قطر والإمارات: المتشابه والمختلف (1/3)

قطر والإمارات: المتشابه والمختلف (1/3)

د. أحمد معيوف

باحث أكاديمي ليبي

لقد كثر الحديث عن قطر ونقدها، وبدرجة اقل عن الامارات، وانبرت الاقلام في النيل من قطر ومن التيار الاسلاماوي الذي تدعمه قطر، وبالتأكيد للامارت خصوم انبرت الاقلام وسال الحبر في نقد تدخلاتها. طبعا، بصفتي ليبي، وفي الوضع الراهن، لا يهمنى كل ما تعج به الاذاعات والصحف، وما يسطره الكتاب عن قطر و الامارات، بقدر ما يهمني تقييم دور هاتين الدولتين القزميتين (اللاتي لا تكادا تظهرا على خارطة العالم لتضائل مساحتيهما الجغرافية ولهما حضور صارخ على المستوي الدولي) على ليبيا، هذه المقالة تتحدث عن قطر والامارت من باب معرفة العدو.

قطر والامارات: المتشابه

دولة قطر، ككل الدول العربية، إمارة كانت ام جمهورية، تحكمها عائلة، الحكم فيها وراثي، تنعدم فيها التعددية السياسية، وليس فيها قانون يسمح بإقامة الأحزاب، تشترك مع السعودية وجل منطقة الخليج بتبنى المذهب الوهابي المحافظ. يبلغ عدد سكان قطر 1.7 مليون نسمة، ولا يتجاوز عدد القطريين 15% من هذا العدد. تملك قطر ثالث اكبر إحتياطي عالمي من الغاز، وهي المصدر الأول للغاز المسال، واغنى دول العالم (ترتيبها الاول في الدخل حسب مجلة “بيزنس إنسايدر- Business Insider” الأمريكية)، ويفوق عدد اصحاب الملايين فيها 10% من عدد السكان. وحسب مؤشر الشفافية العالمية فإن ترتيبها ياتي في المرتبة 20 في قائمة الدول المشمولة والبالغ عددها 176 دولة، اي ان نسبة الفساد السياسي فيها متدنية بالنسبة لدول العالم حسب مؤشرات الفساد العالمية. متوسط دخل الفرد يقارب 130 الف دولار سنويا. وتصنف قطر من قبل الأمم المتحدة الدولة العربية الأكثر تقدماً في مجال التنمية البشرية، كما تعتبر لاعباً رئيسياً مؤثراً في منطقة الشرق الأوسط، وحسب تقارير المنتدى الاقتصادي العالمي تحتل قطر المرتبة 18 في مؤشر التنافسية من بين 138 دولة شملها التقرير. كانت قطر محمية بريطانية منذ بداية القرن الماضي، ونالت استقلالها في عام 1971 م بعد ان اعلنت بريطانيا تخليها عن محمياتها الخليجية.

بالنسبة للامارت العربية، تقريبا لا تحتلف كثيرا عن قطر، دولة اتحادية تكونت عن اتحاد سبعة إمارات صغيرة تطل على الخليج، وهي امارة ابوظبي اكبر الامارت حجما وسكانا، تليها دبي، فالشارقة، رأس الخيمة، عجمان، الفجيرة وأم القيوين. ولكل امارة اميرها، ويشكل الامراء مجلس للحكم يترأسة امير ابوظبي. يقترب عدد سكان الامارات من 6 مليون نسمة، يشكل الامارتيون نسبة 16% من هذا العدد. تعتبر الامارات من اهم مراكز الاقتصاد العالمي، ومدينة دبي مركز لهذا الاقتصاد. يفوق متوسط الدخل السنوي 60 الف دولار، وهي بذلك تحتل المركز التاسع في العالم، والمركز 24 في مؤشر الشفافية العالمي، وحققت الامارت مؤشر تنافسي عالي وضعها في المرتبة 16. كانت الامارات العربية كدولة قطر محمية بريطانية منذ بداية القرن الماضي، ونالت استقلالها في عام 1971 م.

وفي حين كانت علاقات اسرائيل صريحة مع قطر التي بدأت مع مؤتمر مدريد الذي رعاه الرئيس الامريكي جورج بوش الاب في عام 1991 م بعد حرب الخليج الثانية، وقد ثم أول لقاء قطري إسرائيلي في الدوحة حين زار شمعون بيريز  قطر عام  1996، وافتتح المكتب التجاري الإسرائيلي الذي يعد بمثابة سفارة اسرائلية في الدوحة، ووقع اتفاقيات بيع الغاز القطري لإسرائيل، ثم توج بإنشاء بورصة الغاز القطرية في تل أبيب. فإن العلاقات الامارتية الاسرئلية لم تكن على نفس القدر من الصراحة حتى الان، فلا توجد علاقات طبيعية معلنة بين الإمارات العربية المتحدة وإسرائيل؛ فالإمارات العربية المتحدة لا تعترف بإسرائيل كدولة، ويحظر على حملة الجوازات الإسرائيلية دخول الإمارات. إلا أن ذلك لم يمنع من حضور عوزي لانداو، وزير البنية التحتية الإسرائيلي، مؤتمرًا لوكالة الأمم المتحدة للطاقة المتجددة في 2010، كانت هذه الزيارة هي الأولى على المستوى الرسمي، لحق هذه الزيارة زيارة أخرى لسيلفان شالوم، وزير الطاقة الاسرائيلي،  للمشاركة في مؤتمر لنفس الهيئة الأممية. وفي 29 نوفمبر 2015، صرحت وزارة الخارجية الإسرائيلية بنيتها افتتاح ممثلية لإسرائيل في وكالة الأمم المتحدة للطاقة المتجددة في أبو ظبي. وهو ما دفع وزارة الخارجية الإماراتية إلى التأكيد على أن هذه الخطوة لا تمثل تغيرًا في موقف الإمارات من إسرائيل. الخلاصة، ان الامارت لا تختلف عن قطر في قوة ومثاتة علاقاتها بما كان يسمى “الكيان الصهيوني”، وكان يعتبر “العدو الاول للامة العربية”.

كذلك هناك تشابه كبير في الانقلابات التي حدثت في كل الدولتين، وبين اعضاء الاسرة الحاكمة. ففي قطر كان اول انقلاب يعود الى العام 1960 م، حيث عهد الشيخ حمد بن عبد الله بسبب كبر سنه حكم قطر الى شقيقه الشيخ على بن عبد الله على ان يعود الى ابنه خليفة، الا ان الشيخ علي سلم الحكم الى ابنه احمد في نفس العام الذي تولى فيه الحكم، وبالتالي لم يحافظ على عهده لاخيه. في بداية عام 1972 انقلب خليفة بن حمد على ابن عمه احمد بن على واسترد حكم الامارة، وعين خليفة ابنه الشيخ حمد بن خليفة وزيرا للدفاع عام 1977، الذي بدوره انقلب على ابيه في سنة 1995 وقام بعزله مباشرة بعد مغادرته الدوحة في زيارة الى اوربا. وفي عام 1996 حاول نجل حمد الأكبر من زوجته الأولى، الشيخ فهد الانقلاب على والده عام 1996، انتصارا لجده ولكنه فشل في خطته، وعزل هو وشقيقه مشعل من جميع المناصب، ووضعوا قيد الإقامة الجبرية. وفي عام 2009 فشلت محاولة إنقلاب جديدة في قطر،  برز خلالها اسم حمد بن جاسم ابن عم حمد بن خليفة.

في الامارات كان الوضع مختلف قليلا، ففي حين لم ترتكب اعمال قتل ضد الانقلابيين في قطر، الا ان الامارات التي هي ايضا تعددت فيها الانقلابات، كان الموت نصيبا للانقلابيين. وصل عدد الانقلابات في دولة الامارات الى 12 انقلابا، وحضيت مشيخة ابوظبي تاريخيا بالنصيب الاكبر من هذه الانقلابات. كانت اولى محاولات الانقلاب اغتيال حاكم مشيخة ابوظبي الشيخ ذياب بن عيسى بن نهيان عام 1793 م، وتولى الحكم بعده نجله الشيخ شخبوط الذي نقل الحكم لابنه البكر محمد. حكم محمد بن شخبوط مدة عامين اعلن في اعقابها موته (او قتله) ليتولى بعده شقيقه طحنون الحكم عام 1818 م وانتهى حكمه باغتياله عام 1833 م ليتولى بعده شقيقه خليفة بن شخبوط والذي لقى مصير اخيه ايضا وتم اغتياله عام 1845، باغتيال خليفة تولى حكم المشيخة ابن اخيه سعيد بن طحنون، واستمر الحكم في اسرة بن نهيان حتى وصل الى حمدان بن زايد الذي حكم في الفترة بين 1912 و 1922 م وانتهت فترة حكمه باغتياله على يد اخيه سلطان. انتهى حكم سلطان عام 1926 باغتياله على يد اخيه صقر فحكم لمدة 3 سنوات انتهت باغتياله على يد ابن اخيه شخبوط بن سلطان الذي استمر في الحكم منذ ذلك الحين حتى عام 1966.

في عام 1966 بدأت مرحلة جديدة في دولة الامارات الا انها لم تنهي الانقلابات، حيث صدر قرار بتعبين زايد بن سلطان آل نهيان رئيسا للبلاد، وقام بالتعاون مع راشد ال مكتوم حاكم دبي بالتفكير في توحيد الامارات السبع، ووجهت الدعوة ايضا الى قطر والبحرين، فتكون اتحاد الامارات العربية بشكلها الحالي بعد ان رفضت كل من قطر والبحرين الانضمام الى الاتحاد.

توفي الشيخ زايد بن سلطان في العام 2004، وتولى بعده ولي عهده ونجله خليفة بن زايد آل نهيان، الا ان دور الشيخ خليفة تقلص في انقلاب ابيض قام به اخيه محمد بن زايد الذي يعتبر الحاكم الفعلي لدولة الامارات.

تكاد قطر والامارات تتشابه لحد التطابق، ولا يتوقف هذا التشابه فيما ورد، بل يتعداه الى دور اكبر يتمثل في اطماع ومطامح هاتين الدولتين في لعب دور ريادي عالمي، يحاولا فيه استخدم نفودهما المالي وعلاقتهما لتحقيق هذا الدور.

(يتبع ….)

والله من وراء القصد.

الآراء والوقائع والمحتوى المطروح هنا يعكس المؤلف فقط لا غير. عين ليبيا لا تتحمل أي مسؤولية.

د. أحمد معيوف

باحث أكاديمي ليبي

التعليقات: 1

  • رمضان محمد

    اشكر الكاتب على هدا المقال الواقعي والتحليلي للتشابه بل والتطابق احيانا خاصة في ما يتعلق بالتدخلات في الشأن الليبي خاصة الإمارات التي دفعت بكل تقلها في دعمها المادي والعسكري لخليفة حفتر. هدا ما أكده التقرير الأخير للجنة العقوبات في مجلس الامن بشان ليبيا حيت بين وبشكل واضح التدخل السافر للامارات وبشكل توتيقي لكل انواع الأسلحة خاصة الطيران.
    الامر الغريب بالنسبة لي كامتابع للشان الليبي هو ان المجلس الرئياسي وكأنه لم يسمع بهدا التقرير الخطر حيت لم يتخد اي اجراء بالخصوص. وهدا يشكل علامة استفهام كبيرة علها الأيام القادمة كفيلة بالاجابة عن سؤالنا.
    السؤال الدي يجب ان يطرح من المسؤول على ما وصلت اليه ليبيا ؟
    الليبيون وحدهم المسؤولون على هده التدخلات وهم وحدهم القادرون على حل مشاكلهم بأنفسهم دون تدخلات إقليمية او دولية. والطريق الاسهل لحل المشكل الليبي هو اللقاء المباشر بين لجنتي الحوار في مجلس النواب ومجلس الاعلى للدوله تنفيذا لما جاء في الاتفاق السياسي باعتباره الإطار العام والصحيح لأي تعديل للاتفاق.

التعليقات مغلقة.

التعليقات لا تعبر عن رأي موقع عين ليبيا، إنما تعبر عن رأي أصحابها.

اترك تعليقاً