قطر شريك مشبوه لا مفرّ منه ‏

تظلّ قطر، راعية الاخوان المسلمين والمتهمة بدعم الإسلام المتشدد، شريكا لا مفرّ منه بالنسبة للإدارة الفرنسية الجديدة التي تحرص على الانتعاش الاقتصادي ولا تملك إلا أن تقبل بالاستثمارات القطرية الضّخمة.

لكن كلّ المؤشّرات تدلّ على أن العلاقات الفرنسية القطرية في عهد الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند لن تكون بنفس “الصّداقة المرضيّة” التي تميّزت بها في عهد سلفه نيكولا ساركوزي.

هولاند يرفض دعوة لزيارة قطر

فبالرّغم من أن هولاند استقبل الخميس رئيس الوزراء وزير الخارجية القطري الشيخ حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني لمدّة ساعة لبحثالأزمة السورية والملف الإيراني، إلا أنه كان قد “رفض دعوة وجّهت له لزيارة قطر على غرار أغلب ‏القادة السياسيين الفرنسيين”، كما كشفت مجلّة “لو بوان”.

كما أكّد مقرّبون من هولاند أن ‏”الرئيس الجديد لن يسعى إلى المبالغة في صداقة وهمية ولا يرغب في إقامة شبكات غامضة ووسطاء ‏يتجولون من هذا الجانب إلى الآخر، حتى وإن لن تكون هناك إعادة للنظر في العلاقات بين البلدين”.

وأضافت نفس المصادر أنه “سيتم تحديد العلاقات الفرنسية القطرية وفق مصالحنا وتطلعات ‏قطر، لكن بطريقة شفافة وواضحة”.‏

ويبدو أن الشيخ حمد قد فهم أن الدّوحة لا تستطيع الوثوق في هولاند كما كان الحال مع ساركوزي، عندما قال في مؤتمر صحفى عقب لقاءه بهولاند وبوزير خارجيته لوران فابيوس أن العلاقات بين البلدين “هي علاقة دولة مع دولة”، مبينا أنها “مبنية على مصالح مشتركة وتفاهم مشترك”.

ذكّرت “لو بوان” بأن ساركوزي كان حريصا، في يناير 2008، على “تحسين الاتفاقية المالية بين البلدين والتي تنصّ ‏المادة 12 منها (المتعلّقة بتفادي فرض ضرائب مزدوجة على المقيمين) على خلق ‏مأوى ضريبي يعفي من الضرائب على أرباح دولة قطر أو مؤسساتها العمومية الناتجة عن العقارات ‏في فرنسا”. وتساءلت المجلّة “هل ستحتفظ قطر بهذا المأوى الضريبي؟”.

قطر تنتظر “حماية من الجار السعودي”

‏وتتّفق المجلّة مع الرّأي القائل بأن “هولاند على وعي بأن فرنسا في حاجة إلى مستثمرين أجانب (…) وقد أطلق فكرة ‏إمكانية إشراك قطر في قطاع السينما”.

وأضافت “كما لا يمكن لرئيس الدولة أن لا يكترث بنمو حصة قطر من رأسمال مجموعة ‏’‏لاغردير’‏ التي ‏تنشط في قطاعين أساسيين، وهما الصحافة والطيران”.

‏وتمتلك شركة قطر القابضة نسبة تزيد عن 12,83 في المائة من راس مال لاغردير و10,05 في المائة من حقوق التصويت التي تملكها حاليا في المجموعة الفرنسية.

واختتمت “لو بوان” بالقول أن “الإمارة تنتظر نوعا من الحماية من قبل فرنسا من الجار السعودي الذي تخشاه (…) كما سيكون على ‏هولاند أيضا أن يتخذ موقعا له ما بين طرفي السلطة التنفيذية القطرية، علما بأن رئيس الوزراء ليس ‏على اتفاق تام مع الأمير نفسه”.

مربط الفرس … مالي

والأكيد أن هناك توافقا بين الدوحة وباريس فيما يتعلّق بالملف السّوري.

فخلال المؤتمر الصحفي، دعا الشيخ حمد الى “وضع مخطط لنقل السلطة سلميًّا” في سوريا، لكنه أضاف أن “الجانب السوري دائمًا يقبل بالمبادرات ويُفشلها”.

وذكّر المسؤول القطري بأن “الجميع أيّدوا في مؤتمر إسطنبول الانتقال إلى الفصل السّابع (حتى يكون لقرار مجلس الأمن الدولي) قوّة التنفيذ”، مما يعني الحاجة إلى قرار جديد بموافقة روسيا والصين عليه.

وكان الرئيس الفرنسي قد قال بدوره أنه “لا يستبعد” اللّجؤ إلى الحل العسكري تحت راية مجلس الأمن. وستحتضن باريس في 6 يوليو/تموز مؤتمر “أصدقاء الشعب السوري”، وهو المؤتمر الثالث من نوعه بعد اجتماعي إسطنبول وتونس.

لكن لم يصدر حتى الآن ردّ فعل رسمي في الدّوحة على اتهام الأسبوعية الفرنسية “لو كانار أنشينيه” قطر الأربعاء بالتّورّط في فرض حركات جهادية سيطرتها على شمالي مالي، نقلا عن ضباط في المخابرات العسكرية الفرنسية.

وفي حوار أجرته معه صحيفة لوموند، أشار وزير الدفاع الفرنسي الجديد جان-إيف لو دريان إلى “انشغال فرنسا بالوضع في منطقة الساحل” بإفريقيا، مضيفا أن “هناك احتمالات قوية كي ‏تصير المنطقة معقلا جديدا للإرهاب، فضلا عن التفكك الذي تشهده مالي”.

غير أن أن الوزير أشار إلى أن فرنسا لا ‏تنوي مع ذلك العودة إلى تقاليد التدخل مشددا على “ضرورة تحرك المنظمات الإفريقية”. ‏وأضاف “بعد أن يتم تحديد مهمة من طرف الأمم المتحدة بطلب من المنظمات الإفريقية فيمكن عندئذ ‏النظر في الطريقة التي ستشارك بها فرنسا عسكريا”.

وأكّد الوزير أن “فرنسا لا ينبغي أن تتهرب من ‏مسؤولياتها”.‏

اقترح تصحيحاً

اترك تعليقاً