل علينا (الكبير) في ندوة صحفية منذ شهر تقريبا تفاءل الجميع بها علّها تجد حلولاً لمشاكل السيولة في المصارف واذا به يقدم تشخيصا لدى المواطن علم به مسبقا ولم يضف شيئا جديدا بل عدّد الأسباب لهذه المشكلة دون حل يُذكر.. ووجه اتهاماً لبعض الجهات مثل مصلحة الضرائب والمتمثل في ضعف جبايتها للضرائب السيادية الى خزانة الدولة التي بدورها سارعت في الرد على هذا الإتهام بالحجة والبرهان..

إن المواطن أيها (الصديق الكبير) ليس بحاجة الى محافظ مدة اقامته خارج البلاد أطول بكثير من اقامته داخلها ليكون محتكا بما يعانيه المواطن وليرى تلك الطوابير أمام المصارف ويكون على دراية بآلية وكيفية عمل هذه المصارف الواقعة في اختصاص المركزي ادارة ً واشرافاً وأن ينزع الغشاوة عن عينيه التي حالت دون النظر بعيون ثاقبة الى معاناة المواطن (الذي فقد الثقة في هذه المصارف ويفكر في رفع قضايا فيها لعدم توفير السيولة النقدية بالرغم من وصول الحوافظ المالية وتم تسلمها وايداع قيمها المالية في حساباتهم الجارية) أملا في حصوله على مرتباته.

كما أن المواطن لايرى في ورش عمل تقام خارج بلاد مساحتها مايقرب من مئتي مليون كم مربع ويتم اثقال كاهل الخزينة العامة بمصروفات لاجدوى للمواطن من وراء اقامتها سوى دعاية رخيصة للمركزي..

إننا ندعو وأمام هذه الظروف الإقتصادية الصعبة التي تعصف بالوطن والمواطن أن يتم تغيير المحافظ الذي لم يستطع أن يحافظ على أداءعمله بكل تفان واخلاص ومهنية وشفافية وإحالته الى المحاكمة للنظر في مسؤوليته عن رداءة الخدمات المصرفية وماشابها من قصور في الأداء انعكس سلبا على حياة المواطن ..ويجب التفكير مليا في من سيتم اختياره ليكون محافظا للمركزي ،حتى لانكرر الاخطاء وتتوالى المحن الاقتصادية التي نأمل جميعا في أن تتحول الى منح اقتصادية إن جاز التعبير.. وعذرا أيها (الكبير)…

 

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

سامي رضوان

كاتب وباحث ليبي

التعليقات: 1

  • ليبي حر

    للاسف هذا الرجل ضعيف جدا مهنيا وأغبى من أن يتقبل أية حلول ومقترحات خلاقة وابداعية على الارض فما بالك سرمدية.. وهمه الوحيد هو الاستمرار في المنصب حتى خراب ماطا…

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً